عزز رجل الدين مقتدى الصدر، المقيم في منطقة الحنانة بمدينة النجف المقدسة لدى الشيعة، الحراسة في محيط مقره، منذ اندلاع الأزمة السياسية مع حلفاء إيران في البرلمان العراقي، بشأن حقيبة وزارة الداخلية التي فشل البرلمان العراقي أمس في الاتفاق بشأنها.
وقال المحلل السياسي العراقي مثال الآلوسي، إن طهران ربما تخطط لاغتيال الصدر، في حال أصر على تحدي نفوذها في العراق.
ويجاهر الصدر باعتراضاته ضد تأثير “دول جارة” في القرار العراقي، في إشارة إلى إيران، وينشر بانتظام في حسابه المعروف بتويتر انتقادات غير مباشرة لسياسة طهران في العراق.
لكن الجماهيرية الجارفة التي يحظى بها الصدر بين أتباعه، الذين تقدر أعدادهم بالملايين في وسط وجنوب العراق، ربما تحصنه، على حد تعبير محلل سياسي في بغداد، من “أي تهوّر إيراني”.
وقال المحلل السياسي في تصريح لـ”العرب”، إن “الإقدام على اغتيال الصدر، سيعني اندلاع حرب بين الجمهور الصدري والأحزاب العراقية الموالية لطهران، وربما يؤدي إلى نسف العملية السياسية برمتها”، مشيرا إلى أن “إيران أعقل من أن تتورط في مثل هذه المجازفة”.
وأخفق البرلمان العراقي، الأحد، مجددا في عقد جلسة للتصويت على استكمال الكابينة الوزارية المنقوصة من 8 حقائب، وسط استحكام الخلاف بين الفرقاء بشأن المرشح لشغل منصب وزير الداخلية.
وكما جرت العادة في الجلسات الأخيرة، تدفق النواب على مبنى البرلمان صباح الأحد، لكنهم تناوبوا على دخول قاعة انعقاد الجلسة، لضمان عدم تحقيق النصاب، ما كشف عن استمرار الخلافات بين كتلة “البناء” البرلمانية المقربة من إيران، وتحالف “الإصلاح” المدعوم من الصدر، بشأن ترشيح رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض لحقيبة الداخلية.
وبعد محاولات يائسة من تحالف البناء لعقد الجلسة، أعلنت رئاسة البرلمان عن تأجيلها إلى الثلاثاء ما بعد المقبل، على أمل أن تسمح هذه الفسحة الزمنية الواسعة، بردم الفجوة بشأن حقيبة الداخلية.
وحاول تحالف البناء، الذي يضم طيفا من القوى السياسية الشيعية والسنية، المقربة من إيران، أن يتنصل من مسؤولية ترشيح رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض لحقيبة الداخلية، الأمر الذي تسبب في أزمة سياسية خانقة، ملقيا بالكرة في ملعب رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي على اعتبار أن الفياض مرشحه، لكن الأوساط السياسية ردت بأنها “حيلة مكشوفة”.
ويفضل تحالف الصدر بقاء حكومة عبدالمهدي منقوصة الحقائب، على تمرير وزراء حزبيين لشغل مناصب حساسة ولا سيما وزارة الداخلية. ويعتقد الصدريون أن إصرار طهران على تكليف الفياض بحقيبة الداخلية، يرتبط بنوايا إيرانية لاستخدام مقدرات هذه الوزارة الهائلة، في قمع المعارضين السياسيين لنفوذ إيران الواسع في العراق.
كما يمكن لإمكانيات هذه الوزارة أن تسهم في تخفيف ضغط العقوبات الأميركية على إيران، من خلال التساهل في إدارة الحدود الواسعة بين العراق وإيران، التي تعود مسؤوليتها إلى الداخلية.
ولا يستبعد مراقبون أن يتسبب الخلاف العميق بشأن مرشح الداخلية في إطالة أمد الفراغ في هذه الحقيبة الأمنية الحساسة، ما يتيح لرئيس الوزراء وقتا أطول في إدارتها بالوكالة. وتقول مصادر سياسية إن “الصدر مطمئن لوضع وزارة الداخلية تحت وصاية عبدالمهدي في هذا التوقيت الحساس″.
وكان عبدالمهدي أبعد ضباطا بارزين في السلك الأمني العراقي، عرفوا بقربهم من إيران والولايات المتحدة على حدّ سواء، عن بعض المواقع الحساسة، الأمر الذي لقي قبولا لدى الصدر.
ويعتقد الصدر، بحسب مقربين، أن الاستقرار الأمني النسبي في أوضاع العراق بشكل عام، يسمح ببعض المناورات السياسية، التي قد تتسبب في تأخير تسمية وزير الداخلية، لكنها تضمن استقلالية من سيتبوّأ هذا المنصب. ومن النادر أن ينجح زعيم سياسي في تحدي الرغبة الإيرانية كما يفعل الصدر حاليا.