وكالة "موديز" عدّلت النظرة المستقبلية لتصنيف لبنان إلى "سلبية" إثر تصاعد التوترات الداخلية.
ولفتت الوكالة إلى ان النظرة المستقبلية السلبية للبنان ترجع إلى ازدياد المخاطر على وضع السيولة الحكومية والاستقرار المالي في البلاد، وبعد محاولات حثيثة من أهل السلطة طوال الأشهر الماضية على حرف الأنظار عن الواقع الاقتصادي السيئ في لبنان، ومحاولة الايحاء أن ما يصدر من تحذيرات ليست إلا تهويلاً وأن خزينة الدولة بألف خير، تأتي كل التطورات والمؤشرات المالية لتؤكد أننا لسنا بأفضل حال إن لم نقل أصبحنا على شفير الانهيار.
ما لم يقله تقرير موديز، يعيشه اللبنانيون في يومياتهم سواء كانوا خبراء اقتصاديين أو مصرفيين أو أصحاب مؤسسات أو مدراء تنفيذيين أو موظفين وأجراء عاديين.
إقرأ أيضًا: رسائل تطمين للبنان ... ماذا وراء التصعيد الإسرائيلي؟
فحوى ما هو معلوم أن لبنان بواقعه الحالي المأزوم لم يعد قادراً ان يكون جاذباً لا للرساميل ولا للإستثمارات، فالرساميل الخارجية، إذا توافرت، لماذا يريد أصحابها أن يحوَّلوها إلى لبنان إذا لم يكن هناك جاذبٌ يحبذ هذه الخطوة؟
فالإستثمارات سواء في قطاع العقارات أو في القطاعات السياحية كالفنادق وغيرها لم تعد تتمتع بالقوة التنافسية بالمقارنة مع بعض دول حوض البحر الأبيض المتوسط، بهذا المعنى فإن لبنان لم يعد قادراً على اجتذاب الدولارات من الخارج، فيما لديه حاجات تمويلية كبيرة ناجمة عن عجز كبير في الميزان التجاري وعجز كبير في الخزينة.
وما يعرفه اللبنانيون أكثر فأكثر، وحتى أكثر من تقرير "موديز" أن الضائقة المعيشية لم تعد تطرق الأبواب فحسب بل دخلت البيوت وأصبحت في "صدر الدار" ضيفاً ثقيلاً خصوصاً في شهر الأعياد الذي لا يشهد سوى ازدحام سير، هذه المعطيات لا تغيب عن بال اللبناني، لكن أهميتها تكمن في أنها تصدر عن جهة دولية متخصصة، تأخذ بها الشركات والمؤسسات والمصارف العالمية حين تريد أن تقارب أي ملف له علاقة بلبنان.
إقرأ أيضًا: ليبقى الخلاف تحت سقف الدستور لا الإنقلاب عليه
والمهم أيضاً في تقرير "موديز" هو توقيته، فهو يأتي بالتزامن مع انعقاد "مؤتمر لندن"، الذي أصر الرئيس المكلف سعد الحريري على حضوره مع وفد كبير من المصرفيين والاقتصاديين والصناعيين، ما يعني أن المشاركين البريطانيين في المؤتمر، لا بد أن يكونوا قد اطلعوا على مضمونه، ما يعني ان تعاطيهم مع لبنان وتجاوبهم مع الطروحات التي قُدِّمت في المؤتمر، تحتاج إلى تدقيق ومراجعة ولا تؤخذ فقط بالمواقف الإعلامية.
كذلك، توقّعت موديز أن تظلّ معدلات العجز في الموازنة اللبنانية أعلى لأمد أطول من المتوقع، مما يزيد أعباء الدين على الحكومة. ولم يعد الأمر خافياً، نعم نحن في أزمة لا بل ورطة، وأما المطلوب فهو إعلان حال الطوارئ في البلاد وتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن لإعادة إطلاق عجلة الدولة واتخاذ الخطوات المطلوبة للاستفادة من تقديمات سيدر وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، بدءاً من قطاع الكهرباء الذي يشكل الجزء الأكبر من عجز خزينة الدولة.
إن إعلان موديز يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار لكل القوى السياسية، إلا إذا كانت أجندات هؤلاء أكبر بكثير من استقرار البلد ومصير أبنائه.