سُجّلت على جبهة التأليف الحكومي المأزومة معاودة باسيل إطلاق محرّكات وساطته، فزار أمس رئيس مجلس النواب نبيه بري وناقش معه ثلاث أفكار لحلّ الأزمة الحكومية، معتبراً «أنّ الأهم هو الاتفاق على المبادئ أولاً». وأشار الى أنّ «الحل يجب ان يكون عادلاً ولا يمكن تشكيل حكومة بالفرض أو الرفض، بل بالقبول والتوافق، ولهذا اسمها حكومة وحدة وطنية».
ووفق معلومات وزّعها «التيّار الوطني الحرّ»، فإنّ مصادر المجتمعين اكّدت الاتفاق على ضرورة الإسراع من دون إحداث أي خلل في تشكيل الحكومة، لكي تعمل من دون زغل ونكد بل بتوافق، وانّ ذلك يقتضي تعاون المعنيين على قاعدة لا رفض في المُطلق لحق أي طرف بالمشاركة إذا كان مستحقاً، ولا فرض لأي أمر خلافاً لإرادة الرئيس المكلّف. وأشارت المصادر، الى انّ بري تمنّى على باسيل مواصلة مبادرته، وانّه على استعداد للمساعدة حتى تؤلّف الحكومة بالاتفاق بين مكوناتها على ان تكون منتجة ومتوازنة».
وعلى رغم التكتم على الافكار الثلاث، علمت «الجمهورية» انّ الفكرة الرئيسية التي ينطلق منها باسيل هي تأمين موعد بين «اللقاء التشاوري» والرئيس المكلّف لكسر حدّة التشنج بين الطرفين، اقلّه في الشكل، فيصبح النقاش في أفكار الحل اسهل، ومنها توزير واحد من خارج النواب السنّة المستقلين، يرضى عنه الجميع.
بري
وقال بري أمام زواره أمس، «إنّ الوزير باسيل طرح جملة افكار جرت مناقشتها كلها، وحول كل واحدة منها قدّمت سلبياتها وايجابياتها. وفي خلاصة النقاش بقيت ثلاث أفكار قابلة للبناء عليها، على أن تؤدي الى تحقيق الغاية المرجوة. إلاّ أن هذه الافكار تحتاج الى مراجعة لدى باسيل مع الرئيس الحريري ومع رئيس الجمهورية وكذلك مع النواب الستة».
واشار بري، الى انّه لمس لدى باسيل «نيّة طيبة ورغبة جدّية في الوصول الى حل، وانّه، اي باسيل، يأمل ان يؤدي تحرّكه الى ولادة الحكومة قبل عيدي الميلاد ورأس السنة».
وأكّد بري، انّه يريد ولادة الحكومة «أمس قبل اليوم»، إلاّ انّه لا يستطيع الجزم بحصول هذه الولادة، «إذ انّ الافكار القابلة للدرس تبقى امامها صعوبات كبرى، إذا لم يكن هناك تسهيل وتنازل من جميع الافرقاء، ومن هنا لا استطيع ان احدّد متى تولد الحكومة. وفي اي حال، توافقنا على ان يبقى التواصل مستمراً».
وسُئل بري: «هل ستتدخّل»؟ فأجاب: «بالتأكيد أتدخّل عندما تحصل هناك خطوات ايجابية معينة، لكنني الآن لا استطيع تحديد موعد لذلك».
«حزب الله»
في الموازاة، أكّدت مصادر مطلعة على موقف «حزب الله» لـ»الجمهورية»، انّ الحزب ثابت على موقفه بعدم إيداع الحريري الأسماء إلاّ بعد حل عقدة التوزير السنّي من خارج «المستقبل»، ولكن لا مانع لدى الحزب من ان يكون الإسم من خارج «اللقاء التشاوري السنّي»، شرط ان يقبل النواب السنّة الستة بهذا الحل».
وأمام هذا المشهد، قالت مصادر مراقبة: «من هنا برز التفاؤل في احتمال ولادة الحكومة قبل عيد الميلاد، لأنّ الحل بسيط ومحدّد، لكنه يحتاج الى تنازل جميع الأفرقاء».
جنبلاط
من جهته، رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، كرّر دعوته الى التسوية. وشجب التشهير بالحريري، مؤكّداً «انّ الحكومة اولوية».
