إستقبل موقع لبنان الجديد والمركز العربي للحوار والدراسات الباحث السياسي الدكتور رضوان السيد، ضمن فعاليات الندوة الأسبوعية التي يقيمها المركز والموقع.
ورحب رئيس المركز الشيخ عباس الجوهري بالدكتور رضوان السيد، حيث تلا كلمة إفتتاحية عبّر فيها عن قلقه على الوضع العربي الحالي ، واصفاً إياه بالتعيس.
وقال الجوهري: "نحن الآن نشهد قمة التوتر الحاصل والذي يبشر بالهوان في العالم العربي "ف" نحن العرب في أتعس حالاتنا".
وأضاف الشيخ الجوهري "تلمّس العرب خيراً بانتصار الثورة الإسلامية في إيران، لكن بعد ٤٠ عاماً جعلت تصرفات إيران العرب يستعينون بالشيطان كالمستجير من الرمضاء بالنار".
وأكد أن " إيران للأسف تحاول الإستقواء والإستعلاء على محيطها العربي " داعياً إياها إلى " تبني لغة الحوار ".
بدوره، بدأ الدكتور رضوان السيد محاضرته مستذكراً واقعة حصلت معه مع السيد عمرو موسى ضمن فعاليات قمة ليبيا العربية التي أصرّ العقيد معمر القذافي حينها في ٢٠١٠ على عقدها في مدينة سرت لا العاصمة طرابلس، وتلاها قمة أفريقية.
وإقترح حينها عمرو موسى حوار عربي إستراتيجي مع الجوار الإسلامي ، لكن وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل إعترض على ذلك ، فاعتبر حينها عمرو موسى أن العرب في خواء إستراتيجي.
وإنطلق السيد من هذه الواقعة ليؤكد أن "هناك إتجاه لتكريس الكيانية في العالم العربي، والمأساة تتضاعف إذ أن هناك دول عربية لا تتنفس".
وإعتبر أن "النظام في لبنان متأزم منذ العام ١٩٧٥ وهو دائماً يبحث عن حامي ووسيط خارجي له، فكان الفرنسي بالبداية ثم جاء الناصري وبعده السوري، أما اليوم وفي ظل هيمنة حزب الله والوضع الإقليمي المعقد فليس هناك وسيط يتوسط بين اللبنانيين، والوضع نفسه في ليبيا وسوريا".
وأضاف الدكتور رضوان السيد أنهم الآن "يبحثون الأزمة الليبية في إيطاليا دون وجود طرف عربي، ومصر تتدخل في منطقة الحدود الليبية منعاً فقط لتسلل الإرهاب إلى داخلها. أما في سوريا فتركيا وإيران وإسرائيل يتدخلون وهم القوى البارزة في المنطقة ، حيث رفضت تركيا زيادة عدد أعضاء منصة أستانا فيما لم تفعل ذلك إيران، أما إسرائيل فتتدخل مباشرة عندما تتهدد مصالحها، ولولا الإيراني والروسي لما كان إستطاع بشار الأسد الحكم" مؤكداً أن "الأجانب من يتوسطون أزمات العالم العربي لا العرب".
وبالنسبة لإيران، رأى السيد أنها "ترى المنطقة مدى حيوي لها، فالشاه كان أيضاً يتدخل في الخليج، وهي لا تعتبر أن هناك خسائر لها في العراق واليمن لأن من يُقتلون ليسوا إيرانيين بل حلفاء لها، على عكس ما حصل في سوريا حيث سقط لها قتلى".
واعتبر السيد أن "أسلم منطقتين هما المغرب ومصر ، بعد أن قرّرت الأطراف الإقليمية في العامين الماضيين عدم التدخل في مصر"، وأكد أن "مصر والسعودية غير مقبلتان على تجديد العمل العربي أو ترميم الجامعة العربية حتى مجلس التعاون الخليجي، فلا يوجد سياسات خارجية عربية سواء على مستوى البلدان أو الجامعة العربية ولا يوجد إرادة لتجديد الجامعة العربية".
والسبب بنظر السيد هو أن "هذه الدول هي دول مُستقطبة وحالة الخواء العربي وصلت منتهاها".
