تصدر عن فريق 8 آذار خلاصات موحّدة بالنسبة لما بعد مرحلة الجاهلية، فهذا الفريق يعتبر أنّ الرئيس الحريري تورّط في مهمة فاشلة لا بدّ ستؤثر على وضعه التفاوضي في الحكومة، كما يعتبر أنّ الرئيس عون بمحاولته النأي بالنفس عن حادثة الجاهلية، بمحاولته لعب دور «بي الكل» في الشوف، من النائب وليد جنبلاط الى الوزير وئام وهاب، إنما يحاول ان يبقى على مسافة في العلاقة بين الحريري و«حزب الله»، وهذه المحاولة يمكن أن تكون تكراراً لموقفه من توزير النواب السنّة الذي عاد وتراجع عنه، بعدما أيقن بأنّ الحزب يعتبر توزيرهم مطلباً لا عودة عنه، علماً انّ الرئيس عون يقوم بشكل غير معلن بمحاولة للتحقيق بما حصل، خصوصاً بشقه القضائي، حيث طلب من وزير العدل سليم جريصاتي أن يحقق في خلفية اتخاذ القرار بإحضار وهاب، كما طلب الامر عينه من الرئيس سعد الحريري، في ما يتعلق بالقرار الأمني الذي اتُخذ لإحضار وهاب.
وتضيف أوساط 8 آذار، انّ ما بعد الجاهلية سيعني تعديل موازين القوى، وتراجع المواقف المنتفخة الى أصلها الحقيقي، والبدء الفعلي بمسار تشكيل الحكومة.
في المقابل، لا يبدو الرئيس سعد الحريري مستعداً للتراجع عن رفضه توزير النواب السنّة.
وتشير المعلومات، الى أنّ الحريري وبعد حادثة الجاهلية، بات اكثر تصلّباً، لمعرفته بأنّ اي تنازل قد يؤدي الى المزيد من سيطرة «حزب الله» على حكومته. فالحزب الذي راهن البعض على أنّه سيتخذ موقف النأي بالنفس، اذا ما تمّ تنفيذ مذكرة إحضار وهاب، تصرّف كما لو أنّ وهاب عضو في مجلس شورى الحزب، وأفشل خطة إحضاره للقضاء، وامّن له حشداً سياسياً من جميع حلفائه، متبنياً كل ما قام به، وهذا بحدّ ذاته رسالة للحريري وللنائب جنبلاط، الذي أوحى في الايام الماضية، انّ وهاب مُحتضن من النظام السوري، وانّ «حزب الله» لن يدفع ثمناً لحمايته.
في كل الاحوال، تعطي حادثة الجاهلية مؤشراً كبيراً على مسار تصعيدي، بدأ كلامياً مع وهاب ليصل الى عراضة المختارة، وتحرّكات لبعض القوى الحليفة لـ«حزب الله» كالاحباش. وعن هذه التحرّكات، تعتقد شخصية سياسية، اختبرت المواجهة مع «حزب الله»، أنّ الحزب ربما يحضّر لجاهلية 2 وجاهلية 3 وربما اكثر.
وتضيف: ما المانع من ان ينقلوا نموذج الجاهلية الى بيروت والطريق الجديدة، فلديهم ادوات التحريك، وسرايا المقاومة مزروعة في كل مكان، كي تُستعمل عند الحاجة، وهذا كله سوف يتم استعماله لممارسة المزيد من الضغط على الرئيس الحريري، ولاستنزاف عهد الرئيس عون وإشغاله بالأحداث الأمنية المتنقلة.
وتذكّر هذه الشخصية بما حصل بعد اغتيال الوزير محمد شطح، فالرئيس السنيورة صرّح آنذاك، أنّ ما بعد اغتيال شطح ليس كما قبله. فصحّ كلامه لكن بشكل معاكس، إذ انهارت دفاعات 14 آذار وتشكلت الحكومة بشروط «حزب الله»، والتاريخ القريب يكرّر نفسه.