تتوازى احتمالات حصول ضربة إسرائيلية على لبنان ضد "حزب الله"، مع احتمالات عدم اللجوء إليها. فالعوامل التي تصبّ في خانة احتمالات الضربة قائمة في ظل أنه لا يمكن حسبان الموقف الإسرائيلي، والعداوة قائمة. وكل شيء يبقى وارداً لأن النوايا الإسرائيلية غير معروفة. بالتزامن مع التعقيدات القضائية التي يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وإذا ما سيلجأ إلى الحرب ضد لبنان، من أجل الهروب من هذه التعقيدات وهذا احتمال وارد.
وقالت مصادر ديبلوماسية بارزة، إن الوضع اللبناني حالياً ليس في معرض خطورة كبيرة، لكن لا يمكن التكهّن بما قد يحصل لاحقاً. إلا أن على لبنان أن يتمتع بالجهوزية اللازمة للاحتمالات كافة.
وبالتالي، هناك وُجهتا نظر، الأولى تستبعد أن تقوم إسرائيل بالضربة في العمق اللبناني وهذا ما تقوله اوساط أميركية لمصادر ديبلوماسية، إذ أن لا إسرائيل تريد مزيداً من التصعيد ولا لبنان يريد ذلك، لكنّ تطور أي أمر سيفرض نفسه على الساحة الجنوبية في ضوء الموقف الدولي من تقرير "اليونيفيل". والثانية، بحسب المصادر، أن الضربات الإسرائيلية مرجح أن تبقى محدودة وداخل الأراضي السورية، والتصعيد واضح على إيران و"حزب الله" أميركياً وإسرائيلياً.
وتشير مصادر ديبلوماسية أخرى، إلى أنه لا يمكن بالتحديد معرفة ما يجول في فكر إسرائيل. وقد توجِّه ضربة للحزب في لبنان إذا ما رأت أن سلاحاً جديداً وصل إلى الجنوب، وأن ذلك يشكّل خطراً عليها أو أن هناك أنفاقاً فعلية تؤثر عليها. كما أنها إذا وجدت نفسها محرجة جداً فقد تلجأ إلى هذه الطريقة في التعامل. مع أنه ليس من مصلحة أي طرف اللجوء إلى حرب في المرحلة الحاضرة، لأن أي حرب ستزيد الوضع تعقيداً في المنطقة ولدى الأفرقاء كافة.
ومن السهل، بحسب المصادر، على إسرائيل في هذه المرحلة استهداف الحزب وإيران في سوريا، وليس في لبنان. ذلك أن كل الأطراف الدولية متفقة حول ضرورة الإبقاء على وضع لبنان هادئاً ومستقراً. إن إسرائيل عملياً متفقة مع الروس حول عملياتها في سوريا. وبالتالي، حتى الآن لن يتم القصف إلا في سوريا، واستهداف غيرها يعتبر بداية حرب. وإذا كانت كل الأطراف في المنطقة ليست لديها مصلحة بالحرب، فإن إسرائيل أول هذه الأطراف.
وتقول المصادر، إن اهتمامات الإدارة الأميركية هي في مكان آخر، فهي تنصبّ على معالجة الوضع مع إيران، والإدارة تُركّز على إيران حتى داخل سوريا، إلا إذا حصلت حرب نتيجة عدم وجود مقاربة دقيقة للملف الإيراني بالكامل، وحجم أي حرب سيكون كبيراً. وقد لا حظت المصادر، أن اية قمة لم تحصل بين الأميركيين والروس على هامش قمة العشرين في الأرجنتين بسبب اجواء التصعيد الراهنة، لا سيما تلك المتأتية من العقوبات على روسيا.
مع أن المصادر، تعتبر أن المشاورات الأميركية - الروسية مستمرة ولا تنقطع، والتحضيرات تبقى قائمة للقمة المرتقبة بينهما في الـ ٢٠١٩.
والأميركيون يريدون تمرير مرحلة الإنتخابات الإسرائيلية المتوقعة في حزيران المقبل، ولن يتخلوا عن عوامل الإستقرار التقليدية بالنسبة إلى علاقاتهم الخليجية، وعلاقتهم الإستراتيجية مع إسرائيل.
وهناك معطيات لا تصبّ في توجه إحتمال حصول حرب في المنطقة. وهي أن العمل الأميركي - الإسرائيلي ينصبّ على ما يسمّى صفقة القرن، في مقابل عدم وجود موقف عربي موحد نظراً إلى أن كل جهة عربية لديها مشكلاتها. وإسرائيل الآن تمهد لإطلاق هذه الصفقة وصولاً إلى التطبيع في وقت ما. هناك أزمات إقتصادية عربية، وتعقيدات إقليمية تنعكس على المجموعة العربية.
كما أن نصف السكان العرب شباب، ونصفهم عاطل عن العمل، ولا من خطة لتوظيف الطاقة العربية، وحسابات الجامعة العربية في مكان آخر. وما يصيب الجامعة يصيب الأمم المتحدة. ولا تتوقع المصادر، أن يتم اللجوء إلى الحرب في ظل السعي إلى تحقيق صفقة القرن.
أمام ذلك كله، تنصبّ الإهتمامات في الداخل اللبناني ولدى الدول على إستشراف طبيعة الردّ الإيراني وردّ "حزب الله" على العقوبات التي فرضت عليهما. فكل المسائل في المنطقة مرتبطة ببعضها البعض مع أن المصادر لا تعتبر أن الطرفين سيستسلمان بسهولة لذا ترقب ردة فعلهما مهمة جداً، لأن معالمها غير واضحة.