تتوالى التحديات في ما خص أداء إسرائيل في الجنوب بعد إعلان "اليونيفيل" عن وجود نفق ثانٍ أقامه "حزب الله" على الحدود الجنوبية. وبالتالي، فإن لبنان يجب أن يكون على جهوزية لتلقي مختلف أنواع ردود الفعل. والأهم، بحسب المصادر الديبلوماسية، السعي الجدي لدى الأفرقاء لتسهيل تشكيل الحكومة، إذ أن وجود حكومة أمر أساسي في ظل المخاطر المحدقة من الجانب الإسرائيلي.
انتقلت إسرائيل من غزة إلى الجنوب وكان بامكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يكمل عدوانه في غزة. لكنه عمد إلى وقفه. وهو أرجأ الموضوع لأنه، أولاً، يعاني فشلاً داخلياً وإرباكاً، وثانياً، لا يريد أن "يخربط" على الرئيس الأميركي دونالد ترامب في هذه المرحلة من البحث في طريقة تعيد عملية السلام إلى الواجهة. لكنه عبر التركيز الآن ولمدة اسابيع على "حزب الله"، وسط ملاحقات قضائية، يعمد إلى تغيير الأجواء المحيطة به. من دون أن يكون السقف الذي ستصل إليه إسرائيل بالنسبة إلى الإتفاق واضحاً للدول وكذلك للبنان.
هناك ضغط دولي لافت لوقف المشكلات في غزة. وهناك خطر جدي تخطى الخط الأحمر من وجهة النظر الإسرائيلية بالنسبة إلى وجود الإتفاق التي أكدته "اليونيفيل". وبما أن "اليونيفيل" اعترفت بوجود الإتفاق، يعني أن هناك مخاطر. وإذا رمت إسرائيل مثلا قنابل في الأنفاق، سيمتد لهيبها إلى الأراضي اللبنانية.
ثلاثة خيارات كان يمكن اعتمادها من جانب لبنان، أولها : شكوى إلى مجلس الأمن وهو ما حصل حول خروقات إسرائيل الجوية وتهديداتها. ثانيها: شكوى مضافة إلى طلب إنعقاد مجلس الأمن، وهو الأمر الذي لم يحصل. وثالثاً: اللجوء إلى اللجنة الثلاثية التي تضم الجيش اللبناني و"اليونيفيل "وإسرائيل وهذه اللجنة مهمتها الحوار حول كل المشكلات وإيجاد حل لها. ويتحدث لبنان وإسرائيل من خلالها عبر ضباط "اليونيفيل". ما حصل أن نتنياهو إتهم وهدد وقدم كتاباً إلى الأمم المتحدة.
إن ما يشجع نتنياهو للتوجه إلى مجلس الأمن هو موافقة روسية على أن إسرائيل يجب أن تدافع عن نفسها. وبالتالي، لا خوف من "فيتو" روسي، والأميركيون يدعمون نتنياهو الذي طلب من إسرائيل أن تدافع عن نفسها بقوة. ما يعني أن الفيتو" لن يكون موجوداً على مطالب إسرائيل في هذا الجو الدولي. لذا من المحتمل، أن تتجه إسرائيل إلى مجلس الأمن. فيما لبنان حتى الآن يكتفي بتقديم الشكوى.
ولا تستبعد المصادر، أن يؤدي عامل توازن الرعب إلى أضعاف خيار اللجوء إلى حرب. لذلك يبدو أن المخرج السلمي هو اللجوء إلى اللجنة الثلاثية، طالما أن أية دولة لم تنسحب من عضويتها. واللجوء إليها هو على أساس أن لبنان شكا من إختراق للأجواء، وإسرائيل شكت من إختراق على الأرض. فيكون هناك توازن في الشكاوى، ما يحتم أن تتدخل اللجنة الثلاثية لحل الموضوع. أما بالنسبة إلى إزالة الإتفاق، فإن الأمر يعدّ مسألة أخرى، إذ أن "اليونيفيل" غير قادرة لوحدها أن تلجأ إلى عمل معين لإزالتها. كما أن ليس لديها أية صلاحية عسكرية تفرضها على سبيل التدمير وسحب السلاح. وقيامها بهذا العمل يجب أن يتخذ من خلال قرار جديد لمجلس الأمن بحيث يكلف القوة بمهمة جديدة، على أن يتم ذلك بالتوافق بين كل الأطراف المعنية على الأرض أو الأطراف المؤثرة فيها.
إسرائيل حالياً طلبت رداً دولياً على ما يقوم به الحزب من أنفاق. وهل سيكون الرد عبر مجلس الأمن. وإذا كان توازن الرعب بين الطرفين لا يفرض حرباً، فهل يكون المخرج عبر اللجنة الثلاثية، أم أن إسرائيل لن تقتنع بذلك؟ وهل ستستفيد إسرائيل من هذه الفرصة للسعي لتعديل القرار ١٧٠١، على أساس أن هذا الخرق كبير، وليس مقبولاً لديها، مع أنها هي تقوم بخروقات يومية؟
إسرائيل دائماً كانت تسعى لتعديل القرار ١٧٠١. إلا أن الأجواء الدولية لا تسمح بذلك، ولا تزال التوازنات الدولية الإقليمية قائمة بالشكل الذي كان عندما صدر هذا القرار.
حتى الآن ليس من تصور واضح للخطوة التالية. لكن قائد "اليونيفيل" ستيفانو دل سول زار المسؤولين اللبنانيين ووضعهم في صورة الموقف في الجنوب.