في تحوّل مفاجئ، بدّدت سنة 2018 معظم التشاؤم الذي ساد تحليل أوضاع شبه الجزيرة الكوريّة خلال السنة الماضية. ففي خريف 2017 نجحت #كوريا_الشماليّة باختبار صاروخ بالستيّ يستطيع مداه تغطية كامل مساحة الولايات المتّحدة تقريباً. وفي أيلول من السنة نفسها، نجحت باختبار قنبلة هيدروجينيّة كانت الأقوى منذ بدء تجاربها النوويّة سنة 2006. هذه الاختبارات وغيرها قوبلت بردود غاضبة من الرئيس الأميركيّ دونالد #ترامب ولعلّ أبرزها التهديد ب "النار والغضب". وبموازاة التصريحات الإعلاميّة أو "التغريديّة"، تمكّنت الولايات المتّحدة من دفع مجلس الأمن إلى تشديد العقوبات بشكل كبير على كوريا الشماليّة.
تغيّرات كبيرة في ستّة أشهر
تغيّرت الأجواء في كانون الثاني الماضي مع انفتاح كوريّ شماليّ على الجارة الجنوبيّة تمثّل بطلب المشاركة في الألعاب الأولمبيّة الشتويّة التي استضافتها بيونغ تشانغ في شباط. خلال تلك الألعاب، شاركت الكوريّتان في فريق نسائيّ موحّد للهوكي على الجليد بعدما شهدت الافتتاحيّة دخول الدولتين تحت علم موحّد. لم تفتح تلك الخطوة المجال أمام المزيد من المشاركات الرياضيّة المشتركة وحسب، بل أسّست أيضاً مساراً سريعاً نحو التهدئة والتواصل.
في أوائل آذار، أبلغت #سيول #واشنطن رغبة الزعيم الكوريّ الشماليّ #كيم جونغ أون بإجراء حوار مع الرئيس الأميركيّ الذي بادر إلى قبول المقترح في الثامن من الشهر نفسه. وقال ترامب في تغريدة إنّ "كيم جونغ أون تحدّث عن نزع السلاح النوويّ مع مسؤولي كوريا الجنوبيّة وليس تجميداً فقط...".
افتتح قبول ترامب بالحوار خطّين متوازيين من الأمل والتشكيك، فأتت تلك التغريدة بمثابة الخلطة التي جمعت الرغبة بفتح صفحة جديدة من جهة وبداية التهيئة لصراع طويل حول تفسير المصطلحات من جهة أخرى. لكن مع استمرار التهدئة، كانت مساعي الانفتاح بين الكوريّتين تتسارع باطّراد وانتهت باستقبال الرئيس الكوريّ الجنوبيّ مون جاي إن لكيم في 27 نيسان الماضي. لكن في إزاء التطوّر الإيجابيّ بين البلدين، استمرّ المراقبون الغربيّون بالتشكيك بنوايا كيم الذي كان قد هيّأ نفسه للقمّة الكوريّة عبر زيارة أجراها إلى الصين أواخر آذار. في الرابع والعشرين من أيّار، بدا أنّ القمّة المنتظرة بين #واشنطن و #بيونغ_يانغ ذهبت أدراج الرياح بعدما أعلن ترامب إلغاءها إثر ردود كوريّة قاسية على مسؤولين أميركيّين تحدّثوا عن احتمال استخدام النموذج الليبيّ مع كوريا الشماليّة. لكن بعد ساعات، أعلن الطرفان استئناف تحضيرات اللقاء فيما عقدت الكوريّتان قمّتهما الثانية، هذه المرّة في الجانب الشماليّ من المنطقة المنزوعة السلاح. وفي 12 حزيران، استضافت #سنغافورة القمّة التاريخيّة التي جمعت ترامب بكيم والتي خرجت بعبارات مبهمة لم تذكر عبارة نزع السلاح النوويّ بشكل "نهائيّ ويمكن التحقّق منه وغير قابل للعودة عنه". وبذلك، استمرّ القلق من إمكانيّة مواصلة الكوريّين الشماليّين "التلاعب بالأميركيّين".