على ضوء تطورات داخلية واقليمية ودولية لافتة واطلاق الكيان الاسرائيلي مسألة أنفاق حزب الله مرفقة لاحقاً بطلب تعديل القرار الدولي رقم 1701، فإن البلد يعيش، هذه الأيام، فوضى عدد من التحليلات والتوقعات غير مسبوقة بما يتعلق بموضوع تشكيل الحكومة ، على رغم تجاوزها بعد أربعة وخمسة أشهر عقدتي التمثيل الدرزي والتمثيل المسيحي الماروني، ولتحط المساعي أمام حائط التمثيل السني ممثلاً بنواب سنة 8 آذار، من خارج المستقبل وبدعم من حزب الله مباشرة على لسان الأمين العام لـلحزب السيد حسن نصر الله، الذي ترك الباب مفتوحاً إذ رمى مسألة الحل عند هؤلاء النواب، فما يريدونه ويقبلون به يقبله وما يرفضونه يرفضه؟!
بخلاف ما كان يتوقعه عديدون، فإن عقدة تمثيل النواب السنة هؤلاء أخذت أبعاداً لم تكن متوقعة، وكل المساعي لحل هذه العقدة، لم تصل الى نتيجة ايجابية واضحة ونهائية بعد. على رغم الاستشارات التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الأسبوع الماضي، ووسط توقعات عن لقاء الرئيس عون مع الرئيس المكلف لجوجلة ما آلت اليه الاستشارات وما تجمع لدى رئيس الجمهورية من أفكار لايجاد مخرج لهذه العقدة، التي ماتزال تراوح بين موقفين: واحد مؤيد، بشروط ومن غير شروط وآخر رافض لأكثر من اعتبار..
اقرا ايضا : البلد في أزمة وتقرير «موديز» جرس إنذار
الواضح، ان غالبية الجهود السياسية تصب باتجاه إحراز تقدم على هذا الخط، وإحداث خرق لا بد منه ولا بديل عنه، قبيل عيدي الميلاد ورأس السنة، لتكون هدية للبنانيين، بولادة حكومة العهد الأولى، من دون ان تكون هذه الخطوة متسرعة، لئلا تشكل، مع الآتي من الأيام، مادة لزعزعة استقرار الحكومة، وتعطيل دورها في انجاز القرارات الاستراتيجية، لاسيما وان الرئيس المكلف سعد الحريري، بات يشعر بحرج كبير أمام العديد من دول العالم التي وقفت الى جانب لبنان في المؤتمرات التي عقدت، من باريس-1 الى باريس-2 الى روما فإلى سيدر.
هناك، من يرى ويؤكد رؤياه، أن ولادة الحكومة وما ستكون عليه، مرتبط الى حد كبير بالعديد من التطورات الإقليمية المحيطة بلبنان، وتحديداً السورية منها، كما وان هناك من يرى ان المرحلة المقبلة ستكون حافلة بالمفاجآت، خصوصاً مع طرح الكيان الصهيوني مسألة أنفاق حزب الله، لتكون مادة مستقبلية، تضم الى مستقبل ما يتطلع اليه العديد من دول القرار، حيث لبنان غارق في مديونية بالغة الخطورة، قد تكون ثمنا لإبرام صفقة ما..؟!
لا يخفي كثيرون، أن اتصالات رفيعة المستوى تجري مع مرجعيات سياسية وروحية، من قبل مبعوثين ومعتمدين اميركيين وأوروبيين، وتحديداً مع الصرح البطريركي في بكركي، حيث تحفظ البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي على العديد من الافكار المطروحة ومن بينها تعديل القرار الدولي 1701 مقابل اعفاء لبنان من قسم كبير من مديونيته التي وصلت الى حدود المئة مليار دولار.. لكن الرئيس العماد عون، رفض البحث في هذه المسألة، على رغم التصعيد الاسرائيلي، الذي بلغ أول من أمس، حد اتهام الحكومة اللبنانية بأنها وراء الانفاق، والتي تشكل انتهاكا خطيراً للقرار الأممي 1701 وللسيادة الاسرائيلية.
قد يكون في نظر البعض تبسيط أمور عقدة التمثيل السني المتبقية في طريق ولادة الحكومة العتيدة والوصول الى المئة متر الاخيرة الفاصلة عن الموعد المأمول لولادة الحكومة، قبيل الميلاد ورأس السنة، من دونه مؤشرات متباينة، تتراوح بين التفاؤل والتشاؤم، كما وبين الاثنين وليس في التداول.. أقله حتى الآن ما يرجح كفة التفاؤل على التشاؤم او العكس على رغم ان الجميع بات يضيق ذرعاً بما آلت اليه الازمة الحكومية، التي لم تعد ملك فريق من دون الآخر، كما ولم تعد مادة للترف السياسي ، بعدما لامست المسألة الخطوط الحمر وصارت عبئاً ضاغطاً على الجميع، وعلى الدولة وسائر مؤسساتها كما وعلى اللبنانيين عموماً، على رغم ان اللبنانيين لا يأملون الخير المطلوب من حكومة لن تأتي بجديد بمكوناتها إياها منذ عشرات السنين؟!
الأنظار تتجه الى ، المبادرة التي يقوم بها اللواء عباس ابراهيم ، والتي لم يثبت أي شيء منها بعد، أقله قبل لقاء عون الحريري ومن أبرزها مشروع الحل الثلاثي الاضلاع والمتمثل باعتراف الرئيس الحريري بحق النواب السنة هؤلاء في ان يتمثلوا بوزير.. ليتدخل حزب الله باقناع هؤلاء بتسمية شخصية من خارج النواب الستة مهما كان قريباً منهم واليهم.. ليخلص الى مبادرة الرئيس عون بالتنازل عن حصته السنية لصالح المرشح من النواب الستة..
هو سيناريو، ليس ما يؤكده أو ينفيه والكل يترقب ما سيخلص اليه اللقاء بين الرئاستين الاولى والثالثة ليبنى على الشيء مقتضاه.