أن تُفكّروا جدّياً في تخفيف ساعات الجلوس والذهاب إلى النادي الرياضي هي خطوة ممتازة، لكنّ الأهمّ أن تطّلعوا على القواعد الأساسية التي تساعدكم على تحقيق أفضل النتائج بعيداً من المعتقدات الشائعة، والإصابات المُحتملة، والاختلالات الغذائية التي قد تكون خطِرة. فكيف تتصرّفون قبل التمارين وخلالها وبعدها؟
قالت إختصاصية التغذية، ناتالي جابرايان، لـ«الجمهورية» إنّ «70 في المئة من مجموع التقدّم البدني يأتي من التغذية، و30 في المئة من الرياضة. لذلك وعندما يتعلّق الأمر بالرياضة، خصوصاً عند ممارسة التمارين بانتظام لما لا يقلّ عن 3 مرّات أسبوعياً، يجب الأكل جيداً لبلوغ النتائج المرجوّة، علماً أنّ كل شخص له احتياجات وكالوريهات مختلفة».
ولفتت إلى أنّ «نمط الحياة المُفعم بالنشاط سيعزّز الطاقة، ويحسّن المزاج، ويدعم الدورة الدموية وصحّة البشرة، ويزيد التعرّق وبالتالي التخلّص من سموم إضافية. في حين أنّ الأكل الصحيح يسمح لصاحبه بممارسة نشاطه بشكل أفضل، ويخفّض خطر الإصابات والأمراض، ويُقوّي العظام نتيجة زيادة حجم العضلات، ويضمن الانتعاش الجيّد بعد الرياضة».
وبعكس الاعتقاد الشائع بأنّ البروتينات هي وحدها المغذيات الأساسية للرياضيين، شدّدت جابرايان على أنّ «مزيج الكربوهيدرات، والبروتينات، والدهون يُعدّ بمثابة وقود التمارين». وقدّمت في ما يلي شرحاً مختصراً عن كلّ واحدة:
الكربوهيدرات
تُعتبر المصدر الأساسي لطاقة الجسم والعضلات، لذلك يجب استهلاكها بشكل صحيح قبل الرياضة لاستمداد النشاط المطلوب، خصوصاً في حال رفع الأثقال تفادياً للدوخة والتعب السريع. يمكن تناول خبز أو رقائق الحبوب الكاملة، أو الشوفان، أو المعكرونة الكاملة، أو الأرزّ الكامل، أو الكسكس، أو البطاطا الحلوة بقشرتها.
إذا كان الشخص يمارس الرياضة بمعدل 3 إلى 4 ساعات أسبوعياً، عليه تناول 4 إلى 5 غ من الكربوهيدرات لكلّ كيلوغرام من وزن جسمه في اليوم. أمّا عند ممارسة 1 إلى ساعتين يومياً فيجب تناول 6 إلى 8 غ من الكربوهيدرات لكلّ كيلوغرام من وزن الجسم في اليوم. يعني ذلك أنه كلما زاد النشاط، ارتفعت الحاجة للكربوهيدرات.
البروتينات
هناك المصادر الحيوانية التي تشمل اللحوم والسمك والدجاج والبيض والأجبان والألبان، أمّا النباتية فهي الصويا والتوفو والكينوا والترمس والفاصولياء. لا غِنى عن البروتينات للرياضيين، خصوصاً عند رفع الأثقال بسبب خسارة العضلات التي تحدث نتيجة الضغط عليها.
وبهدف إعادة تجديدها، من المهمّ تناول 30 غ من البروتينات على الأقل خلال 30 دقيقة بعد الرياضة للإنتعاش. ولا بدّ من لفت الانتباه إلى أنّ المبالغة في البروتينات لن تؤثر إيجاباً. الشخص العادي يحتاج إلى استهلاك 0,8 غ من البروتينات لكل كيلوغرام من وزنه، ولكن بالنسبة إلى الرياضيين فهم يحتاجون إلى 1 غ لكل نصف كيلوغرام من وزنهم.
الدهون
يجب استهلاكها باعتدال. إنها تشمل مختلف أنواع الأجبان والألبان القليلة الدسم، والشوكولا الداكن، والزيتون، وزيت الزيتون، والبذور بمختلف أشكالها، والأفوكا، والسَلمون، وفي المقابل يجب الابتعاد من الأطعمة المصنّعة.
الترطيب
وأكّدت خبيرة التغذية أنه «إلى جانب هذه المغذيات الذهبية، لا بدّ من توفير ترطيب جيّد. تختلف كمية المياه بحسب مدّة الرياضة، وحدّتها، وحجم التعرّق، وحال الطقس، ونوع الثياب، والعوامل الجينية. ولكن في المتوسط، يجب تأمين 2 إلى 3 ليترات يومياً، والحرص على الامتناع عن احتساء كميات كبرى خلال مدة قصيرة.
