بعد مضي عشرة أيام على اختبارها إطلاق صاروخ باليستي جديد أثار سخط الولايات المتحدة الأميركية ، أيدت إيران يوم الثلاثاء قيامها بتلك التجربة وذلك على لسان اللواء حاجي زاده قائد سلاح الجو الفضاء للحرس الثوري الإيراني.
وكانت إيران قد التزمت الصمت منذ تجربتها الصاروخية الأخيرة وبادرت الولايات المتحدة بتغطية الخبر ثم رفعت بريطانيا وفرنسا القضية إلى مجلس الأمن لإدانة إيران على قيامها بهذه التجربة الباليستية واعتبارها خرقاً للقرار الأممي رقم 2231 وفعلاً أخفقت الولايات المتحدة وحليفتيها في إدانة إيران واعترف مندوب بريطانيا في الأمم المتحدة بأن إطلاق الصواريخ الباليستية لا يعتبر خرقاً للقرار الأممي 2231 وإنما هو عملية استفزازية ومربكة للأمن.
لماذا وضعت الولايات المتحدة برنامج إيران الصاروخي تحت المجهر؟ هل يمثل هذا البرنامج تهديداً لأمن الشرق الأوسط في حين أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتباهى ببيع مئات المليارات من الدولارات لدول الخليج العربية؟ هل قدرة إيران الصاروخية هي أقوى من الأسلحة المتطورة التي تزودها الولايات المتحدة بها دول الخليج العربية؟ أليس تحويل البلدان العربية الخليجية إلى مستودعات للسلاح الأميركي والفرنسي البريطاني مربكاً لأمن المنطقة؟ ألا يحق لإيران وهي تعرضت لإعتداء جارها العربي ( العراق) بحرب إستمرت لثمانية أعوام وشهدت بنيتها التحتية خلال تلك الفترة دماراً واسعاً ولم تكن تمتلك صاروخاً للدفاع عن النفس، أن تجهز نفسها الآن استعداداً لمواجهة أي طارئ؟
ثم إن الولايات المتحدة التي انسحبت من قرار أممي هي وضعته أقرت به، هل يحق لها أن تطالب إيران بالالتزام بشيء لم تتعهد به؟
إن الولايات المتحدة تريد إستدراج إيران إلى مرحلة التجريد من أية قدرة للهجوم وحتى الدفاع وبدأت بالمشروع النووي ثم ركزت على الجانب الاقتصادي عبر إعادة العقوبات عليها التي من شأنها دفع الشعب الإيراني إلى مواجهة النظام وإسقاطه.
وبالموازاة مع خطة تجويع الشعب الإيراني تحاول الولايات المتحدة ضرب المشروع الصاروخي الباليستي الإيراني وخلق ثنائية مزيفة وهي: إما الخبز وإما الصاروخ!
إقرأ أيضا : حزب الله والمعركة القادمة...
ويروّج المعارضون الإيرانيون المنفيون لمقولة أن أموال الشعب الإيراني تصرف في مشاريع السلاح والصواريخ بدل صرفها للغذاء والدواء وترفيه الشعب، في حين أن ميزانية إيران العسكرية أقل بكثير من الإمارات العربية المتحدة ناهيك عن المملكة العربية السعودية في حين أن مساحة إيران وسكانها أكبر وأكثر من جيرانها العرب.
ثم إن قدرة إيران الصاروخية من شأنها أن تخدم الأمن والإستقرار في المنطقة عبر خلق توازن عسكري بينها وبين الآخرين كما أن حصول باكستان على السلاح النووي بعد اختبار الهند النووي العسكري خلق توازناً نوعياً في شرق آسيا وأي منهما لا تقدر على استخدام السلاح النووي.
وهكذا فإن القوة الصاروخية الإيرانية ليست تهديداً على جيرانها حيث أن مدى تلك الصواريخ تصل إلى 2000 كلم في حين أن المسافة بين إيران وجيرانها قريبة جداً. ولذلك ربما ليس لدى الولايات المتحدة ولا حلفائها الأوروبيين مشكلة مع نفس المشروع الباليستي الإيراني وإنما مع مدى تلك الصواريخ.