من المعتقدات الشائعة أن الأضداد تتجاذب وأن الزواج يجعل المرء أكثر سعادة. لكن الحقيقة وراء هذه الصور النمطية الشائعة حول العلاقات بين البشر ربما ستشكل مفاجأةً لك.
يمثل فصل الشتاء الوقت الذي يقبل فيه الناس على الانخراط في علاقاتٍ جديدةٍ مُقارنةً بغيره، والفترة التي يبدأ فيها على الأقل إعطاء الأولوية للبحث عن علاقةٍ مستقبليةٍ من جانب البعض منّا. ولكن تبين أننا ربما نتعامل مع العلاقات العاطفية بشكلٍ خاطئٍ تماماً.
فهل استخدام تطبيقات المواعدة على شبكة الإنترنت يجعل المرء يبدو أكثر جاذبية؟ وهل من الأفضل أن تتشابه شخصية الإنسان مع شريكه في علاقته العاطفية؟ وهل ينعم الأزواج بحياةٍ أكثر سعادة بحق على المدى الطويل؟ وهل الالتزام بشريك حياة واحد هو الخيار الأفضل أم لا؟
ربما ستفاجئك الإجابة على الأسئلة السابقة. فقد استعرضت "بي بي سي" دراسات أجريت في مختلف أنحاء العالم حول العلاقات العاطفية بين البشر، وفي السطور المقبلة نسرد بعضاً من الرؤى التي راقت لنا أكثر من غيرها مما تمخض عن هذه الدراسات من نتائج، وأكثرها بعداً كذلك عن التصورات البديهية المسبقة.
ليس لديك أو لدى الآخرين نمطٌ محددٌ للشخصية
يشكل استخدام تطبيقات المواعدة الإلكترونية أحد السبل الأكثر شعبيةً للعثور على رفيق علاقة أو شريك حياة. ولكن ربما يكون مخيفاً أن تشعر بأن سجلك الشخصي على هذا التطبيق أو ذاك موجودٌ بين ملايين السجلات الأخرى. وهنا ربما يكون من المشجع أن تعلم أن الصور والسجلات التي يطالعها الآخرون قبل سجلك وصورتك، تؤثر على تقييمهم لمدى جاذبية تلك الصورة والسجل.
وتوحي النتائج التي تم التوصل إليها في هذا الشأن بأن إدراكنا للجمال وطبيعته بعيدٌ كل البعد عن أن يكون متأصلاً في نفوسنا بعمق، بل إنه في واقع الأمر مجرد شعورٍ عابرٍ بشدة. ولذا، فربما لن يكون هناك ما يسوء في أن توجد صورتك وسجلك الشخصي على أحد تطبيقات المواعدة وسط عددٍ هائلٍ من الصور الجذابة والمنتقاة بعناية.
من جهة أخرى، يمكن الانتفاع من حقيقة أن النظرة التي يلقيها مستخدمو تطبيقات المواعدة على السجلات الشخصية للآخرين تكون بشكل عام خاطفةً للغاية.
فقد تبين لعلماء النفس أن الوجوه عرضةٌ لما يُعرف بـ"تأثير النظرة الخاطفة"، الذي يجعل الوجه يبدو أكثر جاذبيةً كلما قَصُرَت الفترة التي نظرنا له فيها.
ويشتبه الباحثون في أن هذا يشجعنا على إلقاء نظرة أخرى عن قرب، خشية إهدار فرصة الانتباه لشريكٍ علاقة محتمل حسن الطلعة على نحوٍ لافت ومميز.
الأضداد لا يتقاربون دائماً
مع أن هناك خصالاً وصفاتٍ من المفيد بالفعل أن يستفيد شريك أي علاقةٍ عاطفية من وجودها لدى الشريك الآخر إذا ما كان هو يفتقر إليها، فإن قاعدة تجاذب الأضداد أو تقاربهم - كما هو الحال في الأقطاب المغناطيسية المتنافرة - لا تصح في كل الأحوال.
وبوجهٍ عام، يستحب أن يتصف شريكك في هذه العلاقة ببعض الخصال المُشار إليها سابقاً، بصرف النظر عن طبيعة شخصيتك أنت، مثل أن يكون ذا شخصيةٍ سلسةٍ ولا تتسم بالعصبية الشديدة.
ولكن في بعض الأحيان، تختلف طبيعة الصفات المُثلى التي تتمناها في شريكك العاطفي تَبعاً لشخصيتك أنت نفسك.
