أولاً: الانهيار و "الحرتقات" السياسية...
ينضمُّ رئيس الجمهورية اللبنانية إلى قائمة المبشّرين باقتراب الانهيار العام، إنهيار على كافة الصُّعُد، لعلّ أبرزها الانهيار المالي للدولة، المترافق مع الانهيار الاقتصادي لكافة القطاعات، فضلاً عن الاضطرابات السياسية والاجتماعية والأمنية، ومع ذلك، فما زال المؤتمنون على مصالح البلاد والعباد (والذين حازوا ثقة اللبنانيين منذ أشهرٍ عدّة) يعتمدون الحرتقة، وهي كما تعلمون مزيجٌ من العشوائية والانتقائيّة والتّخبُّط الفوضوي، واعتماد الحلول بتجارب "الصح والخطأ"، فإذا ما أصابت حلاً ما، فإنّما ذلك بضربات الحظّ أو الصدفة، وخير مثالٍ على ذلك، أنّ "الحرتقجي" الذي يحاول إصلاح جهاز راديو أو تلفزيون أو غسّالة، ربما أدرك ذلك، إلاّ أنّه لا يعرف كيف صلُح وبات شغّالاً، هذا في حين أنّ معظم محاولاته تبوء بالفشل أو تنتهي بتلف الجهاز، والحرتقة تختلف بالطبع عن "الهندسة"، والتي تعتمد على التّخطيط المسبق واعتماد المعادلات الرياضية والحسابية، وتحديد مكامن الخلل والطرُق الناجعة لحلّها، وعلى كلّ حال تقوم هذه الأيام أجهزة الحاسوب فائقة الدّقة بذلك.
ثانياً: " هندسة" حاكم مصرف لبنان المركزي...
بات راسخاً أنّ الطبقة السياسية اللبنانية لا تعتمد سوى مناهج الحرتقة، ذلك أنّها تُتيح لها نهب المال العام بلا حسيبٍ أو رقيب، لا خُطط اقتصادية وإنمائية، أو سياسة مالية، إلاّ أنّ آخر ما أتحف به حاكم مصرف لبنان اللبنانيين هو خروجه على الحرتقة المألوفة، واعتماده على "الهندسة" المالية، إلاّ أنّها وللأسف الشديد، قُيّمت تقييماً سلبياً، واعتُبرت هندسة اضطرارية لتمويه حرتقات السياسيّين ومخازيهم، ونهبهم للمال العام مع المصارف، وبدل أن تكون هندسة مالية متناسقة مع هندسة سياسية، تحوّلت إلى حرتقة داعمة للحرتقات السارية، وهي ربما أخّرت أو تؤخّر الانهيار القادم، إلاّ أنّها لا تُلغيه ولا تُبطل مفاعيله.