قفز فجأة الوضع الجنوبي، من زاوية التوتر الإقليمي إلى الواجهة، مع اشتداد الضغط الداخلي على الحكومة، وسط مناخ غير مريح، يتزامن مع تفجر الأزمات على الصعد كافة، من التمويل إلى السلسلة والفوائد والرواتب، والكهرباء، وفرص العمل والاستثمار والكساد عشية الأعياد المجيدة..
وفي الوقت الذي كانت الانتظار تتجه فيه إلى مهمة اليونيفل التي ارسلت وفداً تقنياً إلى الحدود أصدرت قوات حفظ السلام بياناً صادماً، إذ جاء فيه:
زار رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام اللواء ستيفانو ديل كول، يرافقه فريق تقني، موقعا بالقرب من المطلة في شمال إسرائيل حيث اكتشف الجيش الإسرائيلي نفقا بالقرب من الخط الأزرق.
وبناءً على تفتيش الموقع، تستطيع اليونيفيل ان تؤكدوجود نفق في الموقع.
وبناءً على ذلك، اليونيفيل منخرطة الآن مع الأطراف للقيام بإجراءات متابعة عاجلة. ومن المهم جداً تحديد الصورة الكاملة لهذا الحدث الخطير.
وسترسل اليونيفيل نتائجها الأولية إلى السلطات المختصة في لبنان.
وعلمت «اللواء» ان كبار المسؤولين، حاولوا في الأيام الماضية معالجة مخاطر التحرش الاسرائيلي مع السفيرة الأميركية اليزابيث ريتشارد في ما يتعلق بالتهديدات الإسرائيلية بعد جولة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي برفقة دبلوماسيين معتمدين في إسرائيل.
ورات مصادر دبلوماسية انه اذا كانت اسرائيل تملك النية للقيام بعمل عسكري تجاه لبنان لما قامت بهذا العرض لاسيما انها اعتادت على الغدر ،وتنفيذ ما تخطط له من دون سابق انذار.
وقالت: منذ متى يصطحب نتنياهو السفراء الاجانب عند الحدود لوضعهم في صورة الوضع،وما يمكن القيام به لاحقا، ولفتت الى ان ما يجري عند الحدود مع لبنان ليس الا مجرد مناورة سياسية يقوم بها نتنياهو لتعويم نفسه، وحكومته انتخابيا.
واستبعدت المصادر القيام باي عمل عسكري محتمل ضد لبنان، مؤكدة ان القوى الامنية جاهزة لرد اي عدوان على لبنان.
جولة نتنياهو
ميدانياً، رافق نتنياهو أمس الدبلوماسيين المعتمدين لدى إسرائيل إلى الحدود مع لبنان ليشاهدوا الأنفاق التي زعم الاسرائيليون أن حزب الله حفرها فيما أكّدت قوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان (يونيفيل) وجود نفق في الجانب الإٍسرائيلي قرب «الخط الأزرق» الحدودي.
وكان نتنياهو قال في بيان عقب الجولة الميدانية على الحدود مع لبنان «قلت للسفراء إنّ عليهم أن يدينوا بلا لبس هذا العدوان من قبل إيران وحزب الله وحماس، وبالتأكيد تشديد العقوبات على هذه الأطراف».
وفي وقت لاحق قال نتنياهو أيضا إنّ إسرائيل لا تدمّر فقط التهديدات التي تشكّلها الأنفاق بل أيضاً الصواريخ.
وأكّد خلال حفل لتهنئة عناصر في جهاز الموساد أنّ حزب الله «ليس لديه سوى بضع عشرات من الصواريخ الموجّهة بدقّة بدلاً من الآلاف التي كان يخطّط لحيازتها»، وفقاً لبيان صادر عن مكتبه. وأضاف نتنياهو بحسب البيان أنّ إِسرائيل تبذل جهوداً حثيثة للتصدّي لمحاولات حزب الله «جلب أسلحة متطوّرة وأنظمة للتوجيه الدقيق إلى لبنان، سواء صواريخ موجّهة بدقّة أو أنظمة لتحويل الصواريخ التقليدية إلى صواريخ موجّهة بدقّة».
