اعتبر نادي قضاة لبنان، في بيان اصدره اثر اجتماع لهيئته العامة، بدعوة من رئيسته، للمرة الاولى في جلسة استثنائية ان "حق التجمع للقضاة هو حق مكرس دوليا، وقد أمسى تأسيس هذا التجمع في اي دولة من ضمن المعايير العالمية لحماية استقلالية القضاة، وفي هذا السياق تأسس الاتحاد الدولي للقضاة في العام 1953 وهو يضم اندية وجمعيات القضاة العائدة لنحو 90 دولة، كما تأسس الاتحاد العربي للقضاة هذا العام، وكان نادي قضاة لبنان عضوا مؤسسا فيه وقد تم التأكيد على حق التجمع هذا في كل من:

- مؤتمر الامم المتحدة السابع المنعقد في ميلانو عام 1985

- وثيقة منغلور للاخلاقيات القضائية عام 2002

- دليل حقوق الانسان الخاص بالقضاة والمدعين العامين والمحامين الصادر عن المفوضية السامية لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة عام 2003

- الخطة الوطنية لحقوق الانسان التي اقرتها لجنة حقوق الانسان النيابية في لبنان عام 2013.

وأكد النادي أن "حق التجمع للقضاة لا يخالف القوانين اللبنانية المرعية الاجراء التي لا يجوز ان تتعارض مع المواثيق الدولية والاقليمية خصوصا وان لبنان عضو مؤسس في الامم المتحدة وفي جامعة الدول العربية، ولطالما كان سباقا في اعتناق الحريات والنضال لاجلها تكريسا لمقولة بيروت ام الشرائع، كما انه لم يرد في قانون التنظيم القضائي اللبناني أي نص يمنع القضاة من ممارسة حق التجمع وان اي عطف على قانون الموظفين في هذا المجال يتعارض مع طبيعة عمل القاضي والمهام الموكولة اليه".

ولفت الى أن "حق التجمع لا يخرق اطلاقا موجب التحفظ الملتزم به القاضي بفخر والذي يتمثل بعدم الادلاء بما ينم عن تحيز طائفي اوحزبي او فئوي وبعدم التصرف بشكل يمس بهيبة القضاء وباستقلاليته وبعدم اقامة علاقات شخصية مع فرقاء في الدعاوى المعروضة امامهم او وكلائهم وبعدم التردد الى اصحاب النفوذ والمتمولين والسياسيين، وان القول بخلاف ذلك يشكل تشويها للموجب وخروجا فاضحا عن الغاية المتوخاة منه، فحياد القاضي في عمله لا يمكن ان ينتقص من مواطنيته وانسانيته وحقوقه الاساسية لا سيما حق التعبير".

ورأى أن "موجب التحفظ لا يعني ابدا اسكات القاضي او تقييده بشكل تام، انما يجب ان يفهم بالانسجام مع الحق بالاستقلالية الذي يميز بشكل مبدئي القاضي عن الموظف، وذلك وفقا لقرار مجلس القضاء الاعلى الفرنسي الرقم P013في 9/10/1978، considérant que l'obligation de réserve ne saurait servir à reduire le magistrat au silence ou au conformisme, mais doit se conformer avec le droit particulier à l'indépendance qui distingue fondamentalement le magistrat du fonctionnaire".

وأشار البيان الى ان النادي "يضم قضاة من مجلس شورى الدولة ومن ديوان المحاسبة الى جانب القضاة العدليين، وهو خلافا لاغلبية ما هو قائم في لبنان، غير مشوب بالطائفية والفئوية والمناطقية والحزبية والتبعية السياسية ولن يكون، وسيبقى القضاة عموما محصنين من الآفات المذكورة التي تشوه الوطن وتحول دون نهضته الآتية لا محالة بهمة الاخيار المقدامين واصحاب النوايا الحسنة".

وأكد أن "النادي ماض قدما في ممارسته لحق التجمع الممارس عربيا ودوليا، كخطوة اولى في مسار الالف ميل نحو تعزيز استقلالية السلطة القضائية وتنقيتها والدفاع عن حقوق القضاة والمساهمة في تعزيز دولة القانون وشد الانتماء القضائي وتغليب فكرة المحاسبة بشكل اساسي. وفي هذا السياق، ان القاضي العفيف المؤتمن على احقاق الحق، لا يتوانى عن القيام بموجباته دون منة منه ودون تذكير من احد، في اصعب الظروف وفي ظل التجاذبات القائمة لانه يعتبر نفسه باعتزاز، الكيان الاساسي لقيام الوطن، انما تبقى المساءلة الجدية والمنتجة واجبة لكل قاض يحيد عن رسالته القضائية".

وأعلن النادي ان "القضاء الذي نصبو اليه هو نفسه الذي طمح إليه زملاؤنا في جمعية "حلقة الدراسات القانونية" التي تأسست في العام 1969، وهو القضاء المستقل (أفرادا ومؤسسات)، القضاء العالم (المنفتح بالمعرفة على حاجات مجتمعه ومتطلبات عصره)، القضاء اللاطائفي (الذي تقف عند عتبته جميع أمراض مجتمعنا وعلله)، القضاء الذي يوحي بالثقة (بعلمه ومناعته وتحرره)، القضاء المهاب (الذي يكون القوي عنده ضعيفا حتى يؤخذ الحق منه)، القضاء المطمئن (الذي لا تعقله حاجة ولا خوف)، القضاء المنتج (الذي يدرك أن الزمن في طليعة قيم العصر) والقضاء العصري (في تفكيره وتطوره ووسائل عمله) وهو أخيرا القضاء الذي يوفر عدالة ذات وجه إنساني".

وأوضح أن "نادي قضاة لبنان يتشارك في هذا النضال مع كل القضاة الاحرار، الى جانب مجلس القضاء الاعلى ومكتب مجلس شورى الدولة وهيئة ديوان المحاسبة، الساهرين على حسن سير القضاء العدلي والاداري والمالي والذين لا ينازعهم البتة في صلاحياتهم المحددة في القانون، انما يهدف النادي الى تعزيزها. وهو يستغل هذه المناسبة للتأكيد على احكام الفقرة (ز) من المادة 5 من قانون القضاء العدلي التي تفرض اخذ رأي مجلس القضاء الاعلى في كل مشاريع القوانين والانظمة المتعلقة بالقضاء المذكور".

وختم نادي القضاة بيانه مؤكدا "دور القضاء ومرجعيته في معالجة وحل النزاعات كافة، مع تنويهه بما للمحامين من دور في تمكين القضاء من تأدية رسالته وذلك من خلال دراساتهم ومرافعاتهم ووجهات نظرهم المختلفة التي يبدونها في سياق النزاعات المعروضة، ويرى أن تعاون المحامين والقضاة برقي، محتم في ما بينهم لإعلاء شأن العدالة التي لا تستقيم دون وجود قضاة ومحامين شجعان وشرفاء واحرار يناصرون القضايا العامة المحقة، والنادي يأمل ويسعى الى زمن يصطف فيه المحامون وعلى رأسهم نقابتا المحامين في بيروت وطرابلس، السباقتان في الدفاع عن الحريات العامة والحقوق الاساسية، الى جانب القضاة في تعزيز استقلاليتهم وممارسة حقوقهم".