كشفت صحيفة فاينانشال تايمز، الجمعة، بعض خفايا التحقيقات السرية التي قادت إلى توجيه اتهام رسمي لكارلوس غصن، الرئيس السابق لمجلس إدارة شركة "رينو-نيسان-ميتسوبيشي"، بارتكاب مخالفاتٍ مالية واستغلال أموال وموارد شركة نيسان لأغراض شخصية، مؤكدةً تعرضه للخيانة "من أقرب مساعديه".

 

الصحيفة حددت هوية "خائن غصن"، وهو بريطاني من أصل ماليزي يُدعى هاري نادا (54 عامًا) كان يشغل منصب رئيس مكتب الرئيس التنفيذي لنيسان (أي رئيس مكتب غصن) ولا يزال في المنصب حتى الآن، وكان يشغل منصب المدير التنفيذي للإدارة القانونية للشركة، التي التحق بها قبل 28 عاماً.

 

واعتقل غصن في اليابان في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني للاشتباه بعدم تصريحه عن جزء من دخله بين عامي 2010  و2015 يقدّر بنحو خمسة مليارات ين ياباني، أي ما يعادل 44 مليون دولار، وأضيفت إلى تلك التهمة مخالفات مالية مماثلة عن السنوات الثلاث الماضية، بقيمة تقريبية تصل إلى 4 مليارات ين ياباني.

من هو هاري نادا؟
شددت  فاينانشال تايمز على أن “الخيانة” لم تتوقف عند نادا، بل عملت "مجموعة صغيرة" من المقربين لغصن "على مدى سنوات عديدة على كشف التجاوزات المالية" في مقر نيسان في يوكوهاما.


وتصف الصحيفة نادا بأنه "أحد الشخصيات الأقل ظهوراً، لكنه الأكثر نفوذاً في الشركة اليابانية لصناعة السيارات". وتشدد على أنه كان معروفاً، منذ فترة طويلة، بإخلاصه لغصن، ملاحظة أنه بحلول ربيع عام 2018 "اضطر نادا، سواء كان بإرادته أم رغماً عنه، أن يصبح جزءًا من "مجموعة صغيرة" تضم خمسة مسؤولين في نيسان، يُحققون سراً في "سوء سلوك محتمل للرئيس غصن الذي أنقذ المجموعة اليابانية من الانهيار في ظرف وجيز وحولها من مفلسة إلى رابحة".

يصف زميل سابق لنادا الرجل بأنه: "شاب مرح ومبهج، يتمتع بالمرونة وماهر جداً في التعامل مع اليابانيين، ما جعله يحظى بشعبية بينهم". وقال عنه آخر: "كان دبلوماسياً للغاية، وأسلوبه ساحر وسلس، لطالما احتفظ بهدوء أعصابه ". وأردف: “ هذا ما جعله يحظى باحترام كبار المسؤولين التنفيذيين اليابانيين في نيسان وزملائهم الغربيين بالإجماع".

وأضاف أن نادا عمل مساعداً لاثنين من كبار المديرين التنفيذيين، وكان أحد أكثر شخصيتين تتعاونان مع المدعين العامين في طوكيو بشأن القضية، وأنه قدم "معلومات محورية" ساعدت في دعم مزاعم شركة نيسان بأن غصن قلّل من أجره وأموال الشركة المستخدمة لتغطية النفقات الشخصية.

وبالإضافة إلى الاتهامات الموجهة له، كشف التحقيق الداخلي الذي أجرته نيسان المزيد من التجاوزات، تشمل عقداً استشارياً بقيمة 100 ألف دولار سنوياً تم توقيعه بين ابنة غصن الكبرى ونيسان. مخالفة أخرى تقول نيسان إن غصن ارتكبها تتمثل في محاولات “فاشلة" قام بها للحصول على أموال التعاقد حين كان في منصبه.

ولفتت الصحيفة إلى أن غصن زار اليابان، في منتصف شهر أبريل، في واحدة من زياراته النادرة إليها، وأجرى لقاءً  صحفياً مع بعض وسائل الإعلام في طوكيو، تحدث خلاله عن خططه لتطوير تحالف رينو – نيسان وتنمية رأس ماله، دون أن يشعر بما يُحاك ضده من "حفنة من أقرب مساعديه".

وقالت فاينانشال تايمز إن  الإعلام الياباني دأب على الإشارة إلى نادا على أنه "المُبلِغ عن المخالفات"، لكنها أوضحت أن: الواقع أكثر تعقيداً، إذ يؤكد مقربون أن نيسان تعاني من "حرب داخلية طاحنة منذ 10 أشهر تقريباً"، وأردفت “إنه نزاع خفي جداً لدرجة أن غصن لم يعلم بأن تحقيقات تجري بشأنه من قبل الرجل الذي عاش في كنفه وعلى بعد خطوات من شقته الفاخرة في طوكيو".

في الوقت نفسه أوضحت فاينانشال تايمز أن نيسان التي وُجهت لها المخالفاتُ المالية ذاتها كشركة، تدفع عنها التهمة بالادعاء أن غصن كانت لديه السلطة لتحديد راتب المدير ومساعده المقبوض عليه غريغ كيلي. وتشدد نيسان على اعتبار كيلي "اليد اليمنى لغصن” وأنه "العقل المدبر" لسوء السلوك، وأن التنفيذيين الآخرين، بما في ذلك الرئيس التنفيذي هيروتو سايكاوا، لم يكونوا على علم بالتجاوزات.

وتلفت الصحيفة إلى أن نادا الذي تصفه بـ "مفجر الفضيحة" رفض التعليق على ما جاء بتقريرها، كما رفضت الشركة التعليق أو السماح لنادا بالتعليق.

وبالإضافة إلى الاتهامات الموجهة له، كشف التحقيق الداخلي الذي أجرته نيسان المزيد من التجاوزات، تشمل عقداً استشارياً بقيمة 100 ألف دولار سنوياً تم توقيعه بين ابنة غصن الكبرى ونيسان. مخالفة أخرى تقول نيسان إن غصن ارتكبها تتمثل في محاولات “فاشلة" قام بها للحصول على أموال التعاقد حين كان في منصبه.

وطعن غصن، الثلاثاء، في الحكم القضائي بتمديد احتجازه 10 أيام أخرى، وفقاً لما أعلنته محكمة في طوكيو، بعد أن وجه له المدعي العام الياباني، الاثنين، رسمياً تهمة عدم الإفصاح عن دخله الذي يزيد عن 4.2 مليار ين (38 مليون دولار) مُنذ عام 2015. كما وجه المدعي العام لشركة نيسان تهمةَ تقديم مستندات لا تعلن مداخيل غصن بشكلٍ صادق وشفاف.