شهدت منطقة الشريط الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة استنفاراً بين الجيش اللبناني من جهة، والقوات الإسرائيلية من جهة ثانية، غداة قيام الأخيرة بوضع أسلاك شائكة في منطقة كروم الشراقي، المتاخمة لبلدة ميس الجبل، حيث أقدم جنود لبنانيون على تصويب رشاشتهم باتجاه الجنود الإسرائيليين، واتخاذهم مواقع قتالية، كما أبعدوا المدنيين الموجودين في المكان عن نقاط التوتر تحسباً لأي تطور عسكري.
هذا الاستنفار يعد الأكثر حدة بين الطرفين منذ أن أطلقت إسرائيل عملية «درع الشمال»، وأعلنت عن اكتشافها أنفاقاً حفرها «حزب الله» تمتد من قرى في جنوب لبنان إلى الداخل الإسرائيلي، وهو ما جاء على أثر اجتياز 3 حفارات تابعة لجيش الاحتلال السياج التقني في منطقة كروم الشراقي في بلدة ميس الجبل الجنوبية، والبدء بأعمال الحفر، ووضع أسلاك شائكة في نقاط تقع خارج الخط الأزرق.
ولم يكن الخرق الإسرائيلي محصوراً بنقطة واحدة، حيث كشف مصدر عسكري لبناني لـ«الشرق الأوسط» أن «الجيش الإسرائيلي نفذ 4 خروقات للخط الأزرق، تمثّلت بتغيير موقع الشريط الفاصل، وتقدم باتجاه الأراضي اللبنانية»، معتبراً أن هذه الخروقات «تعد انتهاكاً للسيادة اللبنانية، وسنتعامل مع الوضع وفق مقتضياته الميدانية»، وقال: «ما دام أن التحرك الإسرائيلي موجود داخل الأراضي المحتلة، فلا مشكلة لدينا، لكن لن نسمح لهم بالاقتراب من أراضينا»، مؤكداً أن «الجيش اللبناني منتشر على طول الحدود الجنوبية بجهوزية تامة، ومستعد لكل الاحتمالات، وهناك دوريات مسيرة تراقب الوضع عن كثب».
وأدى الاستنفار المتبادل بين الطرفين إلى وقف عمليات الحفر، بعد تدخل فوري من قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفل)، وتوجه وفد الارتباط التابع للقوات الدولية إلى المكان، برفقة فريق طوبوغرافي تابع للجيش اللبناني، حيث باشر تحديد النقاط التي تم فيها تجاوز الخط الأزرق من قبل القوات الإسرائيلية.
وبالتزامن مع التحركات الإسرائيلية الاستفزازية، أكد المصدر العسكري أن «تحركات الجيش اللبناني تتم بالتنسيق التام مع قوات (اليونيفل)، وهذه الإجراءات بحثها قائد الجيش (اللبناني العماد جوزيف عون) مع قائد قوات (اليونيفل) في اجتماع عقد في وزارة الدفاع اللبنانية»، مشيراً إلى أن الطرفين شددا على «استتباب الوضع الأمني، والتنسيق الدائم للحيلولة دون تصعيد الوضع على الأرض».
وأوضح المصدر أن «الجيش اللبناني معني بالاستقرار على الحدود اللبنانية الفلسطينية، برعاية القوات الدولية، ولا يرغب في التصعيد»، لكنه لفت إلى أن الجيش «لديه القدرة والإرادة والعزيمة على مواجهة أي خرق بري للسيادة اللبنانية»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن قائد الجيش اللبناني وقائد القوات الدولية «بحثا التطورات على الحدود الجنوبية، ومواصلة الاتصالات والتنسيق لعدم تصعيد الوضع على الأرض».
ورغم تدخل قوات الطوارئ، استمرت الاستفزازات الإسرائيلية، حيث عمدت القوات الإسرائيلية إلى إطلاق منطاد مزود بكاميرات مراقبة، في محلة العبارة، على طريق عام كفركلا ــ العديسة، كما أقدمت على وضع سياج شائك بطول 200 متر على طول الخط الأزرق، وسط استنفار من قبل الجيش اللبناني و«اليونيفيل» من جهة الحدود اللبنانية.
وأكد المتحدث باسم قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل»، أندريا تيننتي، أن «جنود (اليونيفيل) انتشروا في المنطقة، بعد تقارير عن حصول توتر بين القوات المسلحة اللبنانية والجيش الإسرائيلي على الخط الأزرق، لتهدئة الوضع، ومنع أي سوء فهم، والحفاظ على الاستقرار»، وأشار إلى أن «الوضع في المنطقة الآن هادئ، وجنودنا موجودون على الأرض». وينتشر أكثر من 10 آلاف جندي لبناني على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية منذ أواخر شهر أغسطس (آب) 2006، تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي الذي أوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان في ذاك العام، والذي حظر أي وجود عسكري لـ«حزب الله»، أو أي تنظيم غير الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل»، جنوب نهر الليطاني، لكنّ «حزب الله» يتباهى بوجود ترسانة عسكرية له في جنوب لبنان، ومخازن لصواريخ متطورة بعيدة المدى قادرة على ضرب مئات الأهداف في أي بقعة داخل إسرائيل.