سعى تحالف الإصلاح البرلماني، الذي يرعاه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، إلى عرقلة مساعي تحالف البناء، الذي يضم كتلا نيابية مقربة من إيران، للهيمنة على الحقائب المتبقية خلال جلسة التصويت على استكمال كابينة الحكومة العراقية التي يترأسها عادل عبدالمهدي.
 
وأصر تحالف الإصلاح، الثلاثاء، على تمرير 4 وزارات فقط، من أصل 8 شاغرة، في الحكومة العراقية، وهو ما أذعن له تحالف البناء في النهاية، لأن البديل كان الإخلال بنصاب جلسة التصويت.
 
وأراد “البنائيون” إضافة التربية إلى حقائب الثقافة والتعليم والتخطيط والهجرة، التي جرى التوافق بشأن تمرير مرشحيها، لكن “الإصلاحيين” أصروا على تغيير المرشحة صبا الطائي لهذه الحقيبة، التي تقع ضمن حصة المشروع العربي بزعامة خميس الخنجر.
 
ولم يقف “الإصلاحيون” عند حد الاعتراض على عرض ترشيح الطائي للتصويت، بل أصروا على عرضها للتصويت ورفضها، لمنع ترشيحها مجددا لهذا المنصب، ما اعتبر ضربة سياسية للخنجر، وحلفائه في التحالف القريب من إيران.
 
وصوت البرلمان العراقي على مرشح ائتلاف دولة القانون قصي السهيل، وزيرا للتعليم العالي، ونوري الدليمي وزيرا للتخطيط، وعبدالأمير الحمداني وزيرا للثقافة، فيما تلكأ التصويت على هناء عمانوئيل لحقيبة الهجرة والمهجرين، بسبب خلاف داخل المكون المسيحي، ما قاد إلى رفضها في النهاية.
 
وبذلك، يكون البرلمان ملأ 3 حقائب فقط من أصل الثماني الشاغرة، ما يعني أن الوزارات المتبقية هي الدفاع والداخلية والعدل، فضلا عن التربية والهجرة.
 
 
3 حقائب وزارية تم الاتفاق عليها من أصل ثمان شاغرة
 
وقال نواب شاركوا في الجلسة لـ”العرب” إن “مفاوضات التوافق على الوزراء المرشحين الثلاثاء، تضمنت أيضا أن يكون الاتفاق على التصويت على الحقائب المتبقية في جلسة الخميس″.
 
ويدور صراع حاد على المرشح لحقيبة الدفاع بين القائمة الوطنية بزعامة إياد علاوي وحركة الحل بزعامة جمال الكربولي، وسط غياب أي ملامح لحسمه.
 
لكن الاعتراض الذي أبداه الصدر على ترشيح فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي، لحقيبة الداخلية، يبدو أنه أثمر تنازل “البناء”.
 
وعلمت “العرب” أن “تحالف الفتح، أكبر كتل البناء، يناقش فعليا، تقديم أحد قادة منظمة بدر، التي يقودها هادي العامري، مرشحا بديلا للفياض”.
 
وعلى الصعيد نفسه، يتصارع حزب الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني مع حزب الزعيم الكردي مسعود البارزاني على حقيبة العدل، إذ يدعي كل منهما بأحقيته بها.
 
ويتوقع نواب في البرلمان العراقي أن يشهد اليومان الفاصلان بين الجلستين، مفاوضات صعبة، لاستكمال باقي الحقائب الخمس، بسبب الخلافات داخل الكتل السياسية، وبين بعضها البعض، بشأن المرشحين.
 
ويفسر مراقبون إذعان التحالف القريب من إيران لشروط الصدر، بأنه محاولة لامتصاص نقمة الشارع، التي تتطور، وربما تهدد باندلاع حركة احتجاج واسعة.
 
ويلقى موقف الصدر، الذي يربط اعتراضه على بعض المرشحين، وأبرزهم فالح الفياض، بشرط الاستقلالية، أصداء شعبية متعاطفة، في مقابل الانتقادات المتصاعدة التي يتلقاها قادة البناء، الذين بدوا وكأنهم يتمسكون بمرشحين حزبيين.
 
واستبعد مراقب سياسي عراقي أن تكون التنازلات التي قدمتها كتلة البناء من غير مقابل، ما قد يحرج الصدر وكتلته حين يقلل من أهمية النصر الذي حققاه، مشيرا إلى أن “وزارة الداخلية قد حسم أمرها لصالح التيار الموالي لإيران وليس بالضرورة أن يتولاها الفياض بعد اللغط الكثير الذي دار حول شخصيته”.
 
وأضاف المراقب في تصريح لـ”العرب” أنه “إذا كان الفياض يمثل السقف العالي الذي يمكن تخفيضه فإن البديل لن يكون بأحسن منه إذا ما اختير من بين قيادات الميليشيات وبالأخص فيلق بدر، ما يعني أن كتلة البناء التي وافقت على تمرير حزمة الاقتراحات التي تقدم بها الصدر ستنال في النهاية ما كانت تسعى إليه”.
 
وحذر من أنه لن يكون في إمكان الصدر بعد أن حقق ما أراده أن يقاوم ما يراه منافسوه حقا لهم في حكومة لا تزال تخضع لمبدأ المحاصصة، فـ”الوزراء الذين تمت الموافقة عليهم ليسوا مستقلين تماما. وهو ما يشجع كتلة البناء على المضي بمشروعها المتعلق باستمرار هيمنتها على وزارة الداخلية في ظل عدم حصولها على ما يغطي حصتها في الحكومة”.
 
ويخلص المراقب إلى أن “الصدر بهذا يكون قد أضعف موقفه المتعلق بوزارة الداخلية من خلال انتزاع وزارات ثانوية من خصومه”.