أكد وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي خلال استقباله وفدا من مجلس نقابة محامي الشمال أن "وزارة العدل هي وزارة القضاء والمحامين معا، الوزير يعرف أنه عابر، لكن المؤسسة باقية، وأنا ابن نقابة المحامين في بيروت. وبالتالي، لا شيء يميزني عن أي محام في لبنان سوى أني منقطع مرحليا عن مزاولة المهنة بسبب التمانع الصارخ بين وزارة العدل وممارسة مهنة المحاماة. لقد ثمنت غاليا مجيء سعادة النقيب، كما زميلي الوزير السابق رشيد درباس وبالنقباء، ومن بينهم أساتذة كبار".
ولفت جريصاتي الى "انني لقد سبق أن قلت في حفل لنقابة المحامين في طرابلس إن هذه النقابة هي مثال في الديمقراطية بالمعيار الأساس الذي هو التداول، لأني أؤمن بأن نقابة طرابلس هي أمثولة في الديمقراطية والتداول والتعايش بالمفهوم الأوسع، وهو الاشتراك بقيم مجتمعية واحدة، وبالتالي بقيم نقابية ومهنية واحدة، لأن رسالة العدالة تتمتع بكل صفات ومعايير الامتياز. لقد شاهدنا ما حدث بالأمس في نقابات أخرى كنقابة الصيادلة وغيرها".
وأشار الى أنه "في طرابلس، أضحى العرف عرفا، وهو من مصادر التشريع الأكثر وثوقا وإلزاما، وهذا العرف يسمح لنا بأن نشهد لديمقراطية وتداول من نوع آخر، بحيث لا يضطر أحد الأعضاء المنتخبين في صندوق الاقتراع ان يتنحى للحفاظ على مظهر من مظاهر العيش المشترك او المشاركة".
وأكد جريصاتي أن "النقطة الثانية التي أشار اليها النقيب فهي موضوع بعض الإشكالات. وهنا، أثمن عاليا ما قاله النقيب المراد، عندما تباحثت معه في موضوع هذه الاشكالات، إذ قال لي فلنقم أولا بزيارتنا الرسمية للرؤساء الثلاث، ثم وزارة العدل. وبعدها، نتكلم في الاشكالات التي تحصل، ومنها أوضاع قصور العدل، وهي الموضوع الذي أثرته اليوم في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع من باب إثارة موضوع السجون والاكتظاظ فيها، واقترحنا ما سبق أن اقترحه النائب العام التمييزي أن تكون هناك نظارات في الثكنات العسكرية".
وأشار الى "اننا نسعى، إضافة الى الأمن، إلى أن يكون هناك أمر آخر، وهو إمكان التواصل مع السجين وأن يظل هذا السجين على علاقة مع العالم الخارجي وغير منقطع عنه أو لا سمح الله أن يكون موجودا في بيئة حاضنة للارهاب والتطرف والجريمة التي تتجذر مع الأسف داخل سجوننا. كما تحدثنا أيضا عن آفات المجتمع ودور المحامين والقضاة في مواضيع التواصل الاجتماعي، وهذا الأمر يحز في نفس رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، خصوصا في موضوع إثارة النعرات الطائفية على مواقع التواصل الاجتماعي. وتحدثنا عن النقص القانوني وأننا أعدنا مشروعا سلمناه باليد الى الحريري بناء على طلبه، انطلاقا من القانون الجديد المتعلق بالمعاملات الالكترونية، ونتجه أكثر نحو التشدد في موضوع التواصل الاجتماعي، ليس أبدا من باب قمع الحريات، إنما من باب إثارة النعرات الطائفية وتعكير صفو العلاقة بين عناصر الأمة، وهو أمر منصوص عنه في قانون العقوبات لنخصص ونشمل التواصل الاجتماعي، وهو اليوم موجود جهدا واجتهادا في قانون المطبوعات".
وأوضح "أننا شرحنا أيضا الكثير من المواضيع التي تتصل بالعدل والقضاء مثل مواضيع المخدرات والخطف والتوقيف الاحتياطي، وكان الجميع متفهما داخل المجلس الأعلى للدفاع بأنه يجب التصدي للجريمة ليس فقط بالنصوص، ولكن بتفهم أسبابها ومعالجة هذه الأسباب، وهو ما كان موضع إجماع، فلا معركة حريات في لبنان، ولا حرب على الحريات، وكل ما يثار حول هذا الموضوع هو خطأ في عهد فخامة الرئيس العماد ميشال عون الحريص الأول لأنه عانى ما عاناه من قمع خلال مسيرته السياسية والنضالية. وبالتالي، هو الحريص الأول على أن تكون الحرية سائدة حيث يجب في كل الميادين، التي يجب أن تصان عملا بالنص الدستوري".
ولفت الى أن "الاطمئنان الثاني فيتعلق بوضع القضاء في لبنان، إذ أنه بعد التشكيلات القضائية الأخيرة التي اعتمدت المداورة للمرة الأولى في تاريخ لبنان الحديث لوضع حد لبعض الجزر الأمنية أو الإمارات غير المتوجة في القضاء، والتي كانت تسمى على أسماء القضاة، طلبت من مجلس القضاء الاعلى أن يعتمد خطيا مبدأ المداورة، ما سمح بضخ دم جديد في القضاء، لا سيما "القضاء الواقف" سواء أكان النيابات العامة أم قضاة التحقيق لأنه يجب التداول بمفاصل السلطة، ومنها أيضا "القضاء الجالس" حيث قمنا بالمداورة على قدر الامكان حتى يشعر القضاة بأن لا شيء محرما عليهم أو منطقة ممنوعة عليهم".
واعتبر جرصاتي أن "لبنان كله بالنسبة إلينا يخضع لسلطة القضاء، ويبقى أيضا الإشكال في عدد القضاة، فنحن نجري المباراة، وهناك مشروع للزميل وزير العدل السابق سمير الجسر بتعيين قضاة من بين المحامين، علما بأن التجربة لم تكن مشجعة في القضاء، رغم أن المحامين هم من أشرف الناس في العدالة، لكن المحامي الذي يذهب الى هذا السلك يفترض أن يجد تبريرات لعمله، فالتجربة لم تكن مشجعة، ومجلس القضاء منقسم على ذاته في هذا الموضوع. ورغم ذلك، تمت مناقشة المشروع في مجلس النواب. وبناء على طلب الرئيس الحريري، سحب من التداول حتى إشعار آخر. كما استبعدت ايضا المساعدين القضائيين لأن التجربة لم تكن مشجعة بحسب التقارير الواردة من مجلس القضاء الأعلى".