وأضاف إنّه في ما خصّ الصواريخ التقليدية التي يمتلكها حزب الله «فنحن لدينا وسائلنا للتعامل معها، ولكن ما يحاولون (حزب الله) القيام به هو تطوير أسلحة موجّهة بدقّة ونحن نتصدّى لذلك بجهود شتّى وقد منعنا نقل هذه الأنظمة ولكن ليس كلّها».
وأعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي من ناحية ثانية أنّه طلب من الأمين العام للأمم المتحدة عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لإدانة حزب الله وأن غوتيريش أبلغه بأنّ الجلسة ستعقد «إما في نهاية هذا الأسبوع أو في وقت ما في بداية الأسبوع المقبل».
وكان المتحدث باسم الجيش اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكس أعلن للصحافيين في وقت سابق أمس أنّه «خلافاً لما يوحي به حزب الله، فإنّه لا يملك قدرات مهمّة لتوجيه ضربات دقيقة».
وكانت إسرائيل أعلنت الثلاثاء أنّها رصدت أنفاقاً لحزب الله تسمح بالتسلّل إلى أراضيها من لبنان، وأطلقت عملية لتدميرها.
والأربعاء طلب نتنياهو في محادثة هاتفية مع غوتيريش أن تدين الأمم المتحدة «خرق السيادة الإسرائيلية» من قبل حزب الله طبقاً لحساب مكتب رئيس الوزراء على تويتر.
وأمس أكّد أنّ حزب الله كما حماس التي تسيطر على قطاع غزة يعملان لحساب إيران.
وقال نتنياهو «من يهاجمنا سيتسبّب في إراقة دمائه. حزب الله يعرف ذلك وحماس تعرف ذلك». وأكّد الجيش الإسرائيلي أنّ أحد الأنفاق التي تمّ رصدها ينطلق من منزل في بلدة كفركلا ويمتد مسافة 40 متراً داخل إسرائيل، مضيفاً أنّه يعمل على «تدميرها».
بالمقابل، تقدّم لبنان بشكوى ضد الخروقات الإسرائيلية المتكررة للقرار 1701 وللسيادة اللبنانية.
وجاء في نص الشكوى التي قدمتها السفيرة مدللي إلى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس، ان «مجموعة الأفعال البالغة الخطورة التي تقوم بها إسرائيل تمثل اعتداء جديدا بالغ الخطورة يستهدف لبنان، وأمن وأمان مواطنيه، تنتهك إسرائيل من خلاله حرمة النّاس وخصوصيتهم، ويستبطن تهديدا مباشرا لحياتهم، هذا التصرف العدواني يُشكّل خرقا اسرائيليا فاضحا للسيادة اللبنانية، ولقرار مجلس الأمن 1701، وسائر القرارات ذات الصلة، ولا سيما القراران 2373 و2433.
يحصل هذا فيما تستمر إسرائيل في احتلالها لأراض لبنانية، وتواصل خروقاتها اليومية للسيادة اللبنانية، براً وبحراً وجوا، والتي باتت تزيد عن 140 شهرياً.
ودعت الشكوى مجلس الأمن لإعلاء الصوت، واتخاذ كافة التدابير اللازمة بغية مواجهة الحملة المبرمجة التي تقودها إسرائيل، وانتهاكاتها المستمرة للسيادة اللبنانية، مما يُهدّد الأمن الاستقرار في المنطقة برمتها، وطلبت باصدار هذه الرسالة كوثيقة رسمية من وثائق الأمم المتحدة البند 38 من جدول الأعمال «الحالة في الشرق الاوسط».
