فعلها أصحاب المطاعم والمقاهي في وسط بيروت، وابتدعوا وسيلة ناجحة لاستقطاب الزبائن بشعار «ربح قليل أفضل من الانتظار أو الإقفال». كانت مغامرة في البداية، لكنها نجحت في إعادة الحياة نسبياً إلى هذه المنطقة، التي كادت أنْ تموت في سكون الليل وظلامه.
هي مبادرة اللبناني الذي يتفوّق في كل الظروف، وتحت وطأة الإهمال المعهود..»الأركيلة» بـ 5 آلاف، وحسم بين 30 و50 % على المشروبات والمأكولات، عدا عن الترحيب وحسن الخدمة والضيافة.
انقلب المشهد في ساحة النجمة والشوارع المؤدية إليها، من شلل تام إلى حركة ناشطة لاسيما عصراً ومساءً، وبالأخص أيام الـ»ويك آند»، فمنذ أنْ فُتِحَتْ المداخل المؤدية إلى المنطقة، بادر أصحاب المحلات إلى هذا الأسلوب من التشجيع والترغيب، آخذين بعين الاعتبار الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، لكن رهانهم هذه المرّة كان مكسباً معقولاً، فهل يمكن الاكتفاء بهذه المبادرة؟.. طبعا لا، فهناك مطالب وحاجات وخدمات يجب توفيرها لهذه المنطقة، التي يُفترض أن تكون حيوية.. أليست قلب المدينة؟
لماذا لا تُراعى هذه المنطقة بتأمين التيار الكهربائي لها؟، على الأقل بالنسبة إلى الشوارع المؤدية إليها، والتي تغرق في كثير من الفترات في الظلام، عدا عن مشاكل أخرى يمكن معالجتها من خلال تشجيع النشاطات المدعومة من الهيئات الاجتماعية والثقافية.
لتسليط الضوء على عودة الحيوية إلى وسط بيروت، بعد اعتماد عدد من المطاعم التخفيضات على الأسعار، قامت «اللواء» بجولة ميدانية، التقت خلالها بعض المسؤولين عن هذه المطاعم.
{ المدير المسؤول في مطعم Place de L’Etoile رامي بوشناق كان أوّل من طرح هذه المبادرة، لا سيما عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وقال: «السبب الرئيسي الذي دفعنا لاتخاذ هذه المبادرة أنّنا لمسنا ابتعاد الناس عن وسط بيروت نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، لذلك قرّرنا أنْ نحوّل الوضع كمَنْ يبيع بالجملة وليس بالمفرق، فبدلاً من أن يكون لدينا 10 أو 15 طاولة بأسعارنا القديمة، أصبحت لدينا 100 طاولة بأسعارنا الجديدة، بحيث نعدل الأوضاع بهذه الطريقة».
وعن إقبال الزبائن، قال: «الحركة باتت يومياً جيدة، لا سيما أيام الـ»ويك آند». الإقبال بات ممتازاً، والناس باتت تدعو بعضها البعض، لأنها تشعر بارتياح، خصوصاً أنّ لهذه المنطقة جماليتها المتميزة. ولاحظنا أنّ هناك مَنْ يعتمد دعوة الأهل والأصدقاء إلى المطاعم في وسط بيروت، بدلاً من أنْ يدعوهم إلى المنزل لأنّ المسألة ببساطة باتت أوفر من الناحية المادية، ولجهة تعب ربة المنزل».
وعمّا إذا ستكون هناك احتفالات معينة في فترة الأعياد، أكد بوشناق أنّ «هناك تحضيرات لاحتفال ليلة رأس السنة فقط، وذلك بقرار من بلدية بيروت. أما عدا ذلك فسيقتصر الأمر على المطاعم التي بالتأكيد سوف تشرّع أبوابها لاستقبال الزبائن وبالأسعار المدروسة».
وعن أبرز المطالب، قال: «كل ما نطلبه هو أنْ تعم الإنارة شوارع وسط بيروت، كما كان الحال في السابق، لإعادة انتعاش المنطقة. فحاليا الحركة عادت بنسبة 70%، لكننا نود أنْ تكون 100% ، وذلك لا يتحقّق إلا بإعادة الإنارة، ليتمكّن الزبائن من التواجد في المساء أيضاً دون خوف مما قد يخبئه الظلام».
عودة الحياة.. ولكن!
{ المدير المسؤول في مطعم «بيروتي عتيق» هادي حرب أشار إلى أنّ هذه المبادرة جاءت إثر توافق غالبية المطاعم، قائلاً: «نتيجة ما آلت إليه الأوضاع في الفترة الأخيرة، قرّرنا القيام بخطوة تمكّننا من إعادة الحياة إلى وسط بيروت، وذلك من خلال تخفيض أسعار الأراكيل والمأكولات، بحيث أصبح سعر الأركيلة 5 آلاف ل.ل وهو سعر موحّد في مختلف المطاعم، أما في ما يخص أسعار المأكولات فلكل مطعم الحرية في اعتماد نسبة التخفيضات خصوصاً أنّ هناك فرقا ما بين المطعم والمقهى، وبالنسبة إلى أسعارنا فجميعها مقبولة، ومَنْ يقصدنا يشعر بالارتياح لناحية الطعام ولناحية «الجيبة»، وهذا ما يطلبه الشعب اللبناني».
وإلى إقبال الزبائن والتحضيرات للأعياد قال حرب: «الإقبال حتى الآن تحسّن دون شك، ونستطيع أنْ نقول بأنّه جيد، لكنه ليس ممتازاً، إنْ شاء الله شيئا فشيئا يتحسن إلى الأفضل، أما بخصوص التحضيرات لعيدي الميلاد ورأس السنة إسوة بما حصل خلال شهر رمضان الفائت، فنتمنى ذلك، خصوصا أن هذا الأمر انعكس بشكل إيجابي كبير على عملنا، إن شاء الله يكون هناك نوع من الاحتفالات والأنشطة والسهرات خلال موسم الأعياد لتعم البهجة والفرح في وسط بيروت وليتمكن الزبائن من الترفيه عن أنفسهم وتناول الطعام بأسعار جدا مقبولة».
وعن صمودهم حتى اللحظة، قال: «للأسف لا أحد يشعر بما يعانيه أصحاب هذه المطاعم، هناك الإيجار وتأمين رواتب الموظفين وفواتير الكهرباء والمياه.. ومؤخراً المشكلة الأكبر التي تتمثل بانقطاع الكهرباء في شوارع وسط بيروت، فالإنارة شبه معدومة.. صحيح أنّ أنوار المطاعم مضاءة لكنها لا تكفي للتنقل، فالزبون عندما يأتي في المساء يشعر وكأنه يدخل إلى مدينة أشباح».
ماذا يقول الروّاد؟
«اللـواء» التقت أيضاً عدداً من روذاد وسط العاصمة، الذين أثنوا على هذه المبادرة، مؤكدين أنهم الآن شعروا بأن منطقة «وسط بيروت» تمثّلهم، بينما في الماضي كانت حكراً على فئة معينة، وتحديدا الفئة الميسورة، التي كان بإمكانها يومياً ارتياد المطاعم بأسعارها الباهظة، لكن اليوم الوضع اختلف، وبات بإمكان الجميع ارتياد هذه المطاعم نظراً إلى تخفيض الأسعار.
(سمار الترك)