ليست هي المرة الأولى التي يُمارس فيها حزب الله سياسة التعطيل، حتى أنه قد أضحى التعطيل السمة الأساسية التي يُوسم فيها الأداء السياسي للحزب، وهذا الإتجاه التعطيلي، إنما ناتج عن أمرين أساسيين يتمتع بهما الحزب.
الأمر الأول، هو فقدانه لأي مشروع حقيقي يقدمه للبلد، لا على المستوى السياسي ولا الإقتصادي ولا يملك أي تصوّر إصلاحي يمكن أن يجد نفسه من خلاله، شأنه بذلك شأن معظم القوى الإسلامية التي تعتمد في خطابها وأدبياتها على مجرد شعارات كبرى سرعان ما تصطدم بالواقع لتظهر حجم تهافتها وركاكتها.
إقرأ أيضًا: السيد حسن بين الحوزة والانترنت
هذا شأن حماس في غزة، وهذا شأن الإخوان المسلمين إن بمصر السيسي أو على امتداد تواجدهم، وهذا أيضاً شأن الحشد الشعبي بالعراق، والحوثيين باليمن.
الأمر الثاني، هو القدرة على التعطيل، من خلال إنتفاخ المقدّرات البشرية والعسكرية والمالية، والتي لا بد أن تُصرف في مكان ما أولاً حتى لا تُصاب هي نفسها بالصدء والتآكل وثانياً حتى يُقال لمشغليهم بأنهم موجودون وبالتالي فإن الحاجة لإستمرار تدفق الأموال هو ضرورة لا يجب أن تتأثر بالمتغيرات والمستجدات.
ما أن استدار حزب الله نحو الداخل اللبناني، تاركاً ميدانه الأساسي وجبهاته التي وُلد فيها، وتحديداً منذ 2006 والقرار 1701 والحزب لا يُجيد إلا لغة التعطيل، وبالخصوص لأي مسار يمكن أن يُساهم بوضع مدماك حقيقي لمشروع قيام الدولة.
إقرأ أيضًا: سموم حسن عليق، وعبوات ميشال سماحة
فعطّل ترسيم الحدود مع سوريا بعد الإنسحاب السوري، وعطّل سحب السلاح الفلسطيني بعد أن أُقِّر على طاولة الحوار، وعطّل إتفاق بعبدا بعد أن وقّع عليه، وعطّل إنتخابات المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وعطّل المهل الدستورية لإنتخاب رئيس جمهورية، وعطّل عمل المجلس النيابي، وعطّل طاولة الحوار، وعطّل البحث بالإستراتيجية الدفاعية، وهو مخترع ما يسمى بالثلث المعطّل، وعلى المستوى الداخلي فقد عطّل انتخابات موقع الأمين العام كل أربع سنوات،وصولاً حتى لتعطيله إنتخابات البلدية عنا بالضيعة وبالكثير من القرى.
فأمام كل ما نشهده من أداء سياسي لا يعرف إلا لغة التعطيل، فلا غرو مما نشهده هذه الأيام من تعطيل لتشكيل الحكومة، فهذا ديدنه وهكذا فقط يعرف أن يُمارس دور سياسي، فعبر كل هذه السنوات التي مرّت لم يخرج علينا حزب الله ولو لمرة واحدة ليقدّم للبنانيين حلاً لمعضلة أو مشروع قانون يسهل على اللبنانيين حياتهم، فقط وفقط ومع كل إطلالة لا نترقب إلا المزيد من العقد والمزيد من التعطيل.
وعليه فإن حزب الله يستحق وبجدارة وبدون أي منازع لقب ملك التعطيل.