وتأتي التظاهرة بعد نحو أسبوع من تظاهرة دعت إليها كنفيدرالية نقابات موظّفي القطاع العام وشارك فيها الآلاف احتجاجا على غلاء المعيشة في محافظة ديار بكر ذات الغالبية الكردية في جنوب البلاد.
ويواصل الرئيس التركي المضي قدما في سياساته الانتقامية والقمعية ضدّ الآلاف من الموظفين الأتراك بقطاعات مختلفة في إطار عملية تطهير ضد كل من يشتبه في علاقته برجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالتخطيط لمحاولة انقلاب الفاشلة في عام 2016.
ومع اقتراب الاستعدادات للانتخابات البلدية (مارس 2019)، كثّف الرئيس التركي من هذه السياسة كما صعّد من نبرة خطابه “العاطفي” بشأن دور تركيا في الذود عن حقوق الإنسان والمسلمين مقابل سياسات الغرب المدمرة والمذكية للصراعات، في تعارض كبير مع خطابه ووقائع موثّقة في الداخل والخارج، سواء في خصوص حملات التعذيب والاعتقال ووضع البلاد الاقتصادي الهش، أو على مستوى السياسة الخارجية حيث تواجه تركيا عزلة إقليمية، وتوترا مع الأوروبيين والأميركيين. وصعّد النظام التركي حملة الاعتقالات التي يشنها منذ أيّام بحقّ المئات من الأكراد الذين تتهمهم بالانتماء إلى حزب العمال الكردستاني الذي تصفه أنقرة بـ”الإرهاب”، حيث تأتي الاعتقالات بعد أيام من تحذير أردوغان بأنه سيقيل أي رئيس بلدية ينتخب في الانتخابات المحلية التي ستجرى في العام المقبل إذا تبين أن له صلة بالإرهاب.
واعتقلت الشرطة التركية العشرات من الأشخاص للاشتباه بعلاقتهم بحزب العمال الكردستاني في عملية أمنية شملت تسع مدن، وفق بيان صادر عن مكتب الادعاء العام المحلي في ديار بكر ذات الغالبية الكردية والتي شهدت أيضا حصول اعتقالات.
وقال البيان إن الشرطة اعتقلت 90 من أصل 151 مشتبها بهم مطلوبين خلال المداهمات التي استهدفت 183 موقعا، حيث يتعرض مناصرو حزب العمال الكردستاني لمداهمات أمنية بشكل منتظم.
واستؤنفت الاشتباكات بين القوات الأمنية التركية وحزب العمال بعد انهيار وقف لإطلاق النار بينهما عام 2015، حيث أدى الصراع بين حزب العمال والحكومة التركية إلى مقتل أكثر من 40 ألف شخص منذ عام 1984.
ويدير قائمون بالأعمال الآن 94 من 102 بلدية في المدن والبلدات ذات الأغلبية الكردية وليس رؤساء البلديات الذين اختيروا في آخر انتخابات محلية أجريت عام 2014، حيث عزلتهم السلطات في الحملة الأمنية التي أعقبت محاولة انقلاب عام 2016.
وقال أردوغان خلال اجتماع لحزب العدالة والتنمية الحاكم ، “اقترب موعد الانتخابات” في إشارة إلى الانتخابات المحلية المقررة في مارس عام 2019، مضيفا “إذا جاء ضالعون في الإرهاب عن طريق صناديق الانتخابات فسنعين قائمين بالأعمال على الفور”.
وقال جارو بايلان أحد نواب البرلمان البارزين من حزب الشعوب الديمقراطي إن الاعتقالات لها دوافع سياسية وتأتي في إطار استراتيجية حملة حزب العدالة والتنمية لانتخابات عام 2019.
وكتب على تويتر “بدأ حزب العدالة والتنمية حملته للانتخابات المحلية من ديار بكر باحتجاز صحافيين وسياسيين ورجال دين”. ونفذت تركيا في الأشهر الأخيرة ضربات بشكل منتظم على قواعد حزب العمال الكردستاني بشمال العراق خاصة على معاقل الحزب في جبال قنديل حيث هددت أنقرة أيضا بتنفيذ هجوم بري.
وفي سياق مساعيها لمواجهة ما تصفه الحكومة التركية بالخطر الكردي داخل تركيا وخارجها، يأتي تمديد فترة تفويض الحكومة من قبل البرلمان لعام واحد؛ يبدأ في 30 أكتوبر؛ لإجراء عمليات عسكرية في العراق وسوريا.