كانت الأمور طبيعية بالأمس مع تصريح النائب الوقور الحاج محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، وهو يتحدّث عن العقدة الشيعية - السّنيّة في تأليف الحكومة، فيضعها في عالم الغيب، عليكم أن تنتظروا حلاًّ سماويّاً، (أو أن ترضخوا لمشيئتنا)، ونحن قومٌ اعتدنا الانتظار، ننتظر إمامنا الغائب منذ أكثر من ألف عام. الحاجّ المسؤول عن الرّعية الشيعية أولاً، وسائر المواطنين تالياً، لا يُكلّف خاطره الالتفات لمعاناة البلد على كافة الصُّعُد بسبب تعسُّر ولادة الحكومة، المهم أنّ العقدة المستحدثة استحكمت حلقاتها ولا سبيل للفرج ، ولم يتبق سوى الدعاء والابتهال للسماء.
إقرأ أيضًا: من صورة عون الثائر المُصلح إلى صورة باسيل الطائفي المُقاول
كانت الأمور بالأمس كما قلنا طبيعية وتحت السيطرة، وعبقري الدبلوماسية اللبنانية يتنقل بخفّة وبهلوانية بين القصر الجمهوري وبيت الوسط وعين التّينة، حتى خرج السيد وئام وهاب عن طوره (كعادته دائماً)، إنّما هذه المرّة تخطّى كلّ الحدود والأعراف، فقذف والد رئيس الحكومة المكلّف الراحل رفيق الحريري بكبائر وقبائح يندى لها الجبين، لا يمكن أن يتفوّه بها سوى رعاعٍ في حانات اللهو والرذيلة، فيقذف بالبلد بأكمله إلى هاوية لا يمكن سبر أغوارها، فهي تلامس حافة الحرب الأهلية، والسؤال المُلحّ: هل كل هذا طارئ وعابر وعرضي ولا يعدو كونه خلافاً على مقعد وزاري أو ضمان "ثلث ضامن"؟
بتنا نتمنّى ذلك، إلاّ أنّ أخشى ما نخشاه أن يكون الجواب بالنفي المُعزّز بالأدلّة، وأنّ مسألة الوزير السّني- الشيعي ليست "رُمّانة بل قلوب ملآنة". وأنّ خراب البلد (منذ أن تعسّرت ولادة الحكومة) جريمة تجري عن سابق تصوُّرٍ وتصميم، وأبطالها باتوا معروفين ومكشوفين.