الشاعر يقول: "عرف الحبيب مكانه فتدللا .... وقنعت منه بموعد فتعللا".
وهذه هي حال رئيس التيار الوطني الحر مع حبيبه حزب الله، ولأن بالسياسة لا يوجد دلال ولا تدلل، فإن الإصرار هنا سرعان ما ينقلب إلى تحدّي ونوع من المواجهة وان كان الطرفان يحرصان على عدم تظهير حقيقة الموقف كما هو.
فلو سلمنا جدلاً أن الهدف الأساسي من توزير واحد من النواب السنة المستقلين ليس انتزاع الثلث المعطل من بين يدي جبران باسيل، ولو سلمنا جدلاً أن الهدف الحقيقي من "اختراع" كتلة سنية موالية لحزب الله يهدف الى عدم استئثار الرئيس المكلف بالتمثيل السني.
إقرأ أيضًا: سعد الحريري إلى أين؟
ولو صدقنا ما جاء بخطاب الأمين العام لحزب الله الأخير عن لا ممانعة الحزب حصول فريق رئيس الجمهورية للثلث المعطل وعدم اعتراضه كما قال السيد على حصة من 12 أو حتى 15 وزيراً.
يبقى السؤال القائم، هو لماذا لم يبادر رئيس الجمهورية وبشكل بديهي للتنازل عن وزير من حصته لصالح واحد من الستة وتُحل حينئذ المشكلة وتشكل الحكومة فوراً وتنطلق عجلتها، وانما ما شاهدناه من ردة فعل الوزير باسيل هو عكس ذلك تماماً فقد سارع للإعلان عن وقف صفقة تبادل الوزراء مع الحريري، وذهب لعدة اقتراحات تحور وتدور كلها حول إحتفاظه بثلثه المعطل.
يعرف جبران باسيل من حيث المبدأ، أن حزب الله ليس بوارد فك الإرتباط والتحالف في هذه اللحظة مع المكوّن المسيحي الذي يمثله هو ورئيس الجمهورية، ويدرك تماماً أن الحزب يحتاج إلى غطاء مسيحي داخلي يُؤمّن له شيء من الحاضنة الوطنية في زمن العقوبات القادمة وفي لحظة ازدياد الضغوط الإقتصادية والأمنية التي يواجهها الحزب وبالتالي فجبران باسيل يُدرك حاجة الحزب له، فبدل أن يمدّ اليد لمن وقف معه ومع عمه ويبادله الخدمات نراه يستعمل حاجة الحزب لمزيد من التعقيد وزرك الحزب أكثر من أجل تحقيق مآربه الشخصية.
إقرأ أيضًا: هل تدخل إسرائيل من نفق كفركلا؟!
إن حقيقة تأزم تشكيل الحكومة الآن هي بين جبران باسيل ورئيس الحمهورية من جهة وبين حزب الله من جهة أخرى، وهذا ما عبّر عنه صراحة النائب جهاد الصمد، وكل ما نشاهده من "قصف" على الرئيس المكلف هو بالحقيقة موجّه إلى جبران باسيل وخلفه الرئيس عون، ولو افترضنا أن الحريري وافق الآن على ضم وزير من السنة المستقلين إلى حصته مع بقاء حصة باسيل كما هي فإن عقدة جديدة سوف تظهر وتقف حائلاً دون التشكيل حتماً.
حتى اللحظة، حزب الله يحرص على إثارة الغبار حول حقيقة المشكلة مع جبران باسيل من خلال قنابله الإعلامية التي يرميها على "صديقه"، ولكن إلى متى سيصبر الحزب على جبران باسيل وتحدّيه لإرادة السيد؟ وهل يراهن جبران باسيل على تحولات خارجية وتحديداً على الجبهة الجنوبية؟ وكيف سيتصرف حزب الله مع هذا النكران للجميل، وهذه الإنتهازية الباسيلية؟
الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.