بالحلال بالحرام، بالقتل بالبراميل بالكيماوي، بالتهجير بالسجون، إستطاع نظام الأسد الإنتصار على شعبه والبقاء على عرش سوريا، وليس المهم إن كان حاكماً أو محكوماً من قبل القوى التي أمدّته بكل أسباب هذا البقاء ولا زالت، وفي مقدمة هؤلاء روسيا وإيران ومعهما حزب الله.
دخلنا الآن في مرحلة المفروض أن تكون مرحلة تقييم هذا "الإنتصار" وتوزيع المغانم على المنتصرين والذين ساهموا بتحقيقه وبذلوا الغالي والنفيس من أجله، لأن قيمة أي إنتصار وأهميته إنما يكون بقدر ما يخدم الأهداف المعلنة أو على الأقل يكون قطافه بحجم ما بذل من أجله، وبتعبير آخر بأن يسيل هذا الإنتصار إلى مكاسب سياسية واضحة .
بعيداً عن الهوبرات الإعلامية، تعالوا نستقرِئ ما قد يحققه حزب الله من بقاء بشار الأسد بالسلطة في المرحلة القادمة، بدون أن ننسى هنا بأن بشار المرتمي الآن بالحضن الروسي هو غير بشار القديم حينما كان يتنعم بالحضن والدعم الإيرانيين، بالوقت الذي كان الروسي يتخبط بأزماته الداخلية ومشغول بعودة روسيا إلى الساحة الدولية.
إقرأ أيضًا: هل كان يعلم بشار الأسد بعودة السفارات العربية؟؟
وحتى لا نخوض بالتفاصيل، وكي نكون منصفين في تقييم المرحلة القادمة والمكتسبات التي سوف يجنيها الحزب، لأنه أول ما قد يتبادر لأذهاننا، هو الهدف الأكبر الذي لأجله دخل الحزب للقتال وقدم آلاف الشهداء الى جانب هذا النظام، كون هذا النظام يشكل رأس حربة في مشروع مقاومة العدو الإسرائيلي، وأن لا بديّة من بقائه بحيث قدمه حزب الله على أنه الرافعة الأساسية لمقاتلة العدو الإسرائيلي، فكان الطريق إلى القدس يمر من القصير ومن الزبداني، ومن حلب وصولاً إلى توحيد جبهتي الجولان والجنوب اللبناني.
إلا أن كل المؤشرات تقول، بأن مع إشتداد عود هذا النظام فإن جبهة الجولان عادت إلى سابق عهدها لعقود من الهدوء والإستقرار، وأن التسوية التي حصلت بالجنوب السوري ما كانت لتكون برعاية روسية حليفة للإسرائيلي لولا قبول نظام الأسد بشرط حماية حدود العدو كما هو ديدنه لعقود خلت. مع ملاحظة أيضاً أن حماية الحدود الجنوبية تفرض على الحامي نفسه حماية الحدود مع العراق لنفس السبب، وبالتالي فإن قطع طريق إيران بغداد بيروت ستكون من مهمات هذا النظام حتماً مما يعني أن الهدف الأول قد سقط بالضربة الروسية القاضية.
إقرأ أيضًا: كيف سيرد حزب الله على تحدي جبران
أما على المستوى العربي، فإن عودة المياه إلى مجاريها بين النظام والدول العربية مع إستمرار العداء مع طهران، يعني بشكل أو بآخر أن بشار الأسد انتُزع من الحضن الإيراني عملياً من دون الحاجة إلى الإفصاح عن هذا الأمر.
هذا على المستوى الميداني والسياسي، يبقى ما هو أهم من كل هذا، على المستوى الأخلاقي والديني، فإن التاريخ سوف يكتب أن طاغية من طواغيت العرب ثار عليه شعبه وكاد أن يُطيح به فتدخل حزب لبناني يدّعي مناصرة المستضعفين وأبقاه قابعاً على صدر شعبه إلى أمد غير معروف!!!
إن حال حزب الله مع بشار الأسد، سيكون تماماً كحاله مع اتفاق مار مخايل فما أن اشتد ساعد الرئيس ميشال عون وصهره حتى رمى حزب الله وشهر سيفه في وجهه عبر اصراره على الثلث المعطل بدون أي مراعاة لرغبات حزب الله، وهكذا سيفعل بشار الأسد حين يطلب بإنسحاب الحزب من سوريا لتكون المحصلة النهائية بأن بشار "انتصر" إنما حزب الله هُزم وخرج من المولد بلا حمص.