فبالنسبة لمن تندرج علاقاتهم مع شركائهم في إطار ما يُعرف بنمط "التعلق القلق" - الذي لا يشعرون في إطاره بالتيقن الكامل من إمكانية استمرار العلاقة - ويتوجسون كذلك خيفةً من أن يهجرهم شركاؤهم، يعزز وجود تقاربٍ أكبر بين الشخصيتين بشكلٍ عامٍ إحساس الشريكيْن بالرضا عن علاقتهما. كما يكون من الأفضل التقارب بين الاثنين في صفاتٍ مثل النزوع للاستيقاظ مبكراً أو الميل للسهر ليلاً.
ولكن في بعض الأحيان، ربما يؤدي عثورك على صفاتك الشخصية مُتجسدةً في شخصٍ آخر أمراً يدفعك للنفور منه وليس العكس. فإذا تحدثنا مثلاً عن اتصاف أحد الشريكيْن بسمةٍ مثل التدقيق الشديد، تقول الدراسات إنه من الأفضل أن يكون أحدهما أكثر اتصافاً بها من الآخر أو أقل، بما يساعد على جعل اتصافهما بتلك السمة متوازناً بشكلٍ إجمالي.
الزواج يجعلك أكثر سعادة بالفعل ولكن ليس إلى الأبد
ربما يقود حدوث تناغمٍ وتفاهمٍ شديديْن بينك وبين شريكك في علاقتك العاطفية إلى الزواج. ولكن ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لشخصيتك وسعادتك؟
تُظهر الدراسات أن الزواج يُحْدِثُ تغييراتٍ طويلة الأمد في شخصيات مَنْ يُقْدِمون عليه. وكشفت دراسةٌ أُجريت على مدى أربع سنواتٍ وشملت 15 ألف ألماني أن المتزوجين أبدوا بعد الاقتران بشركاء حياتهم ميلاً أقل للانفتاح على الآخرين وللاتصاف بسمات الشخصية الانبساطية، وهو نمطٌ ربما يكون مألوفاً أكثر من اللازم بالنسبة لأصدقاء المتزوجين حديثاً.
لكن على الجانب الإيجابي، قال أفراد عينة البحث إن صفاتٍ مثل ضبط النفس والتسامح والمغفرة تحسنت لديهم بعد الزواج، وهي كلها سماتٌ جوهريةٌ للإبقاء على علاقةٍ طويلة الأمد. غير أن هذه بطبيعة الحال وجهة نظر طرفٍ واحدٍ من العلاقة، ولا تعني بالضرورة اتفاق الطرف الآخر مع تلك الرؤية.
ولكن ماذا عن الأزواج الراضين عن حياتهم الزوجية ممن لا يفوتون مناسبةً دون سؤال أصدقائهم غير المتزوجين عن أسباب إحجامهم عن خوض هذه التجربة، وما إذا كانوا سعداء في حياتهم بحق وهم على هذه الشاكلة أم لا؟
ربما يرجع ذلك إلى أن أصدقاءك المتزوجين يعتقدون بالفعل أنهم أكثر سعادة، على الأقل لفترةٍ ما من الزمن. لكن علينا الإشارة هنا إلى أنه بالرغم من أن مستوى الرضا عن الحياة والاستمتاع بها يزيد بين شركاء العلاقات العاطفية بعد زواجهم بالفعل؛ فإن مستواه يعود إلى معدلاته الأولى بعد الزواج ببضعة أعوام فحسب.
كيف يمكن أن يغير الانفصال شخصيتك؟
كشفت الدراسات أيضاً عن تأثيرٍ يبدو أنه يقف على النقيض تماماً من التأثير الذي يُخلّفه الأزواج السعداء بارتباطهم والساعون بشدة لإقناع الآخرين بأن يحذو حذوهم، وهو ذاك المرتبط بالتغيرات التي تطرأ على شخصيات مَنْ ينفصلون عن شركائهم العاطفين الذين كانوا معهم في علاقات طويلة الأمد.
فعلى سبيل المثال، تظهر دراساتٌ أُجريتْ على أشخاصٍ في منتصف العمر ممن خاضوا تجربة الطلاق، أن النساء منهم أصبحن ذوات شخصياتٍ مُنفتحةٍ وانبساطيةٍ بشكلٍ أكبر بعد طلاقهن.
أما الرجال - على الجانب الآخر - فلا يبدو أنهم يتعاملون بكفاءةٍ مع تجربة الانفصال والطلاق، إذ يميلون إلى أن يصبحوا أكثر عصبيةً وشديدي التدقيق في كل شيءٍ بعد مرورهم بهذه التجربة.
وبوجهٍ عام، يميل الرجال والنساء ممن خاضوا تجربة الطلاق لأن يتصرفوا - بعد انفصالهم عن شركاء حياتهم - على نحوٍ أقل رشداً وعقلانيةً والتزاماً بما يتعهدون به.
