ساعات قليلة، تفصل اللبنانيين عن الموعد الذي حدده الرئيس المكلف سعد الحريري لولادة حكومة الانقاذ التي ينتظرونها منذ ان استقالت الحكومة الحالية، وبولادتها يتبدد القلق الذي يعتري الجميع من دون أي استثناءات جرّاء بقاء البلد من دون سلطة تدير شؤون النّاس وتتصدى للمشكلات الكثيرة الناتجة عن غياب هذه السلطة والتخبّط الحاصل بين أرباب الطبقة الحاكمة والسباق على اقتناص المغانم.
الأربع والعشرون ساعة الماضية، شهدت اتصالات مكثفة بين جميع القوى السياسية المعنية بالوضع القائم أسفرت عن تذليل ما تبقى من تعقيدات شكلية لتسهيل ولادة الحكومة قبل حلول عيدَي الميلاد ورأس السنة كما وعد رئيس الجمهورية الذي أخذ على عاتقه المهمة الرئيسة لطي هذا الملف، وأعلن الرئيس المكلف أن هذه الاتصالات نجحت في إزالة كل الألغام وستبصر الحكومة النور بين لحظة وأخرى.
وما كان الرئيس المكلف، الذي عانى الكثير من الشروط والشروط المضادة، ومن الكباش السياسي حتى لا يقال كباش المصالح، يُبدي تفاؤله لو لم يتلق من كل الأطراف المعنية باستمرار أو حل الأزمة القائمة جواباً ايجابياً بالنسبة إلى المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية لإنهاء هذه الأزمة وإعادة قطار الدولة المتوقف منذ أكثر من سبعة أشهر إلى التحرّك نحو الأمام والتي أتت على حساب حصته المتفق عليها في الحكومة العتيدة.
وقبل ان يطلع الدخان الأبيض عن الاجتماع الذي عقد بين النواب السُنَّة الستة وبين مسؤولين في حزب الله بالنسبة إلى الشخصية التي ستمثلهم في الحكومة، كان الرئيس الحريري يبشر مستشار رئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل بأن الطبخة الحكومية انجزت وان ولادتها ستتم بين لحظة وأخرى. ما يفهم منه ان الرئيس المكلف حصل على الجواب الذي كان ينتظره من حزب الله وحلفائه النواب الستة، ولم يبق ما يحول دون صعودة إلى القصر الجمهوري للتوقيع إلى جانب رئيس الجمهورية على مرسوم التأليف، خصوصاً وان ما سمي بالعقدة الأرمنية أخذت بدورها طريقها إلى الحل بموافقه كل الأطراف المعنية على ان ترتفع حصة الطائفة الارمنية في حكومة الانقاذ المنتظرة إلى وزيرين أحدهما بحقيبة بعد أن كانت في التشكيلة العالقة وزيراً واحداً.
وإذا كان القصر الجمهوري لم يُحدّد حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، موعداً للرئيس المكلف ليشارك رئيس الجمهورية في التوقيع على مرسوم التأليف واستدعاء الوزراء المعنيين لأخذ الصورة التذكارية كما جرت العادة، فإن مصادر بعبدا ترجح ان تحصل الزيارة قبل ظهر اليوم الجمعة بعدما جاءت كل الأجوبة إيجابية، ولم يبق هناك أي عائق يؤخر إصدار مرسوم التأليف، وتبصر حكومة الانقاذ النور بعد الانتظار الذي طال أكثر مما كان مقدراً له.
ولا تعتقد المصادر نفسها ان يُشكّل البيان الوزاري أية عقبة تؤخّر ولادة الحكومة، لأن هناك توافقاً مسبقاً بين الرئيس المكلف وحزب الله على اعتماد الصيغة نفسها التي اعتمدت في بيان الحكومة المستقيلة بالنسبة إلى سلاح المقاومة وثلاثية الجيش والشعب والمقاومة أو بالنسبة إلى التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، فمبروك لأهل السلطة على هذا الاتفاق ومبروك للشعب اللبناني المحبط بسبب تلاعب أهل السلطة بمصيره.