يمكن شرب الزجاجة الصغيرة، 0,5 ليتر، كل 2 إلى 3 ساعات، أو حتى تحضير مشروبات رياضية مثل نقع الخضار والفاكهة في المياه لمدة 7 ساعات كي تصبح مليئة بالمعادن».
ما العمل قبل الرياضة وخلالها وبعدها؟
أوضحت جابرايان أنه «قبل 3 إلى 4 ساعات من الرياضة، أي بعد تناول وجبة الفطور أو الغداء، يمكن الحصول على طبق يحتوي على حصّة كبيرة من البروتينات، وأخرى أقلّ من الكربوهيدرات، ومزيد من الخضار، وربما حصّة من الفاكهة قبل ساعة أو ساعتين من التمارين، أو نصف لوح من البروتينات، أو حفنة من المكسرات أو الفاكهة المجفّفة لاستمداد الطاقة.
وخلال الرياضة، وفي حال الشعور بهبوط السكر في الدم أو الضغط، يمكن الحصول على أيّ مصدر غنيّ بالـElectrolytes» كالمشروبات الرياضية. أمّا بعد الرياضة، فلا بدّ من التركيز خصوصاً على البروتينات، جنباً إلى قليل من الكربوهيدرات لإعادة تخزينها في الجسم».
معتقدات شائعة
وسلّطت الضوء على المعتقدات الشائعة التالية:
• المكمّلات الغذائية ليست ضرورية للجميع. فإذا كان الشخص يتقيّد بنظام غذائي صحيح ولا يعاني نقصاً في المعادن والبروتينات والطاقة، يمكنه الاستمرار من دونها. ولكن عادةً، فإنّ الرياضيين يحصلون على شراب مصل اللبن بعد نشاطهم لأنه سهل التحضير، ويحتوي على نحو 25 غ من البروتينات لكل ملعقة، ويكون خالياً من الدهون وقليل بالسكر. لكن من المهمّ شرب زجاجة مياه صغيرة مع هذا المشروب.
• من الشائع التفكير في أنه عند ممارسة الرياضة لا ضرورة للانتباه إلى الأكل. ولكن تجدر الإشارة إلى أنّ الكالوريهات المستهلكة في مثل هذه الحال تكون أسرع من تلك التي يتمّ حرقها. لذلك يجب الحذر جداً لبلوغ النتائج المرجوّة.
• كذلك من الشائع جداً، خصوصاً عند النساء، عدم ملاحظة تغيير جذري في الوزن أو ربما قد يرتفع قليلاً أو يبقى على حاله. ولكن في المقابل فإنّ نسبة الدهون هي التي تتغيّر، جنباً إلى تحسّن المظهر الخارجي، وانخفاض المقاس، وارتفاع العضلات، وهو أمر إيجابي لا يستدعي الهلع.
• الاكتفاء بتمارين الكارديو، كالـ«Treadmill» والـ«Elliptical»، يساعد على خسارة الوزن ولكنه لا يزيد العضلات. أمّا عند حمل الأثقال فقط فذلك يزيد العضلات ويحرق الدهون في آن. لكن يُفضّل المزج بين تمارين الكارديو ورفع الأوزان.
• الشخص الذي ترتفع نسبة عضلاته تزداد لديه أيضاً كمية المياه. فالعضلات مكوّنة من المياه بنسبة 75 في المئة، و18 في المئة من البروتينات، والبقية هي فيتامينات ودهون ومواد أخرى. إذاً، فعند زيادة نسبة العضلات من الطبيعي جداً أن ترتفع المياه وهذا لا يعني بالضرورة أنه احتباس السوائل.
• عندما يتعلّق الأمر بالمكسرات التي يخشى العديد من الرياضيين تناولها، فإنّ أفضلها هو اللوز لاحتوائه على أقلّ كمية من الكالوري والدهون والكربوهيدرات بينها كلها، في مقابل أعلى جرعة بروتينات. لذلك يمكن استخدامه كسناك.
وخِتاماً، علّقت جابرايان أنّ «أفضل نتيجة يمكن تحقيقها هي عند الجمع بين مختلف أنواع الرياضة ولمدة 3 مرّات أسبوعياً على الأقل، مع تغذية صحيحة، والانغماس في طبق واحد تحبونه مرّة أسبوعياً، والانتباه جيداً للأكل بقية الأيام، واحتساء كأس أو اثنتين أسبوعياً شرط ألّا تكون ثقيلة جداً. وفي حال التخبيص أحياناً، يمكن التعويض في اليوم التالي من خلال ممارسة الرياضة أو حذف السناكات».