بعد أن دعا الزعيم وليد جنبلاط إلى الإعتراف بقوّة فريق الممانعة والرضوخ لشروط حزب الله تجاوباً مع منطق القوّة وميزانها بتوزير سُني من الستة الذين جمعهم حزب الله وجعل منهم كتلة وازنة في الساحة السنية وقدراً فرضته نتائج الانتخابات النيابية ولا مناص من الاعتراف بحقها في التمثيل سواء كان الاعتراف طوعياً أو قسريّاً لا همّ في ذلك مادامت معايير التأليف خاضعة لرغبة وموافقة حزب الله لا الجهات الأخرى ممن منحها القانون حق التأليف وحق الموافقة.
لقد ضاع الحقّان وما عادت الحقوق مصدراً أو معياراً باعتبار أن الواقع الفعلي هو مصدر القوانين الموجبة للتنفيذ وما عدا ذلك مجرد ألعاب بهلونية يقوم بها هذا التيّار أو ذاك ممن أتقن فن النط على حبال حزب الله ليدرك الفوز بما أتيح له من فرصة استمرار في السلطة تبعاً لأدوار موضوعة باتقان ولا يمكن مخالفتها والاّ توقف التياران عن النط والتغى دورهما كفاعلين في التركيبة الحكومية.
إقرأ أيضًا: وجيه قانصوه والماركسية الشيعية
في العودة الى أبي تيمور ومزاجه المرتفع نحو التسليم بغلبة الحزب قرع أمس وعلى خلفية السب والشتم الجاهلي لوئام وهاب والذي أصاب مقتلاً في الشارع السني جرس الانذار المبكر لعودة جنود الوصاية السورية الى الساحة اللبنانية من خلال الفتن الداخلية التي يراد منها زعزعة الاستقرار في لبنان وزرع بزور الحروب المتنقلة بين المناطق ولو برشق الحجارة وتكسير السيارات وقطع الطرقات.
إن قرع وليد جنبلاط لخطر زمور الفتنة من بوق وهاب وإدانته الشديدة له وتبرئة الجبل وأهله من لسان وئام المسموم عكس مخاوف الحزب التقدمي من عودة الشحن الطائفي والمذهبي الى مستوياته الأولى بعد أن تمّ تخفيض درجة حرارته الى ما يقارب الصفر من خلال تفاهمات أثلجت صدور اللبنانيين وبنت عليها استقراراً مطمئناً لأمنهم الاجتماعي .
إقرأ أيضًا: اذا كان حزب الله القفل الحكومي فمفتاح الحلّ بري
طالما أن المتصدين والمتصدرين الآن للخطابات المشحونة هم من تلاميذ النظام السوري كما يضمر وليد جنبلاط وكما حذّر منهم ومن أدوارهم الآيلة الى سقوط الأمن في قبضة الشارع تلبية لأوامر معطاة من مملوك وغيره من المشغلين لأبواق الفتن اللبنانية يصبح الدفع باتجاه تغليب مصلحة الأمن على المصالح الأخرى وهذا ما يوجب على الحريصين حماية اللبنانيين من فخوخ الفتن ماظهر منها وبان على ألسنة تابعي النظام السوري وما بطن منها وما هو متصل ومتعلق بأزمة التأليف الحكومي والتي تستلزم كي تبصر النور الرضوخ لشروط الأكثرية المطلقة لفريق الممانعة وخضوع العمل الحكومي كما التأليف لمرجعية الحزب الصالحة ويبدو أن تغاضي الحزب أو تسليمه مقاليد وزمام أمور الحكومة للحلفاء نتيجة تواضعه كما عبّرت قيادة الحزب لم يعد موجوداً وثمّة رعاية مباشرة للحزب للعمل الحكومي وما عاد التلزيم يجدي نفعاً طالما أن الوكلاء قد حادوا عن جادة الطريق ولم يلتزموا بما ألزموا أنفسهم به من خلال التفاهمات المسبقة مع الحزب و التي تفرض الالتزام بطاعة الحزب حيث يوجب و يقرر ذلك.
إقرأ أيضًا: سيد الضاحية سيد الطائف والطوائف
ليس صدفة خروج جنبلاط هو وحزبه وجبله وطائفته عن الصمت ليصرّح ضدّ من يقف وراء الوزير وئام وهاب الذي لم يطلق موضة جديدة في السب السياسي كعادته والتي كانت تلاقي ضحكاً من جنبلاط أو عدم الاكتراث له ولها وانما أطلق صيحة سياسية محفوفة بمخاطر طائفية تريد تحريك الشارع الاسلامي بحدّة عالية لقتل ما فيه من أمن ومن اغتيال لنعمة الاستقرار في ظل أزمات مكثفة من السياسة الى الاقتصاد.
هنا أثبت جنبلاط حرصاً على الأمن باعتباره مسؤولية الكبار في حين أن الصغار يعبثون به وهو الذي رفض الردّ على إهانات شخصية له ليس عجزاً كما يصف الكثيرون ولكن حرصاً على السلامة العامة وحفظاً لطائفة باتت من وراء التهجم على شخصه أكثر التفافاً على المختارة و أكثر حضناً و حصناً وهذا ما يحتاجه جنبلاط من فرصة لحشد كل الطائفة الموحدة خلف زعامته وهذا ما توفره له الخطابات الرنّانة.