لا يختلف إثنان على الحال المتردي لمدينة بعلبك وجوارها، بدءاً من الوضع الأمني الذي يصيب كل فرد من العائلات البعلبكية وأحياء المدينة ومحيطها، إلى الوضع الإقتصادي الذي بات همّ المواطن وأصحاب المحال التجارية الذين أغرقتهم الديون، وما بينهما من الأمور الحياتية التي تُعدّ من أبسط الحقوق للمواطنين.
ولأنّ الشيء بالشيء يُذكر لا تنفك السلطة المحلية والأحزاب ذات القاعدة الشعبية العريضة في المدينة تسعى إلى تحسين الأوضاع خدمةً للمواطنين وتحقيقاً للبرامج الإنتخابية التي دخلت حيّزَ التطبيق، والبحث عن الكمال والأفضل تقديراً لتضحيات هذا الشعب الذي عانى ولا يزال، وعليه كان البدء بقرار إنشاء المحافظة في الجرود ما يرفع عن كاهل المواطنين ويجمع إدارات الدولة في مبنى واحد، ويفتح آفاقاً إقتصادية جديدة.
من جهتها وبعد سلسلة إنجازات لها بدأت بتأهيل السوق التجاري و«سوق اللحامة» وبعد سلسلة إعتراضات من قبل اصحاب المحال الملاصقة لقلعة بعلبك والتي لا تستفيد إلّا في مواسم معيّنة جراء خطة السير التي كانت معتمَدة، ولأنّ تلك الخطة لا تتناسب مع التحديث حيث كان مدخل المدينة هو المخرج والعكس صحيح، عمدت بلدية بعلبك إلى الشروع منذ أكثر من شهر في تنفيذ خطة سير لا تزال قيد الدرس والتجربة في سبيل تطويرها للوصول إلى النتيجة المرجوّة.
لم تُجدِ خطة السير المعتمَدة نفعاً وفق البعض إلّا في التمييز بين مدخل المدينة ومخرجها فيما زادت من حجم الزحمة في السوق التجاري حيث ينتظر المواطنون في سياراتهم لأكثر من ربع ساعة أحياناً لجملة أسباب أوّلها تداخل الخطوط فيما بينها، كذلك ضيق المساحة التي تقطعها السيارات، وحجم السوق المحصور في بقعة معيّنة، ناهيك عن السيارات المتوقفة على جانبي الطريق طيلة اليوم والتي تعود لأصحاب المحال التجارية ما يضيّق عليهم وعلى الناس التي تقصد السوق للتسوّق.
يوسف الخرفان أحد أصحاب المحلات في السوق يرى أنّ الخطة الحالية لا تنجح إلّا إذا أُعيد فتحُ الطريق أمام قلعة بعلبك وهو كان مخرجاً في السابق، بحيث يصبح هناك مخرجان للمدينة ما يخفّف الزحمة.
كذلك يؤيّد العدد الكبير من المواطنين هذا الحلّ فيما تعترض عليه البلدية للحفاظ على الإرث الثقافي كون الدخان المتصاعد من السيارات والعوادم يؤثر على الآثار، وهنا يسأل أحد المواطنين عن صحتهم إذ يمرّ خطُّ السير داخل «سوق اللحامة» حيث اللحوم موزّعة أمام المحلات وتمتصّ الدخان وغيرَه، ويقول: مَن الأهم صحّة المواطنين أم الآثار.
كذلك يرى أحد المواطنين أنّ المشكلة تكمن في أصحاب المحلات التي تركن سياراتها أمام محلاتها منذ الصباح حتى المساء وهو ما يضيّق الطريق أمام العابرين، ويرى أنّ الحلّ لا يكون إلّا في اعتماد مواقف بعيدة من السوق وهي ثلاثة متواجدة حوله، وفرض إشتراكات شهرية يدفعها أصحاب المحال في المواقف، كذلك البدء بتركيب العدادات للمواقف أمام المحال وعلى جانبي الطريق ما يخفّف من الزحمة.
هنا ويذهب البعض إلى أكثر من هذا ويقول: إنّ الخطة المعتمدة والتي تتسبّب بزحمة سير يومية ما هي إلّا خطة وضعَها البعض للقول إنّ السوق التجاري ووسط المدينة بشكل عام ما عادا يتحمّلان الضغط السكاني وبالتالي لا خلاص إلّا باعتماد مركز المحافظة وفق المقرَّر له للتخفيف من هذا الضغط.
وفي السياق، أكد رئيس بلدية بعلبك العميد حسين اللقيس في حديث لـ«الجمهورية» أنّ خطة السير قيد التجربة بعدما تمّ تغييرُها، وأيّ حلّ أنسب للمواطنين وتجار المدينة، البلدية تقوم بتنفيذه، وبعد تجارب عدة لخطوط سير واحدة لم تنجح بسبب ضيق الشوارع، كان يهم البلدية مدخل المدينة حيث تمّ تنفيذه.
ورأى أنّ أيّ قرار له حسناته وسيئاته ونحن نحاول تحسين شروط السير في المدينة وإعادة النظر في الإجراءات المتّخذة، وحول جعل مخرج المدينة أمام القلعة يقول: إنه من غير اللائق جعل المخرج أمام القلعة حيث السياح والزوار كذلك للحفاظ على الإرث الثقافي للمدينة، وهناك إتجاه لإغلاق سوق اللحامة إلّا أمام السيارات التي تنقل اللحوم، مضيفاً أنّ المدينة أصبحت مركز محافظة والطرقات قديمة وضيّقة ولا مجال للتوسعة وبالتالي فمن الطبيعي حصول زحمة، وختم أنّ التطوّر الطبيعي للمدن يفترض بتوسّعها وخلق أسواق وشوارع جديدة وبالتالي فإنّ مدينة بعلبك في طور التوسع والبلدية تقوم بوضع مخطط لهذا التوسع مع الإبقاء على المدينة القديمة.
عليه لا خلاص اليوم إلّا بالشروع في تنفيذ المخطط التوجيهي لـ«نيو بعلبك» الجديدة وإنشاء مركز المحافظة والدفع باتّجاه تحسين الوضع الإقتصادي وتخفيف الضغط عن داخل المدينة.