قال باحثان إسرائيليان إن "الجدل الدائر حول مستقبل العلاقات الأميركية السعودية سيترك آثاره على إسرائيل، رغم أن الإدارة الإسرائيلية لطبيعة تدحرج قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي حتى الآن تسير في الاتجاه الصحيح، وعليها الاستمرار في السياسة ذاتها".
وقال إلداد شابيت ويوآل جوزينسكي، في ورقة بحثية أصدرها معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، أن "إسرائيل في تعاملها مع الشأن السعودي مهم أن تقف على خط متوازن بين انتقاد أي انتهاك لحقوق الإنسان من جهة، وبين قناعتها بأن السعودية لها دور أساسي في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، والدفع بالمصالح المشتركة السعودية-الإسرائيلية".
وأضاف شابيت، الجنرال في جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان"، ورئيس شعبة الأبحاث بمكتب رئيس الحكومة، وتتركز دراساته الأكاديمية في شرق آسيا والشرق الأوسط أن"إسرائيل تراقب الخلاف الأميركي الناشب بين البيت الأبيض والكونغرس حول طريقة التعامل مع تبعات قضية خاشقجي، بمن فيهم أعضاء جمهوريون حلفاء للرئيس دونالد ترامب، لكنهم وصلوا إلى خلاف معه حول هذه القضية".
وأوضح أن "ذروة الخلاف الأميركي الداخلي وصلت عندما أعلن الكونغرس تحميل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسؤولية قتل الصحفي، أو مطالبة البنتاغون بوقف إمداد السعودية بالسلاح لاستمرار حربها ضد الحوثيين في اليمن".
وأكد أن "إسرائيل ترى أن الحفاظ على وضعية بن سلمان، التي يبدو عليها الضعف سواء في الساحة الداخلية السعودية، أو الخارجية في العالمين العربي والإسلامي، تتطلب منه القيام بسلسلة خطوات أساسية من شأنها التسريع بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، في ظل أن رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو انتهج سياسة واضحة منذ ظهور قضية خاشقجي، بالامتناع عن توجيه النقد والهجوم المباشر باتجاه ابن سلمان".
وأشار جوزينسكي، مدير دراسات الخليج العربي، وعمل مع أربعة من رؤساء مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وثلاث رؤساء حكومات، إلى أن "إسرائيل ترى أن استقرار السعودية من شأنه أن يساعدها في الصراع الدائر ضد إيران، وهو ما تشترك فيه إسرائيل مع العديد من أطراف المجتمع الدولي والولايات المتحدة الذين يرون جميعا في استقرار السعودية الداخلي مركب أساسي في الدفاع عن مصالح تلك الدول في الشرق الأوسط".
واستدرك بالقول إن "دوائر صنع القرار في تل أبيب رصدت ارتكاب ولي العهد السعودي في السنة الأخيرة سلسلة خطوات وإجراءات ساهمت في زعزعة الاستقرار الإقليمي، بحيث بدا أن السعوديين يعملون لصالح السياسة الإيرانية في المنطقة، وكل ذلك أسهم بإضعاف المملكة، ومن هذه الخطوات: زيادة قبضة القوة ضد المعارضة الداخلية وصلت ذروتها بقتل خاشقجي، واستمرار الحرب في اليمن، والصراع ضد قطر، واختطاف رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري".
وأوضح أن "إسرائيل لديها مصلحة في استقرار السعودية، وفي الوقت ذاته تفهم أن زيادة الضغوط الخارجية على المملكة ستعمل على زعزعة الاستقرار الداخلي، ما يتطلب من إسرائيل المحافظة على شبكة العلاقات مع ولي العهد السعودي دون إفراط، خشية الإضرار بصورتها الأخلاقية حول العالم، وحتى لو أن السعودية لم تقم في المدى القريب باتخاذ خطوات تقاربية مع إسرائيل، لكنها ستقوم بذلك على المدى البعيد".
وختمت الدراسة بالقول إن "بعض الخطوات السعودية المنفلتة من أي عقال قد يكون لها تبعات سلبية على إسرائيل، الأمر الذي يتطلب منها العثور على طرق ملائمة لإيصال رسائل لولي العهد السعودي بأن هناك حدودا لاستخدامه القوة، وأنه ملزم بأخذ مصالح باقي الأطراف والجهات في المنطقة بالحسبان عند قيامه بأي خطوة أو قرار".