التأثير لا يمضي في اتجاهٍ واحدٍ على أي حال، فكما يؤدي الطلاق إلى تغيير شخصيات من مروا به، تؤثر طبيعة الشخصية في الكيفية التي يتعافى بها المرء من مروره بتجربة انفصالٍ مثل هذه.
فأصحاب الشخصيات الأكثر انفتاحاً وانبساطيةً ينزعون إلى الزواج ثانيةً بسرعة، بينما يميل ذوو الأنماط الشخصية التي تتسم بعصبيةٍ أكبر إلى الانخراط في سلسلةٍ من العلاقات قصيرة الأمد بعد الطلاق.
مستقبلٌ عاطفيٌ أكثر انفتاحاً في العلاقات
بالطبع لا يشكل الارتباط بشريك حياةٍ واحدٍ الخيار الأوحد المتاح. فالدخول في علاقاتٍ تتضمن أكثر من شريكيْن في وقتٍ واحدٍ ربما صار نزعةً آخذةً في التنامي. وهكذا فبدلاً من التورط في خيانات أو خداعٍ في إطار علاقةٍ مع شريكٍ واحدٍ، يحدث الارتباط بشركاء آخرين - في تلك العلاقات العاطفية متعددة الشركاء - علناً وبرضا كل أطرافها.
وتكشف الدراسات عن أن من ينخرطون في هذا النوع من العلاقات يستطيعون - بعيداً عما يربطهم من أواصر عاطفيةٍ - إقامة روابط صداقة بينهم وبين بعضهم البعض على نحوٍ أقوى مما يحدث بين أطراف العلاقات التي تجمع كلٌ منها شريكيْن لا غير.
كما أفادت دراسةٌ، أُجريت عبر الإنترنت، بأن فرص ممارسة الجنس الآمن تزيد بين شركاء العلاقات المتعددة هذه.
لكن إذا لم تكن من هواة الانخراط في علاقاتٍ متعددةٍ فلا تقلق، إذ أن ذلك لا يعني بالضرورة حرمانك من أن تنعم ببعض ما ينعم به من يخوضون غمارها.
فمن ينجذبون إلى نمط علاقاتٍ كهذه، ربما يكونون ببساطة أكثر إقبالاً على أنماطٍ أخرى من العلاقات (من بينها الصداقة) كبدايةٍ للتعارف بمن قد يصبحون شركاء عاطفيين لهم.
وفي النهاية، كشفت الدراسات عن أن الشعور بمدى الراحة والسعادة النفسية من علاقةٍ ما أو مدى قوة وإيجابية هذه العلاقة من الأصل، لا يختلف بشكلٍ عام بين الأشخاص المنخرطين في علاقات عاطفية متعددة الشركاء، وأقرانهم في العلاقات المؤلفة من شريكيْن فحسب.
ربما ستفاجئك الإجابة على الأسئلة السابقة. فقد استعرضت "بي بي سي" دراسات أجريت في مختلف أنحاء العالم حول العلاقات العاطفية بين البشر، وفي السطور المقبلة نسرد بعضاً من الرؤى التي راقت لنا أكثر من غيرها مما تمخض عن هذه الدراسات من نتائج، وأكثرها بعداً كذلك عن التصورات البديهية المسبقة.
ليس لديك أو لدى الآخرين نمطٌ محددٌ للشخصية
يشكل استخدام تطبيقات المواعدة الإلكترونية أحد السبل الأكثر شعبيةً للعثور على رفيق علاقة أو شريك حياة. ولكن ربما يكون مخيفاً أن تشعر بأن سجلك الشخصي على هذا التطبيق أو ذاك موجودٌ بين ملايين السجلات الأخرى. وهنا ربما يكون من المشجع أن تعلم أن الصور والسجلات التي يطالعها الآخرون قبل سجلك وصورتك، تؤثر على تقييمهم لمدى جاذبية تلك الصورة والسجل.
وتوحي النتائج التي تم التوصل إليها في هذا الشأن بأن إدراكنا للجمال وطبيعته بعيدٌ كل البعد عن أن يكون متأصلاً في نفوسنا بعمق، بل إنه في واقع الأمر مجرد شعورٍ عابرٍ بشدة. ولذا، فربما لن يكون هناك ما يسوء في أن توجد صورتك وسجلك الشخصي على أحد تطبيقات المواعدة وسط عددٍ هائلٍ من الصور الجذابة والمنتقاة بعناية.
