وجّه مظلوم وعدًا إلى والده أنّه لن يستسلم ولن يتراجع ولن يُرهبه تهديد ولاتشبيح أو تهويل
هوالحاج "ولاء"، والد الناشط علي مظلوم، الذي عُرف بـِ رجل المهمّات الصعبة ومن يُدّخر للشدائد، هو المدرسة التي تلقّن منها رفاقه الكثير من المواعظ والعبر الصامتة، كان الشهيد "ولاء" رفيق كلّ المقاومين في محاور الجنوب إلى آخر محور في البقاع الغربي، وصديقاً لحوالي مئات الشهداء الذين سقطوا واحداً تلو الآخر لتبقى راية المقاومة خفاقةً.. وقبل إستشهاده طلب من أهل بيته وأقاربه البقاء على أهبّة الإستعداد لمواجهة أيّ خطر مرتقب، وكيفما تلفَّت يوصيهم بسيّد المقاومة.
وبدأت رحلة نجل الحاج "ولاء"، الناشط علي مظلوم، عندما روى عبر صفحته الخاصّة على موقع "فيسبوك"، تجربة إعتقاله التي إمتدّت لسنة وأكثر في سجون حزب الله على خلفيّة حيازته لسلاح غير مرخّص، حيثُ تعرّض خلالها لأبشع أنواع التعذيب والإذلال، كي تنهار إرادته، ويكون مجرّدًا، لا يحمل معه سوى إرادته، فجسده مُستباح، وإن لم تنتصر إرادته وتصمد، فقد خسر المعركة.
وكشف مظلوم، في حديثٍ خاصّ صباح اليوم لـِ موقع "لبنان الجديد"، قبل دخوله إلى التحقيق في مكتب جرائم المعلوماتيّة، أنّ حزب الله يملك عدداً من السجون التي تديرها وحدتا الحماية والأمن الوقائي، وفيها يقوم بسجن بعض المخالفين من المنظمين في صفوفه، أو بعض اللّبنانيّين والأجانب الذين يُعتقلوا ويُختطفوا بتهم مختلفة.
وتحدّث مظلوم، من جديد عن تجربة إعتقاله في سجون حزب الله:" هي عبارة عن معركة من الجدل والمساومات، يُستخدم فيها ما هو مباح في المعارك من شراسة ومراوغة، وأساليب خداع، وإستعمال لفنون الحرب النفسيّة والجسديّة في آنٍ واحدٍ، والضغط على المعتقل بكلّ الوسائل، للترغيب تارة والترهيب والتعذيب مرّات أخرى، إلى أن ينهار المعتقل ويرضخ لأوامرهم".
وبعد ضغوطات من عائلته أطلق سراحه، فلجأ إلى الجهّات المعنيّة لإنصافه، ولكنّه لم يحصل على أيّ حقّ، لذا قرّر رفع الستارة عن فساد مسؤولي حزب الله بإعتباره كان منضمّاً في صفوفه لسنوات، فتعرّض للتهديد والتخوين، فإتّهموه بتجارة المخدّرات والسلاح وغيرها من التهم حتى وصل الأمر إلى إتّهامه بالعمالة.
إقرأ أيضًا:"هل تُطيحُ الإنترنت بالكتب المطبوعة؟"
وإستُدعي يوم أمس الثلاثاء، مظلوم إلى مكتب جرائم المعلوماتيّة بدعوى من وفيق صفا ومسؤولين آخرين في الحزب على خلفيّة إدارته لصفحة "عبير منصور" على موقع "فيسبوك"، الصفحة التي أزاحت المستور في أروقة الحزب الداخليّة في قضايا الفساد والإتجار بالمخدّرات وتغطيّة المطلوبين وغير ذلك.
وقال مظلوم:" كلّ ما أقوم به هو الكشف عن المستور في الصفقات والسمسرات وقضايا الفساد التي إمتهنها بعض مسؤولي الحزب مستخدمين سطوتهم ونفوذهم داخل الدولة".
ورأى مظلوم في سياق حديثه، أنّ كلّ ما يقوم به هو على حدّ وصفه "صحوة شيعيّة" التي يعتبرها حاجة ماسّة الآن.. الآن وليس غداً، لإنقاذ لبنان، ودولته، من السقوط النهائي وقال:"ملفّات فساد عديدة تُلاحق بعض مسؤولي الحزب...وهنا يطول الحديث ويتشعّب، بدءًا من فضائح ماليّة وصولاً إلى فضائح في قطاع الأدوية المزوّرة مرورًا بقطاع الكبتاغون وتجارتها".
وعن التحقيق الذي جرى يوم أمس الثلاثاء بعد دعوى مقامة من جانب وفيق صفا، مسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق في حزب الله، قال:" ذهبُ صباح أمس عند الساعة التاسعة صباحاً إلى مكتب جرائم المعلوماتية بعد تدويناتٍ قد دونتها على صفحتي أثارت إنزعاج الحزب وبشخص وفيق صفا".
وتابع:" عند دخولي إلى المكتب حقّق معي 5 محققين، وحاولوا بشتّى الوسائل الضغط لكي أتراجع وأحذف جميع تدويناتي وأن أوقع على تعهد بالإمتناع عن الكشف عن المزيد من ما أمتلك من وثائق ومعلومات التي تطال كبار الشخصيّات في حزب الله أمثال وفيق صفا، لكنني رفضت رفضًا قاطعًا".
وأضاف:" عبّرت عن إستعدادي للبقاء في الزنزانة لكنّني لن أتراجع نهائيًّا عن أي منشور سبق وأن دونته"، واصفًا الجوّ الذي حاولوا خلقه خلال التحقيق بالمُتوتّر للضغط عليه، من خلال محاولة خلق جوّ كسر إرادة وعزيمة لكنّ كلّ هذه المحاولات بائت بالفشل.
ومن خلال موقع "لبنان الجديد"، وجّه مظلوم وعدًا إلى والده أنّه لن يستسلم ولن يتراجع ولن يُرهبه تهديد ولاتشبيح أو تهويل، قائلًا:" حاج ولاء سوف أكمل نهجك المقاوم لكنّ هذه المرّة من خلال مقاومة الفساد داخل الحزب الذي رويته بدمائك الذكيّة".
ومع غياب القانون الناظم لوسائل التواصل الإجتماعي وحرّية إبداء الرأي، يصبح أي تحرك تجاه من يبدي الرأي قولًا أو كتابة مبنياً على موقف شخصيّ أوّ سياسيّ غير خاضع لأسس العدالة، فمتى ينتهي هذا المصير؟ لا سيما وأن المّادة ١٣ من الدستور اللّبنانيّ تتحدّث عن حرّيّة إبداء الرأي.
وإزاء هذا المشهد المستجدّ، علي ولاء مظلوم إبن مدينة "بريتال"، قد أثبت أنّه على نهج والده الشهيد وأنّ لا بدّ أن يَسْتَجِيبَ القَـدَر، وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر".
ومن موقع "لبنان الجديد"، نحنُ نعلن التضامن الكامل مع علي مظلوم كقضيّة عامّة وقضيّة حرّيّة.