لم يكن قصف العدو الإسرائيلي لدمشق مجرد رسالة عادية أو تذكرية لمن فاته أن العدو على صلة مباشرة بمستقبل سورية وبأوضاعها الحالية وخاصة بعد خروج أميركا وترك الباب السوري مفتوحاً لتركيا كما قال ترمب وبعد أن ظنّ الايرانيون أنهم تموضعوا في سورية وبات من المستحيل تهديد وجودهم من قبل أحد بعد مغادرة الجنود الأمريكيين وانتهاء أدوار العرب وبات الوضع السوري مستقيماً على النفوذ الروسي أولاً والتركي ثانياً والإيراني ثالثاً وهذا ما غلب العرب الذين باتوا خارج السياج السوري.
لم تفلح كل دعايات الممانعيين بتصوير الوضع في سورية بأنه أكثر من طبيعي وأن النظام استمر واستقر وخسر اللاعبون والمراهنون على تغيير الأسد وما عاد بمقدور أحد اعتراض التدابير الجديدة والتي يلعب فيها الروس دوراً أساسياً في حماية الأمن السوري من أيّ مخل وخاصة من العدو الاسرائيلي الذي يرتجف من الصواريخ الروسية التي أحاطت النظام لتحميه وتهدد من يهدده وخاصة اسرائيل المتمادية في ضرب أعماق الأمن السوري واستهداف التجمعات الايرانية دون أي اعتبار لأحد ممن يصرّح بدون مسؤولية ضدّ عدو يضرب دون حسابات تُذكر لأحد من دول حماية النظام السوري.
إقرأ أيضًا: الشيوعيون وذكور نحل الممانعة
أمس كان المشهد مأسوياً مسرح كامل لجريمة غير مكتملة كونها مستمرة العروض ولا نهاية لها في ظل غياب كامل لأي مواجهة تُذكر أو ردود مباشرة وسريعة سوى رعود على الأطلال وتهديدات هرب منها أمس وزير خارجية ايران ونفض يديه من ألسنة الحرس القائلين بتدمير "اسرائيل" ونفى هذه الأقوال نفياً قاطعاً والعجب كل العجب بجحافل الروس الذين ولّوا مذعورين محتمين في حميميم حتى لا تطالهم شظية صاروخ عابر لكل الدول ولكل الأنظمة ولكل التدابير ولكل الاحترازات ولكل التهديدات ولكل العياط والصراخ والتصريحات الممّلة والخطابات العنترية والمتعنترة على عدو يتحكم بمنطقة كاملة بحيث يستطيع فعل أيّ عدوان على من يشاء دون اهتمام بردات أحد طالما أنها ردّات دول لا طاقة لها على مواجهة "اسرائيل" ولا من دولة تستطيع أن تقول لاسرائيل (يامحلا الكحل في عيونك) مخافة أميركا وهذا ما سخف من الروس ومن القيصر الصغير الذي بدا أقلّ من قزم أمام اسرائيل وكأن حماية حليفه الأسد ومصالحه في سورية مختصرة على المعارضين السوريين فقط فهو تراجع ذليلاً منكسراً سابقاً أمام تهديدات أميركا وهرب مختبئاً في إحدى الجحور السورية وها هو مع كل ضربة اسرائيلية يهدد بالأس 400 بعد أن يهرب من أمام كل ضربة اسرائيلية ويعتبر أن حدود أمنه هو قاعدة حميميم ومربط البواخر الروسية في طرطوس دون أن يكون له أيّ علاقة بما يجري في مناطق أخرى في حين أنه يطلق صواريخ عابرة للقارات على المناطق السورية ضد الأطفال والنساء والشيوخ وهذا ما جعل من روسيا دولة ارهاب لسفكها دماء سورية على مرأى من العالم وفي تحد مباشر للمنظمات والتشكيلات الدولية وللقوانيين والأعراف التي تفرض عقوبات على من يطال المدنيين بقرصنة فاضحة وبجريمة بشعة تهزّ وجدان العالم وضميره الحيّ والميّت في أحايين كثيرة.