من جهة أخرى، يمكن الانتفاع من حقيقة أن النظرة التي يلقيها مستخدمو تطبيقات المواعدة على السجلات الشخصية للآخرين تكون بشكل عام خاطفةً للغاية.
فقد تبين لعلماء النفس أن الوجوه عرضةٌ لما يُعرف بـ"تأثير النظرة الخاطفة"، الذي يجعل الوجه يبدو أكثر جاذبيةً كلما قَصُرَت الفترة التي نظرنا له فيها.
ويشتبه الباحثون في أن هذا يشجعنا على إلقاء نظرة أخرى عن قرب، خشية إهدار فرصة الانتباه لشريكٍ علاقة محتمل حسن الطلعة على نحوٍ لافت ومميز.
الأضداد لا يتقاربون دائماً
مع أن هناك خصالاً وصفاتٍ من المفيد بالفعل أن يستفيد شريك أي علاقةٍ عاطفية من وجودها لدى الشريك الآخر إذا ما كان هو يفتقر إليها، فإن قاعدة تجاذب الأضداد أو تقاربهم - كما هو الحال في الأقطاب المغناطيسية المتنافرة - لا تصح في كل الأحوال.
وبوجهٍ عام، يستحب أن يتصف شريكك في هذه العلاقة ببعض الخصال المُشار إليها سابقاً، بصرف النظر عن طبيعة شخصيتك أنت، مثل أن يكون ذا شخصيةٍ سلسةٍ ولا تتسم بالعصبية الشديدة.
ولكن في بعض الأحيان، تختلف طبيعة الصفات المُثلى التي تتمناها في شريكك العاطفي تَبعاً لشخصيتك أنت نفسك.
فبالنسبة لمن تندرج علاقاتهم مع شركائهم في إطار ما يُعرف بنمط "التعلق القلق" - الذي لا يشعرون في إطاره بالتيقن الكامل من إمكانية استمرار العلاقة - ويتوجسون كذلك خيفةً من أن يهجرهم شركاؤهم، يعزز وجود تقاربٍ أكبر بين الشخصيتين بشكلٍ عامٍ إحساس الشريكيْن بالرضا عن علاقتهما. كما يكون من الأفضل التقارب بين الاثنين في صفاتٍ مثل النزوع للاستيقاظ مبكراً أو الميل للسهر ليلاً.
ولكن في بعض الأحيان، ربما يؤدي عثورك على صفاتك الشخصية مُتجسدةً في شخصٍ آخر أمراً يدفعك للنفور منه وليس العكس. فإذا تحدثنا مثلاً عن اتصاف أحد الشريكيْن بسمةٍ مثل التدقيق الشديد، تقول الدراسات إنه من الأفضل أن يكون أحدهما أكثر اتصافاً بها من الآخر أو أقل، بما يساعد على جعل اتصافهما بتلك السمة متوازناً بشكلٍ إجمالي.
الزواج يجعلك أكثر سعادة بالفعل ولكن ليس إلى الأبد
ربما يقود حدوث تناغمٍ وتفاهمٍ شديديْن بينك وبين شريكك في علاقتك العاطفية إلى الزواج. ولكن ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لشخصيتك وسعادتك؟
تُظهر الدراسات أن الزواج يُحْدِثُ تغييراتٍ طويلة الأمد في شخصيات مَنْ يُقْدِمون عليه. وكشفت دراسةٌ أُجريت على مدى أربع سنواتٍ وشملت 15 ألف ألماني أن المتزوجين أبدوا بعد الاقتران بشركاء حياتهم ميلاً أقل للانفتاح على الآخرين وللاتصاف بسمات الشخصية الانبساطية، وهو نمطٌ ربما يكون مألوفاً أكثر من اللازم بالنسبة لأصدقاء المتزوجين حديثاً.
لكن على الجانب الإيجابي، قال أفراد عينة البحث إن صفاتٍ مثل ضبط النفس والتسامح والمغفرة تحسنت لديهم بعد الزواج، وهي كلها سماتٌ جوهريةٌ للإبقاء على علاقةٍ طويلة الأمد. غير أن هذه بطبيعة الحال وجهة نظر طرفٍ واحدٍ من العلاقة، ولا تعني بالضرورة اتفاق الطرف الآخر مع تلك الرؤية.
ولكن ماذا عن الأزواج الراضين عن حياتهم الزوجية ممن لا يفوتون مناسبةً دون سؤال أصدقائهم غير المتزوجين عن أسباب إحجامهم عن خوض هذه التجربة، وما إذا كانوا سعداء في حياتهم بحق وهم على هذه الشاكلة أم لا؟
ربما يرجع ذلك إلى أن أصدقاءك المتزوجين يعتقدون بالفعل أنهم أكثر سعادة، على الأقل لفترةٍ ما من الزمن. لكن علينا الإشارة هنا إلى أنه بالرغم من أن مستوى الرضا عن الحياة والاستمتاع بها يزيد بين شركاء العلاقات العاطفية بعد زواجهم بالفعل؛ فإن مستواه يعود إلى معدلاته الأولى بعد الزواج ببضعة أعوام فحسب.
