تتجه الأنظار إلى ما ستؤول إليه مبادرة الرئيس ميشال عون التي تهدف إلى حل الأزمة الحكومية، وتحديداً عبر تذليل عقدة تمثيل نواب «سنّة 8 آذار»، إذ إنه بعدما التقى أول من أمس رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، كان موضوع الحكومة بنداً رئيسياً في الاجتماع الذي عقده أمس مع وفد من «حزب الله»، تمثل برئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، والمعاون السياسي لأمين عام الحزب حسين خليل.
وحذر عون أمس من «كارثة»، في حال فشلت مبادرته، وقال: «موضوع الحكومة تعثر، ووجدنا أنه من الواجب أن نوفق بين جميع الأطراف، ونأخذ المبادرة من أجل تأليف الحكومة. وإذا لم تنجح، فستكون هناك كارثة».
من جهته، رفض بري اعتبار هذه المبادرة «فرصة أخيرة»، وقال رداً على سؤال بعد لقائه الرئيس النمساوي: «لا شيء اسمه فرص أخيرة، العقل اللبناني دائماً خلاق، وبالإمكان إن شاء الله أن يتوصل فخامة الرئيس إلى حلول سريعة. وقد تبادلنا خلال اللقاء أفكاراً متعددة، بحيث إذا لم تنجح فكرة، تنجح الثانية. وإذا لم تنجح الثانية، تنجح الثالثة».
وعما إذا كانت رسالة رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي سحبت من التداول، قال: «أعتقد أن فخامة الرئيس بالمشاورات التي أجراها استغنى عن هذا الأمر»، نافياً في الوقت عينه أن يكون قد تم البحث بها خلال اللقاء. وبعد لقائه عون، أعلن النائب محمد رعد عن وجود أفكار مقبولة للحل، وقال: «كانت جلسة لجوجلة الأفكار مع فخامة الرئيس، من أجل البحث عن المخارج والحلول النافعة لمصلحة البلد، وهناك أفكار قابلة للدرس»، مضيفاً: «جرى عصف أفكار بصوتٍ عالٍ، فهناك أفكار مقبولة وأخرى مستبعدة، وللبحث صلة».
وفي المقابل، قالت مصادر متابعة للقاءات إن «أولى نتائجها كانت صرف نظر الرئيس عون عما كان قد لوح به، لجهة إرسال رسالة إلى البرلمان لبحث الأزمة»، فيما بدا واضحاً أن طرح تمثيل «اللقاء الديمقراطي» ضمن حصة رئيس الجمهورية قد سقط، وهو ما عبر عنه أحد أعضاء اللقاء، النائب الوليد سكرية، ولفتت إليه المصادر، مشيرة إلى أن البحث انتقل إلى طروحات أخرى.
وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن محور اللقاءات مع عون كان بشكل أساسي موضوع الرسالة التي لوح بإرسالها للبرلمان، وقد لعب بري دوراً رئيسياً في إقناع رئيس الجمهورية بذلك، انطلاقاً من أنها بدل أن تساعد في إيجاد حل، قد تؤدي إلى المزيد من التعقيدات. وأكدت أن المبادرة التي قام بها عون، واللقاءات التي عقدها، ساهمت في تخفيف أجواء التشنج، وطرح أكثر من مخرج للحل، على أن تتواصل الاتصالات واللقاءات بعد عودة الحريري من لندن نهاية الأسبوع.
وبعدما كانت المعلومات قد أشارت إلى أن الطرح القديم الجديد عاد إلى الواجهة لحل «العقدة السنية»، عبر تمثيل «سنة 8 آذار» ضمن حصة عون، أكدت المصادر أنه لم يجد طريقه إلى القبول من الأطراف المعنية، علماً بأن الحريري لا يزال متمسكاً بموقفه الرافض لتمثيل أحدهم، طارحاً خيار شخصية تمثلهم من خارج اللقاء. كذلك، جدد أمس النائب سكرية موقف اللقاء الرافض لتمثيله ضمن حصة عون، مطالباً بأن يكون لهم وزير مستقل.
من هنا، أكدت المصادر أن البحث مستمر في حلول أخرى، منها أن يتمثل النواب السنة ضمن الحصة الشيعية، وتحديداً عبر توزير النائب قاسم هاشم، وهو أحد نواب «كتلة التنمية والتحرير»، التي يرأسها بري، وكذلك أحد أعضاء اللقاء التشاوري.
وأمل سكرية في حديث إذاعي أن يستطيع الرئيس عون إخراج البلاد من الأزمة، والوصول إلى حل في تشكيل الحكومة، داعياً إلى «اعتماد وحدة المعيار، فتشكيل الحكومة قائم على أساس المحاصصة الطائفية، أي أن كل طائفة عينت وزراءها، وعلى السنة أن يختاروا وزراءهم، لا أن يحتكر تمثيلهم تيار المستقبل».
وفي هذا الإطار، أبدت «كتلة المستقبل» تفاؤلها بمبادرة الرئيس عون، مجددة التأكيد على أن صلاحيات رئيس الحكومة المكلف غير قابلة للمساومة. ورأت الكتلة في اجتماعها الأسبوعي في مبادرة عون «إعادة فتح الأبواب أمام نقاش هادئ، وخطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، تطوي ما سبقها من دعوات وفتاوى دستورية».
وأكدت أن صلاحيات الرئيس المكلف غير قابلة للمساومة والمساس تحت أي ظرف من الظروف، وأن جميع المحاولات التي تجري في هذا الشأن، سواء من خلال ابتداع أعرافٍ جديدةٍ أو عبر فرض شروط سياسية على عملية تأليف الحكومة، ستؤول حتماً إلى الفشل.