صفّق المنتصرون من أمّة الفتح والشهادة أو انهم لا يصفقون بل كبّروا تكبيرة النصر المسدّد عندما دخل العرب الى سورية فاتحين دكاكينهم الدبلوماسية ايماناً منهم بانتهاء مرحلة الحرب وبقاء النظام على ما هو عليه من خشية ومن خوف على مستقبل غير مضمون طالما أن التسويات الاقليمية ستتم على حساب رأس النظام ودفعاً منهم لبسط الفرس سيطرتهم على سورية وتركها لهم غنيمة حرب بعد أن هرب الهاربون من سورية وبقيت إيران وحدها في ساحة كانت من أنشط حروب المنطقة .
يعتبر الممانعون بأن إيران ربحت حرب العرب بانكفاء تيارات الموت وعودة أكثر المحافظات السورية الى شرعية النظام بتسوية محسوبة جيداً لصالح الروس لا الأتراك الذين باعوا المعارضة والعرب والغرب في لحظة تطرف اخواني بعد أن تأكد أردوغان أن الانقلاب عليه كان من تدبير الولايات المتحدة وبموافقة عربية وخليجية تحديداً .
واعتبروا زيارة البشير ومن ثم فتح سفارة الامارات العربية مؤشرات عربية على سقوط مشروعهم في سورية واستسلاماً كاملاً للمنتصر الايراني الذي ربح ما جاء وقاتل لأجله في بقاء سورية ورقة أساسية من أوراق الحرس الايراني أو ضمن ما يعرف بالهلال الشيعي كما حدّث أكثر من مسؤول في الحرس الثوري الايراني .
اقرا ايضا : اختبأ الروس وهرب الإيرانيون
لا شك بأن سطحية القراءة السياسية لنتائج الحرب السورية يمنح القائلين بنصر الممانعين أكثر من فرصة كونها تعكس رغبات و أهواء انفعالية مرتبطة بنشوة محدودة سرعان ما تزول أمام انتهاء مدة النشوة المستفحلة في لحظة انبهار بواقع يظهر شيئًا ويستبطن أشياء أخرى .
ولكن هذا لا يعني أن الايرانيين خسروا في سورية بقدر ما ربحوا من وجود كان في قمة أمجاده لو انه كان وجوداً غير مقيد بشروط تجعل منه شريكاً غير كامل الصلاحيات في شراكة مبنية على تفاهمات غير عادلة تعطي الروسي كل شيء من تدابير أمنية لحراسة أمن اسرائيل و اعادة لملمة جماعات وقطعان الجيش وفق ولاءات روسية وضمن التزامات واضحة تحددها القيادة الروسية في سورية ومن ثم تطعيم النظام بقوى معارضة من جماعة المنصة الروسية اضافة الى ترتيبات أمنية وسياسية مع تركيا تمنحها ماتحتاجه تركيا من سورية في بنية المصالح وفي الدور الكردي الذي سيتم تصفيته لصالح الأتراك .
كما أن روسيا ستكون معنية ومسؤولة عن سورية أمام المجتمع الدولي الذي اعترف وقبل بمنح سورية لروسيا كحصة تكتفي بها دون التطاول على حصص أخرى في منطقة لا مجال فيها للدور الروسي كمحاصص للغرب .
أجمع عرب اسقاط النظام السوري على أن العلاقة مع النظام من قبيل عدم ترك الباب السوري مفتوحاً للفرس و الروس و الأتراك وهذا كلام فيه دبلوماسية مهزومة كونه لا يتماشى مع نتائج الحرب التي فرضت نفسها على ضرورة التعاطي مع الواقع بلسان حاله لا بلسان ادعاءات فارغة تمكّنت من ضرب بنية النظام السوري وتفتيت وحدة الدولة وجعلها مشروع اعادة بناء طويل الأمد بحيث أصبحت سورية أصغر دولة عربية في ميزان القوة حتى لبنان بات أقوى من سورية بل إن سورية تحتاج هذا البلد الذي حكمته طويلاً لفك أطواق كثيرة عن رقبة النظام وهذا ما كرّس سياسات حزبية باتت أقوى من سياسات الأسد الذي بات شبلاً من أشبال أحزاب الله في لبنان .