جمود طويل
وإزاء هذه التطورات، علمت «اللواء» أن زيارة الرئيس سعد الحريري إلى باريس مطلع الأسبوع تأجلت إلى موعد آخر بسبب الأوضاع الراهنة، لا سيما التهديدات الإسرائيلية للجنوب.
لا تخفي مصادر سياسية متابعة خشيتها من ان يدخل الوضع في لبنان في مرحلة من الجمود الطويل الأمد إذا لم تتشكل الحكومة في غضون أسبوع من الآن، بالتزامن مع مساع عادت إلى الواجهة، تفيد بإمكان تنازل رئيس الجمهورية ميشال عون عن الوزير السني من حصته لصالح توزير من يمثل سنة الثامن من آذار، ويكون مقبولاً من الرئيس المكلف سعد الحريري.
وفي اعتقادها انه إذا سلك هذا الحل مساره، شرط عدم بروز عراقيل أخرى في وجه التأليف يصبح معها التساؤل عن جهات لا تريد حكومة واقعاً ملموساً لا مجرّد تحليل، فإن لبنان يكون قد نجا مرّة جديدة من وقوعه في دوّامة فراغ قاتل هذه المرة لتزامنه مع جملة معطيات لا يمكن معها التساهل أو الاسترخاء، وتتلخص في إطلاق إسرائيل ما اسمته عملية «درع الشمال» بحثاً عن انفاق تقول ان «حزب الله» حفرها للوصول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودخول أزمة النازحين السوريين في مسار من الجمود في ظل انحسار المبادرة الروسية، وتفاقم الوضع الاقتصادي في ظل استمرار تعثر تشكيل الحكومة، على الرغم من ان هذا الوضع الصعب قد يكون سيفاً ذا حدين، بمعنى انه قد يُشكّل، بصعوبته وتعقيداته، عائقاً امام الانزلاق إلى أية مغامرات سياسية أو عسكرية، لأنها ستعني حينذاك انهياراً على كل المستويات، وفق أبرز التداعيات سقوط الحاضنة الدولية للبنان التي تجسدت بمؤتمر «سيدر»، وما ينتظر ان يتحقق إذا نجح لبنان بامرار تشكيل الحكومة كخطوة أولى.
وفي تقدير مصادر سياسية مطلعة، ان فكرة أو طرح حكومة الـ32 وزيراً، ما يزال خياراً متقدماً، وان كان لم يدخل في مرحلة السباق مع أفكار أخرى أو يصل إلى نهاية الشوط، ذلك ان نجاح هذا الاقتراح الذي تقدّم به وزير الخارجية جبران باسيل، ونال موافقة الرئيسين عون ونبيه برّي مرتبط بتجاوب الأطراف معه، وبالمقصود هنا، هو موقف الرئيس الحريري الذي لا يُبدي حتى الآن حماسة معينة تجاهه، وما يزال غير مقتنع بالفكرة ولا يحبذ توسيع الحكومة إلى أكثر من ثلاثين وزيراً لا تضم في عدادهم أياً من نواب الثامن من آذار، وان كان مستعداً للانفتاح على الصيغ التي تسرع الولادة الحكومية، لكن دون التنازل عن الثوابت التي حددها عند تكلييفه تشكيل الحكومة.
وقالت المصادر نفسها ان الصورة الحكومية حتى الان غير مكتملة، وان موقف رئيس الجمهورية على حاله لجهة تقديمه كل ما يمكن للتسهيل في الملف الحكومي ولا سيما في ما خص التوزيع الحكومي مقدما كل ما يمكن ان يقدمه، ورأت ان ما يحكى عن رغبة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بالحصول على الثلث المعطل داخل الحكومة غير صحيح وينم عن عدم معرفة بالاصول خصوصا انه يكفي الا يوافق الرئيس عون على القرارات وجدول الاعمال كما انه يكفي لرئيس الحكومة ان لا يشارك في مجلس الوزراء حتى تتعطل كل الأعمال مؤكدة ان موضوع الحكومة مرتبط بالتوازن التمثيلي وليس بالتعطيل او غيره.
