لم يصدر أي موقف لبناني رسمي بعد من تأكيد القوة المؤقتة للأمم المتحدة (اليونيفيل) مساء الخميس، ما أعلنته تل أبيب في وقت سابق عن وجود نفق قرب الخط الأزرق الحدودي بين لبنان وإسرائيل. ويلتزم المسؤولون اللبنانيون الصمت المطبق في التعامل مع المسألة تماماً كـ«حزب الله» الذي لم يصدر عنه أي شيء في هذا المجال حتى بعيد اجتماع كتلته النيابية. وعللت مصادر مطلعة على موقف الحزب لـ«الشرق الأوسط»، موقفه، بأنه «لا يريد أن ينجر إلى استدراجه للإدلاء بأي معلومات ذات طابع سري واستراتيجي، فهو لن ينفي أو يؤكد حفر هذه الأنفاق، لأن هذا ما تريده إسرائيل، وهو يعتبر نفسه معنياً باتخاذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن لبنان للتصدي لأي هجوم إسرائيلي».
ولم يلحظ البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية يوم أمس، أي لقاء علني للرئيس ميشال عون لمتابعة هذا الملف، فيما أعلنت قيادة الجيش أن قائد الجيش العماد جوزيف عون استقبل قائد قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان اللواء ستيفانو ديل كول، وبحث معه في الأوضاع المستجدة على خط الانسحاب. كذلك أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن المدير العام للأمن اللواء عباس إبراهيم، التقى الجنرال ديل كول، وبحث معه التطورات على الحدود الجنوبية، «بعد مزاعم العدو الإسرائيلي عن وجود أنفاق تمتد من لبنان إلى داخل الأراضي المحتلة».
واكتفت مصادر وزارية بالتعليق على الموضوع قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «كل الجهات الرسمية المعنية تتابع الموضوع عن كثب وتتم معالجته بعيداً عن الأضواء وسنتخذ المواقف المناسبة في حينها».
وكانت «اليونيفيل» أعلنت في بيان مساء الخميس أن قائدها العام، يرافقه فريق تقني، زاروا موقعاً بالقرب من المطلة في شمال إسرائيل، حيث اكتشف الجيش الإسرائيلي نفقاً بالقرب من الخط الأزرق، وذكرت أنها بناء على التفتيش فهي «تستطيع أن تؤكد وجود نفق في الموقع». وقالت إنها «منخرطة الآن مع الأطراف للقيام بإجراءات متابعة عاجلة»، مضيفة أنه «من المهم جداً تحديد الصورة الكاملة لهذا الحدث الخطير»، لافتة إلى أنها سترسل «نتائجها الأولية إلى السلطات المختصة في لبنان».
واعتبرت مصادر في حزب «القوات اللبنانية» أنه بعد تأكيد «اليونيفيل» وجود هذا النفق بات على الحكومة اللبنانية أن تأخذ المبادرة في اتجاهين؛ اتجاه داخلي من خلال قولها لـ«حزب الله» إن تصرفات من هذا النوع تجر لبنان إلى حرب، وبالتالي حثه على أهمية الالتزام بالقرار 1701، واتجاه خارجي خصوصاً صوب الأمم المتحدة والعواصم الكبرى للتصدي لأي عدوان إسرائيلي على لبنان واتخاذ الأنفاق ذريعة لشن أي حرب، خصوصاً أن التعديات على الـ1701 متبادلة، وإسرائيل لا شك سباقة في هذا الموضوع.
ويستعد لبنان عبر مندوبته لدى الأمم المتحدة في نيويورك السفيرة آمال مدللي لتقديم شكوى ضد إسرائيل، «وذلك في ظل ما تقوم به من حملة دبلوماسية وسياسية ضد لبنان تمهيداً لشن اعتداءات عليه، ناهيك بتعدّيها على شبكة الاتصالات عبر خرق شبكة الهاتف اللبنانية وإرسال رسائل مسجلة إلى أهالي كفر كلا المدنيين الآمنين تحذرهم فيها من تفجيرات سوف تطول الأراضي اللبنانية وتعريض حياتهم للخطر»، بحسب ما جاء في بيان سابق لوزارة الخارجية.
ويعتبر رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري - انيجما» رياض قهوجي، أن اللافت فيما يحصل هو توقيت الإعلان الإسرائيلي عن الأنفاق والتحرك لتدميرها، علماً أن التقارير في الصحافة الإسرائيلية في هذا المجال تعود إلى أكثر من عام، مشيراً إلى أن الحركة الإسرائيلية الأخيرة تأتي بعيد الإعلان عن مخازن أسلحة ومصانع صواريخ لـ«حزب الله» في بيروت. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا ثبت لليونيفيل وجود هذه الأنفاق، فإن إسرائيل ستحاول وخلفها أميركا وأوروبا ودول أخرى استغلال الموضوع إلى أبعد حدود باعتباره عملاً هجومياً من الجانب اللبناني واختراقاً للسيادة الإسرائيلية». وأضاف: «لكن المجتمع الدولي ليس غبياً، ويعرف تماماً أن لا حول للدولة اللبنانية ولا قوة بقرار الحرب والسلم الذي يمسكه حزب الله، ولذلك يبقى السؤال عن طبيعة موقف حزب الله في حال قررت إسرائيل حقيقة، وكما تهدد، تدمير الأنفاق من الجهة اللبنانية».