وبامتناع عون والحريري عن اتّخاذ المبادرة وإعلان التشكيلة الحكومية من دون موافقة «حزب الله»، تكون كرة التعطيل قد حطت في ملعبهما، هذا في وقت يرفضان التنازل، كل لأسبابه.
وقد نجح «حزب الله» في فك التفاهم المصلحي بين عون والحريري، فبعد أن التزم رئيس الجمهورية موقفاً داعماً للرئيس المكلف عاد وتراجع الى موقع سليمان الحكيم وبات في موقع الوسيط، متخلياً عن موقفه المتضامن الذي يعني وجود جهوزية لإصدار التشكيلة الحكومية بمشاركة «الحزب» ولو من دون موافقته على توزير سنة 8 آذار.
ولقد شكل تراجع عون عن دعم الحريري وتراجع باسيل عن التفاهم على المقايضة أبلغ دليل الى أنّ فريق رئيس الجمهورية يقطع الطريق على أيّ حلّ قد يأتي على حسابه، وهو ابلغ هذا الامر الى «حزب الله»، مشدّداً على التمسك بعدد الوزراء الذي حصل عليه في التشكيلة الحكومية التي كان يفترض اصدار مراسيمها.
ويتخوّف كل من عون والحريري من إمكان انتقال «حزب الله» الى خوض معركة أُخرى في حال تمّت الموافقة على تمثيل سنة 8 آذار، أو مَن يسمّونه، أي معركة الحقائب، وتصل الخشية الى امكان أن يطلب هؤلاء حقيبة مهمة سيادية أو خدماتية ما يعني بقاء العقدة الحكومية على حالها، لا بل انتقالها الى مرحلة تزداد تعقيداً.
في مرحلة عضّ الاصابع هذه، يسلك الحريري نهج التشدد، حيث ابلغ الى عون وبري في يوم الاستقلال أنه لا يمكن أن يتراجع عن رفضه توزير سنة 8 آذار من حصته، ولهذا رفض استقبال هؤلاء وهو يتمسك برفض الالتقاء بهم لأنّ مجرد قبوله اللقاء يعني اعترافه بهم كتلة نيابية، وبالتالي الاعتراف بحقهم في التمثيل الوزراي. وتقول المعلومات إنّ كل الجهود التي تبذل مع الحريري في هذا الإطار لن تنجح لأن مجرد لقاء النواب السنة مجتمعين سيعني أنهم نالوا إعترافاً سياسياً وأن لهم الحق في تعطيل تأليف الحكومة.
وفي غياب أيّ احتضان سني لهؤلاء النواب، سواء من المرجعية الدينية، أي دار الفتوى، أو من القوى الوازنة، خصوصاً الرئيس نجيب ميقاتي واللواء اشرف ريفي الذي أبدى دعمه للحريري، فإنّ الأخير بات يتمتع بغطاء سني شبه كامل دينياً وسياسياً، يؤيّد رفضه توزير «سُنة حزب الله» حسبما سماهم الرئيس فؤاد السنيورة.
أما بالنسبة الى عون فهو يرفض أن يدفع ثمن توزير النواب السنة، في سياق سعي «حزب الله» الى كسر أحادية زعامة الحريري، وقد نقل عن عون أنه لن يقبل بوزراء ودائع من ضمن حصته أو حصة «التيار الوطني الحر»، مع إبداء المرونة إذا ما قرّر النواب السنة أن يُسمّوا إسماً يمثلهم، وأن يكون هذا الإسم من حصته لكن ليس كوديعة بل كوزير دائم في هذه الحصة، وهذا الطرح يعني العودة الى القبول بالتبادل مع تيار «المستقبل»، وهو ما يمكن أن يناقش بعيداً من وسائل الاعلام.
في ظلّ تعذّر السير في حكومة من دون الثنائي الشيعي وفي ظلّ صعوبة إحياء الحكومة المستقيلة لكي تفعل عملها وتنظر في برنامج اقتصادي ملح، نقل «حزب الله» أزمة تأليف الحكومة الى ملعب عون والحريري اللذين باتا في مرمى التنازل، ويبدو عون في مأزق الوقت الضائع الناتج من عدم تأليف الحكومة، فيما الحريري يقاتل لكي لا يقدّم آخر التنازلات المؤلمة.