هل قرر مرشد الجمهورية، الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ، إنزال العقاب بالرئيس المكلّف سعد الحريري على مبادرته الى مواجهة العاصفة الاسرائيلية الجديدة على خلفية أنفاق الجنوب على الحدود الجنوبية بالقرار 1701 الذي يعطي لبنان ويأخذ منه لإرساء الهدوء في الجنوب؟
السؤال الذي تردد في الساعات الماضية في اوساط وزارية قريبة من الرئيس المكلف، أرفقته الاوساط نفسها بسؤال حول هذا التحوّل المفاجئ في موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من موضوع تشكيل الحكومة، ما جعله يحوّل فوهة البندقية نحو الرئيس الحريري بعدما صوّبها لفترة وجيزة نحو “حزب الله” إعتراضاً على عقدة توزير سنّي تابع للحزب. فهل ضغط الحزب على العهد حتى غيّر اتجاه البندقية؟
كل ما قاله الحريري في بيانه الصادر عن مكتبه الاعلامي “ان الحكومة اللبنانية تؤكد على التزام الموجبات الكاملة للقرار 1701 وعلى التعاون والتنسيق مع قوات الطوارئ الدولية”. وفي الوقت نفسه، لم يفت الحريري ان يستنكر الخروق الاسرائيلية لهذا القرار. فهل كانت الحملة المفاجئة على الحريري بمثابة وضع حد له في التعامل مع ملف الجنوب كي لا يظهر لبنان لاحقاً في مجلس الامن الدولي متخلياً عن “حزب الله” الذي ارتكب مخالفة موصوفة للقرار الدولي؟
إذا كانت هناك فعلاً خلفية داخلية للحملة الجديدة على رئيس الحكومة، فهناك موقف إسرائيلي معلن يصبّ في هذه الحملة. فقد أوردت وكالة الانباء الروسية (آر تي) ما دوّنه المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على “تويتر” بالعامية اللبنانية، قائلاً: “أنت (الرئيس الحريري ) قلت هيدي الإشيا عن القرار 1701 من زمان، ونحنا بدّنا نصدّقك عن جد، بسّ المشكلة هي إنّو حزب الله بعدو بيكذب عليك وعلى اللبنانيين”.
من مفارقات المشهد الجديد، ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو تصرّف بالامس، مثلما فعل وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل قبل أسابيع عندما اراد نفي رواية نتنياهو حول الصواريخ قرب مطار رفيق الحريري الدولي. فقام الاول، كما فعل الثاني من قبل، باصطحاب وفد ديبلوماسي مع ممثلي “اليونيفيل” الى موقع النفق قبالة قرية كفركلا الجنوبية داخل الاراضي الاسرائيلية. وفيما أنتجت جولة باسيل شكوكاً في الداخل والخارج على السواء، كما جاهر نصرالله في ذلك الوقت، أثمرت جولة نتنياهو تبنّياً من “اليونيفيل” ما يمثل وثيقة إدانة ليس للحزب فحسب، بل ايضا إدانة للبنان وللامم المتحدة اللذين نيط بهما السهر على تنفيذ القرار 1701.
على رغم تظاهر “حزب الله” بأنه غير معني بانكشاف أنفاقه الجنوبية، تتوالى المؤشرات الى انه، ومن ورائه طهران، يعيش حالة إرباك نتيجة ضياع استثمار إيراني يقدّر بـ 4 مليارات دولار أنفقتها إيران على مشروع الانفاق، وفق معلومات الخبراء. فهل نشهد حالياً فصلاً من مرحلة كمّ الافواه داخلياً؟