واوضحت ان المشهد الحكومي ليس سلبيا بالمطلق لكنه يسير نحو الحل مع العلم ان فرضية ولادة الحكومة قبل عيد الميلاد مستبعدة، وهو ما ألمح إليه الوزير باسيل للصحافيين أثناء مشاركته الرئيس عون في إضاءة شجرة ومغارة الميلاد في قصر بعبدا، قبل ان يتوجه إلى «بيت الوسط» للقاء الرئيس المكلف.
وفي هذا السياق، نقل زوّار رئيس الجمهورية عنه عدم ارتياحه للاتصالات الجارية في الشأن الحكومي، معتبراً ان كل الجهود التي تبذل في هذا الإطار لم تثمر، وانه لا يتوقع تأليف الحكومة في وقت قريب رغم حاجة البلاد إلى ذلك.
وساطة باسيل
وكان الوزير باسيل قد عاود أمس تحركه كما كان متوقعاً بعد عودته من العراق، واغتنم فرصة مشاركته في استقبال الرئيس الحريري لرئيس وزراء فيجي فرانك باينيمارا، لأن يلتقيه على انفراد بعد مغادرة الرئيس الفيجي، لمتابعة البحث في الحلول المطروحة لتشكيل الحكومة، مؤكدا للصحافيين قبل انصرافه بأنه «لن يهدأ قبل ان يجد الحل المناسب»، في إشارة إلى ان لمساعيه تتمة، فيما نقل تلفزيون «المستقبل» عن مصادره بأن الصيغ المطروحة للحل لم تقدّم أي جديد، وان هناك من لا يزال يبحث عن حكومة فضفاضة وظيفتها تأمين الحقائف لصفوف المستوزرين من المذاهب واشلاء الكتل البرلمانية، وانه إذا كان بين أصحاب المساعي من يعمل على تدوير الزوايا وتهيئة الظروف لانتاج الحلول، فهناك من يراهن على استحضار أفكار طوتها النقاشات، في إشارة إلى اقتراح توسيع الحكومة إلى 32 وزيراً.
وتحدثت معلومات جهات شبه رسمية متابعة عن قرب لمسار التشكيل عن ان العقد كانت حتى مساء امس لا زالت تراوح مكانها نتيجة تمسك الاطراف كلّ بموقفه والقاء المسؤولية على الاخر، مراهنة على تحرك باسيل المستجد، ومؤكدة ان اي كلام عن عودة العقدة الدرزية هو في غير محله بعد الموقف الذي صدر عن الوزير طلال ارسلان، والذي اكد التمسك بما تم الاتفاق عليه سابقا لجهة اختيار شخصية متفق عليها بين ارسلان والنائب السابق وليد جنبلاط ورئيسي الجمهورية والحكومة.
وتحدثت معلومات شخصية مقربة من مرجع كبير عن مقترحات للوزير باسيل معدّلة عما سبق وطرحه، لكن لم يُعرف مضمونها، إلا ان المصدر اكد ان الحل ليس عند الرئيس ميشال عون.
يُشار إلى ان عون تسلم أمس من وفد كتلة «اللقاء الديمقراطي» رؤية الحزب التقدمي الاشتراكي للأوضاع الاقتصادية الراهنة والتدابير التي يُمكن اعتمادها وفقاً لوجهة نظر الحزب لإنجاز مرحلة النهوض الاقتصادي بعد تشكيل الحكومة.
كما عرض الوفد الذي غاب عنه رئيس الكتلة النائب تيمور جنبلاط لأسباب صحية، الأوضاع والتطورات الراهنة في الجبل، حيث نقل عضو الوفد الوزير مروان حمادة عن الرئيس عون «حرصه على ان يسود القانون والشرعية كل أنحاء البلاد وليس الجبل فقط»، لافتا إلى ان الحركة التي قام بها الجيش ليلة العراضات العسكرية لملمت الوضع فيه