كل المؤشرات، الظاهر منها والباطن، تدل على أن ولادة حكومة الوحدة الوطنية ستتم خلال الساعات القليلة المقبلة بعدما نجحت الاتصالات المكثفة مع الأطراف المعنية بإشراف مباشر من رئيس الجمهورية في الوصول إلى تسوية مع حزب الله وحلفائه النواب السنّة الستّة تقضي بتوزير واحد من خمسة أو أربعة يسميهم هؤلاء النواب على أن يختار رئيس الجمهورية واحداً منهم مقابل تنازله عن الوزير السني الذي كان محسوباً على حصته في الحكومة العتيدة، بعدما كان رافضاً لهذا الحل الموضوع في التداول منذ أن أعلن أمين عام حزب الله تمسك الحزب بتوزير أحد النواب الستة في الحكومة للإفراج عنها وإعطاء أسماء وزرائه الثلاثة الى الرئيس المكلف ويطوي بذلك هذا الملف الذي استنفد سبعة أشهر من عمر عهده، فهل يكون رئيس الجمهورية قدّم هذا التنازل بعدما كان متمسكاً بالحصول مع حزبه على الثلث المعطل كي يطمئن إلى أن الحكومة التي ستشكل ستكون فعلاً لا قولاً حكومة العهد الأولى التي من خلالها يستطيع هو وحزبه الإمساك بكل قراراتها وحتى لا تتكرر تجربته الفاشلة مع الحكومة المستقيلة، أم انه تلقى كلمة السر من الجهة أو من الجهات التي كانت وراء عرقلة التأليف بناء على حسابات اقليمية جرى الإشارة إليها بصورة مباشرة بعد خطاب الأمين العام لحزب الله، والمقصود بها دولة إيران التي تتعرض لحصار واسع تقوده الولايات المتحدة الأميركية ورئيسها دونالد ترامب.
قد يكون الأمر كذلك، خصوصاً وان الحل الذي تبناه رئيس الجمهورية، كان مطروحاً منذ اليوم الأول الذي طرح فيه أمين عام حزب الله شرط توزير أحد النواب السنة الستة من 8 آذار لكنه وبلسان صهره وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال رفض أن يكون أي حل من حصة رئيس الجمهورية، واقترح بديلاً عنه عدّة حلول أخرى من بينها توسيع الحكومة لتصبح 32 وزيراً بحيث يضاف إليها وزيراً للطائفة العلوية وآخر للأقليات المسيحية، غير أن هذا الاقتراح جوبه بمعارضة قوية من الرئيس المكلف واعتبره تعدياً على صلاحياته من جهة وتحدياً له، من جهة ثانية، ما أدى إلى سقوط هذا الاقتراح، ولم يبقَ أمام رئيس الجمهورية أي مخرج سوى التنازل عن الوزير السني لمصلحة واحد ممن يسميهم النواب الستة من خارجهم وبذلك يكون أرضى حزب الله، ولم ينفر الرئيس المكلف الذي يرفض بشكل قاطع التنازل عن وزير سني في حصته إلى حزب الله أو إلى النظام السوري الذي لم يخف تعاطفه مع اقتراح حزب الله الذي يشكل بداية عودة نفوذه إلى لبنان.
قد لا يكون من المفيد العودة إلى إضاعة الوقت في الاستقراء والتحليل بعدما تمّت التسوية بتنازل رئيس الجمهورية عن الوزير السني إرضاء لحزب الله ومن يقف وراءه، وأصبحت ولادة الحكومة في مخاضها الأخير بعد سبعة أشهر من الأخذ والرد، وشد الحبال، والشروط والشروط المضادة، بحيث يصح أن يُطلق عليها الولادة «السباعية» بدلاً من الولادة الطبيعية في الشهر التاسع.