ويرى الدكتور رضوان أنه "لا يوجد لدى الإيراني حجة للتدخل في العالم العربي، فإبقاء بشار الأسد في السلطة ليس سبباً معذوراً للإيرانيين ولا ما جاء في مقدمة دستورهم عن تصدير الثورات. وللأسف، نحن مشغولون اليوم أين ستتدخل إيران غداً".
وبالنسبة لتركيا، رأى السيد أن "أردوغان يكوّن ميليشيات للتدخل في المناطق الكردية بحجة الحفاظ على الأمن والسؤال لماذا لا يتواصل الأتراك مع النظام السوري في ذلك ؟!" وأكد أن "التركي لديه ميل للتفاوض حتى مع النظام السوري عبر الوسيط الروسي أما الإيراني فيعتبر أنّ له الحق في التدخل ولديه ميل للإستقلال في ذلك".
وعن القضية الفلسطينية إعتبر رضوان السيد أن "ليس هناك مبرّراً إستراتيجياً لتضييع فلسطين بحجة ملفات المنطقة الأخرى" مستذكراً واقعة حصلت معه مع السعوديين الذين "إنزعجوا من مقالي رغم دفاعي عنهم في موضوع محمد بن سلمان والسبب أني قلت أنهم يستهدفونكم لأنكم ضد صفقة القرن".
وأكد السيد أن "الإسرائيلي مستعد أن يتفاوض مع حماس لا أبو مازن" و "ضابط سوري كبير قال لي في ٢٠٠٧ أن سوريا ضد سيطرة حماس على غزة لأن ذلك سيشكل عبء عليهم حيث ستدعمهم إيران عبرنا فنصبح بمواجهة الإسرائيلي لكن الإيراني أصرّ على ذلك لكي يكون على الأرض في غزة ويكون خنجراً في رئة نظام مبارك حينها ".
أما عن المستقبل العربي ، فرأى الدكتور رضوان السيد أن "الأنظمة العربية والمعارضات هشّة لأنها موجّهة من الخارج، فالمعارضات كلها محرّكة من الخارج والأنظمة ليست متينة، وبالتالي هذه المعارضات لا تعطيك أي أمل".
وإعتبر أن "الإسلام السياسي مخيف لكنه ليس مخيف للعرب فمنهم الإخوان ومنهم الجهاديين، ولا يوجد معارضة إلا من يسمون أنفسهم إسلاميين".
لكن السيد أكّد في الوقت عينه أن "العناوين الإسلامية ليست جذابة للشباب اليوم، والإسلاميون لا يشكلون قوة تغييرية نوعية بل طلاب سلطة، فلو بشار الأسد وزّر ٣ وزراء من الإخوان في ٢٠١١ لإنتهى نصف الثورة حينها".
بالنسبة لشكل الدولة العربية ، رأى السيد أنه "لا يوجد دولة عربية في الشرق الأوسط وسوريا كانت آخر دولة عربية ، أما تجربة الجزائر فهي دليل على سوء العسكر، فلا يوجد بالمحصّلة دولة عربية متجدّدة ولا حلّ إلا بالدولة الوطنية" وأضاف "الإعتدال بحاجة إلى عدل والشباب العربي بحاجة إلى فرص الحياة والعمل، فالإحساس بالكرامة ليس قليل كما حصل في مصر ب ٢٠١٣ عندما إنتقلوا من مرحلة الخوف من الدولة إلى الخوف على الدولة" واصفاً أحداث ٢٠١١ في العالم العربي ب " النكسة الكبيرة".
أما فيما يخص الموضوع الحكومي في لبنان ، فأعلن رضوان سيد نقلاً عن مصدر في حزب الله قال له أن "الإيرانيين لا يريدون حكومة الآن ، بل يريدون تأزيم الوضع في سوريا والعراق واليمن لكي تأتي أميركا وتتكلم معهم ظنّاً منهم أن ترامب يشبه أوباما".
وختم السيد كلامه متمنياً على العرب "ترميم الجامعة العربية وصياغة سياسة خارجية عربية موحدة".