من المفترض مع إنطلاق العام الجديد أن تعود الحرارة الى خطوط التواصل من أجل تشكيل الحكومة العتيدة، خصوصا أن بعد رأس السنة، يخشى كثيرون من أن يبدأ العد العكسي للانهيار وللفشل الذي قد يلحق بالطبقة السياسية في عدم قدرتها على تشكيل حكومة، وبالعهد الذي قد يمضي ما تبقى من ولايته في تصريف الأعمال، وفي توترات إجتماعية نتيجة التدهور الاقتصادي، من دون إستبعاد الخطر الأمني الذي يحيط بلبنان، وتسعى كل القوى العسكرية والأمنية الى محاصرته.
يبدو واضحا أن التحضيرات لاعادة هذه الحرارة بعد عطلة الأعياد قد بدأت، خصوصا بعد الجمود الذي سيطر على الملف الحكومي بسبب الانهيار ″الدراماتيكي″ لكل الآمال التي كانت تتطلع لأن تبصر الحكومة النور عشية الميلاد، وذلك بفعل إستعصاء “العقدة السنية” على الحل، والالتباس الذي حصل حول ممثل اللقاء التشاوري وما إذا كان من حصته أو من حصة رئيس الجمهورية، الأمر الذي أوجد جدارا بين الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر من جهة وبين حزب الله الذي حمل الوزير جبران باسيل مسؤولية فشل التسوية.
بالأمس كسر حزب الله هذا الجدار، من خلال الوسيط الذي أوصل معايدة السيد حسن نصرالله الى الرئيس عون لمناسبة الأعياد، وتواصل أيضا مع باسيل الذي عقد بدوره أكثر من إجتماع مع اللواء عباس إبراهيم الذي يبدو أن ثمة إجماع حول الدور الايجابي والتوفيقي القادر على أن يلعبه، خصوصا أن من إستطاع أن يحل أكبر المعضلات الاقليمية على صعيد تحرير الأسرى والمخطوفين قادر على أن يحرر الحكومة من العقد السياسية التي تتوالد ويسعى كل من التيارات أن يستفيد منها لمصلحته.
تشير المعطيات الى أن إستئناف المفاوضات سينطلق من المحطة التي إنتهت عندها، وهي تمثيل اللقاء التشاوري الذي يصرّ حزب الله على أن يكون لديه ممثل على طاولة مجلس الوزراء إنسجاما مع نتائج الانتخابات النيابية، ولم تستبعد مصادر مطلعة أن يعود إسم جواد عدرا الى الواجهة في حال تم التوافق معه على أن يكون ممثلا حصريا للقاء في الحكومة، أو إجراء مشاورات مكثفة تفضي الى تسمية مرشح جديد يكون من حصة رئيس الجمهورية ويمثل اللقاء حصرا، سواء من بين الأسماء التي سبق وقدمها أو من خلال أسماء جديدة يمكن أن يطرحها وتحظى بموافقة الرئيس عون ويختار أحدها.
وتقول المعلومات أن لا ثلث معطلا أو ضامنا لأي فريق، بل الاتجاه سيكون نحو إعتماد الثلاث عشرات، الأمر من شأنه أن يؤمن التوازن ضمن الحكومة.
أما المخاوف الحقيقية التي ما تزال ترخي بثقلها على الجميع هي في موضوع إعادة توزيع الحقائب التي طرحها الوزير باسيل ومحاولته الحصول على حقيبة البيئة التي سيكون لها إهتماما خاصا ماديا ومعنويا في مقررات مؤتمر ″سيدر″ ما يجعلها وزارة دسمة وأساسية، لكنها كادت أن تعيد الأمور الى المربع الأول، خصوصا بعد الموقف الحاد الذي أبداه الرئيس نبيه بري خلال لقائه الرئيس الحريري، وتهديده باعادة طرح توزيع الحصص على الأطراف السياسية، ومطالبة الثنائي الشيعي بالحصول على الحصة التي تمنحه إياها نتائج الانتخابات النيابية، وهو أمر من شأنه أن يجعل العدّ يبدأ من جديد وهذا ليس من مصلحة كثير من التيارات السياسية.
يقول أحد المطلعين: إن موضوع الحقائب يجب أن يُطوى، أو أن يسارع المعنيون الى أن يجدوا له المخارج الملائمة، كما أن على الوزير باسيل أن يعي بأن ″ما كل ما يتمناه المرء يدركه″، وأن وزارة الأشغال باتت من حصة المردة بشكل نهائي، وأن عليه أن يعمل على تدوير بعض الزوايا بما يساعد في ولادة الحكومة قبل أن يدخل الملف السوري بقوة ويفرض نفسه على عملية التأليف خصوصا بعد الانفتاح العربي على النظام.