شهد مجلس بلدية طرابلس يوم أمس سابقة خطيرة تمثلت باقتحام شبان يدّعون أنهم يمثلون المجتمع المدني قاعة الاجتماع وعملوا على تعطيل الجلسة إحتجاجا على فشل العمل البلدي برمته، ما من شأنه أن يُمعن في ضرب هيبة موقع رئيس البلدية المهندس أحمد قمر الدين وأعضاء المجلس ويضعها في مهب الريح، ويكرّس أعرافا جديدة لم يسبق لأي مجلس بلدي أن واجهها.
بغض النظر عن كل الاعتراضات التي يواجهها رئيس البلدية وأعضاء المجلس البلدي، وكل الاتهامات لهم بالفشل وبعدم الاهتمام بشؤون المدينة وأهلها، إلا أن ما حصل لا يعني قمر الدين وأعضاء المجلس فحسب، بل يعني موقع رئيس البلدية وحضور الأعضاء وما يمثلونه من سلطتين تقريرية وتنفيذية، وما أثار إستغراب أبناء المدينة هو قيام عدد من أعضاء المجلس بتأييد إقتحام الشبان لجلسة المجلس ومحاولتهم ركوب “الموجة الشعبية” بالدفاع عنهم، متناسين أن ما حصل يسيء إليهم كأعضاء منتخبين، ويضرب هيبتهم وحضورهم في المدينة مهما كانت الظروف والمعطيات.
ماذا حصل خلال جلسة المجلس البلدي أمس؟..
تقول المعلومات أن تنامي الاعتراض على المهندس أحمد قمر الدين بلغ الى تطيير نصاب الجلسات السابقة، وأن جلسة يتيمة عقدت قبل فترة فقط من أجل إقرار موازنة العام 2019، وأن ثمة ثورة تجتاح المجلس ضد الرئيس قمر الدين بما يخص ملف تعيين 70 شرطيا بلديا.
بالأمس كانت جلسة المجلس البلدي بمن حضر، بعدما فقدت الجلسة الماضية نصابها، حيث يجيز القانون لرئيس البلدية أن يدعو لجلسة ثانية بحضور ثمانية أعضاء فقط، وقد حضر 12 عضوا، لكنهم كانوا متوافقين على عدم مناقشة أي بند من جدول الأعمال إلا بعدما يصار الى حل ملف تعيين عناصر الشرطة البلدية.
وتضيف المعلومات أن هناك أربع لجان تهتم بملف تعيين عناصر الشرطة هي: اللجنة الطبية، اللجنة الرياضية، اللجنة التقريرية، واللجنة الرئيسية التي من المفترض أن تضم أعضاء من المجلس البلدي.
اللافت أن رئيس البلدية لم يسم أي من أعضاء المجلس البلدي في اللجنة الرئيسية التي من المفترض أن تصلها نتائج اللجان الثلاثة لدراستها وإصدار النتائج النهائية، حيث شكل قمر الدين لجنة تقتصر عليه وعلى مندوب عن الداخلية ومندوب عن هيئة السير، وأمين سر المجلس البلدي، وقد لاقت خطوة قمر الدين إعتراضات واسعة من قبل أعضاء المجلس البلدي الذين إتهموه بالسعي لارضاء “تيار المستقبل” بتعيين أكبر عدد ممكن من الشرطيين الذين يدعمونهم لضمان تجديد ولايته في أيار المقبل، وعندما عُرض موضوع هذه اللجنة في إحدى الجلسات، أشار قمر الدين الى قرار صادر عن المجلس البلدي يفوضه بتشكيل اللجنة كما يشاء، الأمر الذي إستغربه الأعضاء بشدة، معتبرين أن في الأمر تزوير، لكن قمر الدين أصر على موقفه، وأصر أيضا على عدم إدخال أي عضو من المجلس البلدي الى اللجنة الرئيسية.
وخلال جلسة الأمس كان الأعضاء يريدون مناقشة هذا الأمر مع قمر الدين قبل مناقشة أي بند من بنود جدول الأعمال، لكن قمر الدين فوجئ باقتحام شبان قاعة المجلس البلدي، حيث إنهالوا عليه بالاتهامات بالفشل وبعدم الاهتمام بالمدينة، متسائلين أين الزفت والاشارات الضوئية؟، فسارع قمر الدين الى الرد عليهم بأن “الزفت والإشارات الضوئية سيبصرا النور قريبا بعد أن أنجز تلزيمهما مؤخرا حسب الأصول، لافتا إنتباههم الى أن حضورهم الجلسات يحتاج إلى كتاب وموافقة مسبقة، وإن مداولات الجلسات تبقى سرية فيما القرارات تنشر حسب الأصول، وأنه على استعداد لاستقبالهم في مكتبه والاستماع لمطالبهم ومناقشة قضاياهم”.
وعندما طلب منهم قمر الدين الخروج من قاعة المجلس، رفضوا وإفترشوا الأرض داخل القاعة، وعند تدخل عناصر الشرطة البلدية لاخراجهم تدخل عدد من الأعضاء رافضين خروجهم معتبرين أنهم يمثلونهم، عندها رفع قمرالدين الجلسة وغادر.
بعد ذلك إشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بما شهدته قاعة المجلس البلدي، وقد إنضم عدد من أعضاء المجلس البلدي الى المرحبين بما قام به الشبان، إنطلاقا من أن ما حصل يصب في مصلحتهم لجهة إستهداف قمر الدين والاطاحة به، لكن البعض الآخر ومن بينهم أعضاء في المجلس البلدي لم يحضروا الجلسة إعترضوا على ما قام به الشبان، معتبرين أنها سابقة خطيرة، خصوصا أن للمجلس البلدي هيبته وحرمته ولا يجوز لأي كان إقتحامه بهذا الشكل، منتقدين بشدة الأعضاء المرحبين الذين يسيئون الى أنفسهم قبل أن يسيئوا الى قمر الدين، لافتين الانتباه الى أن معارضتهم الشديدة لـ قمر الدين وسعيهم لعدم تجديد ولايته في أيار المقبل، لا يعني أن يتركوا موقع رئيس البلدية عرضة للاعتداء أو الاستهزاء، خصوصا أن الأشخاص زائلين أما الموقع فباق ويجب الحفاظ على كرامته وهيبته.