لا زلت ابحث عن لبنان الوطن. وليس لبنان المزرعة التي يتقاسمها عصابات من اللصوص والمجرمين.
لا زلت ابحث عن لبنان الشعب. وليس لبنان القطعان المنقادة لرؤوس الفساد وتجار الدين وفراعنة السياسة والأحزاب.
لا زلت ابحث عن لبنان الهوية الوطنية والانتماء الوطني. وليس لبنان الارتهان للخارج والانتماء للطائفة والمذهب والعشيرة والعائلة والفئة والمنطقة والحي والزاروب.
لا زلت ابحث عن لبنان العيش المشترك. وليس لبنان القبائل المتناحرة والمتفرقة والشعوب المتحاربة والمشتتة.
لا زلت ابحث عن لبنان الأمن والأمان والاستقرار. لا لبنان الفوضى والفلتان والهواجس والتشبيح والسلب والنهب والخوات والسطو المسلح وقطع الطرقات والمربعات الأمنية والبؤر الخارجة على القانون.
لا زلت ابحث عن لبنان الحرية. وليس لبنان كم الأفواه ومصادرة القرار والاعتقال والسجون والزنازين والاغلال وتهديد كل من تسول له نفسه التعبير عن رأيه أو التفوه بكلمة اعتراضا على مهازل الحكم ومساوىء الطبقة السياسية الفاسدة.
لا زلت ابحث عن لبنان الكرامة. وليس لبنان الخنوع والخضوع والاذلال والمحسوبيات والتزلف وتمسيح الجوخ والانقياد الأعمى للزعيم.
لا زلت ابحث عن لبنان الحر السيد المستقل. وليس لبنان الساحة لصراعات المشاريع الإقليمية والدولية.
لا زلت ابحث عن لبنان العدالة والمساواة. وليس لبنان المظلومية والعدل الضائع.
لا زلت ابحث عن لبنان النظام والدستور والقانون. وليس لبنان شريعة الغاب. والقوي فيه يأكل الضعيف.
لا زلت ابحث عن لبنان المؤسسات والأجهزة والإدارات. لا لبنان الملكيات الخاصة والاقطاعيات.
لا زلت ابحث عن لبنان الإنماء والمشاريع الإنمائية وإيجاد فرص العمل. ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب. وليس لبنان المحاصصة وتقاسم النفوذ وتعطيل المؤسسات وتجاهل الخبرات والاختصاص.
لا زلت ابحث عن لبنان الخدمات وتأمين مقومات الحد الأدنى للحياة. وليس لبنان الذي يعاني أزمات ومشاكل في الماء والكهرباء والمواصلات والاتصالات والاستشفاء والصحة والتعليم والبيئة ومعالجة النفايات وغيرها من المشاكل الأخرى.
لا زلت ابحث عن لبنان القوي باقتصاده وعملته الوطنية. لا لبنان المنهار تحت أعباء المديونية التي فاقت قدراته على الوفاء بالتزاماته جراء هدر المال العام الذي يذهب إلى جيوب السياسيين الفاسدين واتباعهم والأهل والأقارب وأصحاب الحظوة.
لا زلت ابحث عن لبنان واحة الأمان وصوت الحرية ومنبع الكرامة والقرار الوطني. وليس لبنان المغمور تحت أعباء وهيمنة قوى الأمر الواقع والضائع بين مصالحهم ومشاريعهم المرتبطة بالخارج.
فهذا هو اللبنان الذي ابحث عنه والذي وضعه الأمراء في عنق الزجاجة زمن السلم كما غيبوه في زمن الحرب الأهلية. فلا هو حي ليستقر بين الأحياء. ولا هو ميت للإعلان عن موعد دفنه.