كيف يمكن أن يغير الانفصال شخصيتك؟
كشفت الدراسات أيضاً عن تأثيرٍ يبدو أنه يقف على النقيض تماماً من التأثير الذي يُخلّفه الأزواج السعداء بارتباطهم والساعون بشدة لإقناع الآخرين بأن يحذو حذوهم، وهو ذاك المرتبط بالتغيرات التي تطرأ على شخصيات مَنْ ينفصلون عن شركائهم العاطفين الذين كانوا معهم في علاقات طويلة الأمد.
فعلى سبيل المثال، تظهر دراساتٌ أُجريتْ على أشخاصٍ في منتصف العمر ممن خاضوا تجربة الطلاق، أن النساء منهم أصبحن ذوات شخصياتٍ مُنفتحةٍ وانبساطيةٍ بشكلٍ أكبر بعد طلاقهن.
أما الرجال - على الجانب الآخر - فلا يبدو أنهم يتعاملون بكفاءةٍ مع تجربة الانفصال والطلاق، إذ يميلون إلى أن يصبحوا أكثر عصبيةً وشديدي التدقيق في كل شيءٍ بعد مرورهم بهذه التجربة.
وبوجهٍ عام، يميل الرجال والنساء ممن خاضوا تجربة الطلاق لأن يتصرفوا - بعد انفصالهم عن شركاء حياتهم - على نحوٍ أقل رشداً وعقلانيةً والتزاماً بما يتعهدون به.
التأثير لا يمضي في اتجاهٍ واحدٍ على أي حال، فكما يؤدي الطلاق إلى تغيير شخصيات من مروا به، تؤثر طبيعة الشخصية في الكيفية التي يتعافى بها المرء من مروره بتجربة انفصالٍ مثل هذه.
فأصحاب الشخصيات الأكثر انفتاحاً وانبساطيةً ينزعون إلى الزواج ثانيةً بسرعة، بينما يميل ذوو الأنماط الشخصية التي تتسم بعصبيةٍ أكبر إلى الانخراط في سلسلةٍ من العلاقات قصيرة الأمد بعد الطلاق.
مستقبلٌ عاطفيٌ أكثر انفتاحاً في العلاقات
بالطبع لا يشكل الارتباط بشريك حياةٍ واحدٍ الخيار الأوحد المتاح. فالدخول في علاقاتٍ تتضمن أكثر من شريكيْن في وقتٍ واحدٍ ربما صار نزعةً آخذةً في التنامي. وهكذا فبدلاً من التورط في خيانات أو خداعٍ في إطار علاقةٍ مع شريكٍ واحدٍ، يحدث الارتباط بشركاء آخرين - في تلك العلاقات العاطفية متعددة الشركاء - علناً وبرضا كل أطرافها.
وتكشف الدراسات عن أن من ينخرطون في هذا النوع من العلاقات يستطيعون - بعيداً عما يربطهم من أواصر عاطفيةٍ - إقامة روابط صداقة بينهم وبين بعضهم البعض على نحوٍ أقوى مما يحدث بين أطراف العلاقات التي تجمع كلٌ منها شريكيْن لا غير.
كما أفادت دراسةٌ، أُجريت عبر الإنترنت، بأن فرص ممارسة الجنس الآمن تزيد بين شركاء العلاقات المتعددة هذه.
لكن إذا لم تكن من هواة الانخراط في علاقاتٍ متعددةٍ فلا تقلق، إذ أن ذلك لا يعني بالضرورة حرمانك من أن تنعم ببعض ما ينعم به من يخوضون غمارها.
فمن ينجذبون إلى نمط علاقاتٍ كهذه، ربما يكونون ببساطة أكثر إقبالاً على أنماطٍ أخرى من العلاقات (من بينها الصداقة) كبدايةٍ للتعارف بمن قد يصبحون شركاء عاطفيين لهم.
وفي النهاية، كشفت الدراسات عن أن الشعور بمدى الراحة والسعادة النفسية من علاقةٍ ما أو مدى قوة وإيجابية هذه العلاقة من الأصل، لا يختلف بشكلٍ عام بين الأشخاص المنخرطين في علاقات عاطفية متعددة الشركاء، وأقرانهم في العلاقات المؤلفة من شريكيْن فحسب.