على وقع التصعيد الذي وُجّه ضد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من قبل فريق «8 آذار»، والتحذيرات التي رافقته من تفاقم التوتر السني - الشيعي، أتى الخبر من الشارع الدرزي، وتحديداً في منطقة الجبل، حيث عمد أنصار الوزير السابق وئام وهّاب إلى تسيير مواكب سياّرة وصلت إلى المختارة، مقر رئيس «الحزب الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط، الذي ردّ بالتأكيد على أن «المختارة خط أحمر».
وبعد مواقف وهاب التي وصفت بالاستفزازية بحق رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري ونجله رئيس الحكومة سعد الحريري، واعتراض جنبلاط عليها، واصفاً ما يحصل بـ«أمر عمليات»، عمدت مجموعة من مناصري وهاب إلى تسيير موكب يضم عدداً من السيارات في بعض مناطق الجبل مروراً بالمختارة قبل أن يعمد الجيش إلى وضع حدّ لها، وتوقيف عدد من الأشخاص، رافقته تعليمات من قبل جنبلاط للمحازبين والمناصرين بعدم الردّ أو المواجهة، ما أدى إلى تهدئة الوضع، بحسب ما ذكر مصدر في المنطقة لـ«الشرق الأوسط». وأكّد أنه لو لم يتمّ احتواء الوضع من قبل الجيش لكان تفاقم الأمر، خصوصاً أن استنفاراً لافتاً سجّل في صفوف مناصري جنبلاط في «الحزب التقدمي الاشتراكي» الذين التزموا بتعليماته بعدم المواجهة، وأضاف المصدر: «اعتدنا على هذه التحركات وما حصل أمس ليس جديداً، لكن إذا تكرّر لا يمكن ضمان ما سيحصل». مع العلم أنه وفي موازاة هذه التحركات، سجّل أول من أمس سقوط قتيل في منطقة الشويفات، على إثر إشكال بين شخصين من المنطقة تردّد أنه ناتج عن خلفية سياسية لها علاقة بالخلاف الدرزي - الدرزي، قبل أن يعود «الاشتراكي» ويؤكد أن الأمر ليس مرتبطاً بالسياسة، والخلاف كان على أولوية المرور.
وشكر جنبلاط الجيش على ما قام به وكتب على «تويتر»: «حملات التشهير والتزوير وصلت أمس إلى حدود الشغب والتحدي على طرقات الجبل».
وأضاف: «أشكر الجيش الذي فتح الطرقات واعتقل المشاغبين لكنني أوضح أن المختارة خط أحمر أياً كانت الموازين الإقليمية».
من جهته، أكّد النائب في «اللقاء الديمقراطي» هادي أبو الحسن لـ«الشرق الأوسط»، أنّه تم احتواء الوضع في الجبل وعادت الأمور إلى طبيعتها بفضل حكمة القيادة السياسية والجيش اللبناني. ومع تشديده على أن الوضع ممسوك قال: «الأمور حسمت والناس قالت كلمتها ولا خوف من تكرار ما يحصل».
وكانت قيادة الجيش أعلنت «أن مجموعة من المواطنين قامت أمس (أول من أمس) بالتجول في مواكب سيارة وإطلاق النار في الهواء بين مناطق الشوف ومعاصر الشوف والباروك والمختارة، وتدخّلت على الفور قوة من الجيش وأوقفت 25 سيارة و57 شخصاً من المشاركين في المواكب وضبطت بحوزتهم أسلحة حربية وذخائر، وسُلم الموقوفون والمضبوطات إلى القضاء المختص وبُوشر التحقيق». وجدّدت مصادر عسكرية تأكيدها لـ«الشرق الأوسط» أن الأمن خط أحمر وأي إخلال به سيتم وضع حد له كما حصل في الجبل، وذلك بالتواصل مع القيادات السياسية التي تلعب من جهتها دوراً في هذا الإطار.
وأتى ذلك في وقت أعلن عن قبول مدّعي عام التمييز القاضي سمير حمود الإخبار المقدم بحقّ وهاب، وإحالته إلى شعبة المعلومات للتحقيق وإجراء المقتضى، وبالتالي من المفترض أن تتصل به الأخيرة للحضور إليها والاستماع إلى إفادته وتحويلها مجدداً إلى حمود ليحوّلها بدوره إلى النيابة العامة المختصة التي من المفترض أن تقوم بالادعاء عليه، علماً بأن وهاب لا يتمتّع بحصانة كونه وزيراً سابقاً.
وكانت مجموعة من المحامين قدّمت إخباراً أمام النيابة العامة التمييزية ضد وهاب بجرم إثارة الفتنة والتعرض للسلم الأهلي إثر التداول بمقطع فيديو يتعرض فيه لرئيس الحكومة المكلف ووالده، ليقوم وهاب بعد ذلك بالإعلان عن قيامه برفع شكوى ضد الحريري على خلفية اللافتات التي تضمنت شتائم وتهديداً بالقتل.
واستمرت المواقف المستنكرة للتصريحات عالية السقف والتحركات في الشارع، وقال النائب في «كتلة التنمية والتحرير» هاني قبيسي، في تصريح، «إن التباطؤ في تشكيل الحكومة ضرر للبنان وفتح باب الشارع أمام الجميع، وهذا ما يعرض لبنان للخطر، وهذه المسألة على الجميع تلافيها». وأضاف: «ما جرى في اليومين الماضيين يدل أن الشارع غير منضبط ومتفلت، وهذا يفتح باباً خطراً على الساحة اللبنانية نحن في غنى عنه»، مؤكداً أن «العلاج الوحيد للاستقرار السياسي والاجتماعي في لبنان هو تشكيل حكومة وحدة وطنية، حكومة وفاق وطني يتمثل فيها كل الأطياف والكتل والأحزاب في البلد».