حملات مُتبادلة
وعلى وقع أجواء التصعيد السياسي واستمرار الحملات الاعلامية المتبادلة بين تيار «المستقبل» والوزير السابق وئام وهاب، إنعقد اجتماع كتلة «المستقبل» برئاسة النائب بهية الحريري. وقالت الكتلة في بيان أصدرته «انّ الأبواق التي تتصدّر واجهة التطاول على الرئيس الشهيد هذه الأيام، وتتولى أمر عمليات مشبوهاً بالتحامل على الرئيس سعد الحريري، هي وليدة العقول المريضة التي لا وظيفة لها سوى التخريب على الاستقرار الوطني، وتعطيل أي امكانية لخرق الجدران المسدودة امام تأليف الحكومة».
وأكّدت الكتلة «إصرارها على التزام الموجبات الدستورية في تأليف الحكومة». وأهابت بكافة القوى السياسية «العودة الى الأصول في تأليف الحكومات والتوقف عن المحاولات المشبوهة لمحاصرة الصلاحيات المنوطة دستورياً بكل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف».
«لبنان القوي»
بدوره، تكتل «لبنان القوي» أكّد بعد اجتماعه الاسبوعي، أنّ المسعى الذي يقوم به باسيل «هو للمساعدة والوصول لحلّ، وانّه ليس طرفاً في المشكلة بل المسعى هو لحلّها». وتمنّى تأليف الحكومة في القريب العاجل، بحيث تكون حكومة بعضها لا يعطّل بعض. وطمأن الى «أنّ تصريف الاعمال لن يطول»، وقال: «انّ كل من له القدرة أو النيّة في المساعدة في الوصول الى حلول فأهلاً وسهلاً. ومستعدون للوقوف خلفه ومساعدته، والمسألة ليست مسألة تذاكي وتشاطر».
«الكتائب»
من جهته، دعا رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل الى «الإسراع في تشكيل حكومة من الاختصاصيين تُنقذ لبنان واللبنانيين من الانهيار، في موازاة حوار وطني يطرح القضايا الخلافية على طاولة البحث، للتوصل الى حل لها، ما يسمح بالتطلع الى مستقبل آمن ومستقر لأولادنا». وكرّر التمنّي على عون والحريري «أخذ هذا الاقتراح على محمل الجد وتحمّل مسؤوليتهما في هذا الخصوص».
رسالة باريس
وفي هذه الاجواء، جددت فرنسا دعوتها المسؤولين اللبنانيين الى الاسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية، والمباشرة في إجراء الاصلاحات الضرورية. وأكّد رئيسها ايمانويل ماكرون في برقية تهنئة الى عون بعيد الاستقلال، التزام بلاده «دعمها للبنان وتمسّكها بوحدته واستقلاله وسيادته وسلامة أراضيه واستقراره».
وشدّد على أهمية اعتماد لبنان سياسة صارمة في النأي بالنفس عن النزاعات التي تحوط به «لكي يبقى في منأى عن التنافس القائم بين القوى الاقليمية». واكّد وجوب «إطلاق عجلة الاقتصاد اللبناني وأن تسلك الاصلاحات الضرورية طريقها بهدف الاستجابة لحاجات كامل الشعب اللبناني». واعلن «تمسّكه الشديد بأن توضع توصيات المؤتمرات الدولية موضع التنفيذ، خصوصاً في ما يتعلق بالاصلاحات الاقتصادية التي تمّ الالتزام بها في مؤتمر «سيدر».
مجلس الدفاع
من جهة ثانية وفي خطوة لافتة، دعا الرئيس عون المجلس الأعلى للدفاع الى اجتماع استثنائي قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا. وعلمت «الجمهورية» انّ هذا الاجتماع مخصص للبحث في التطورات الأمنية عموماً، وفي ما يجري تنفيذه من خطط في المناطق اللبنانية كافة خصوصاً.
وقد دُعي الى المشاركة في الإجتماع أعضاء المجلس وهم، بالإضافة الى الحريري، وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمال والإقتصاد والعدل بالإضافة الى قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية والمدّعي العام التمييزي. ومن بين الخطط المطروحة للبحث، الخطة الخاصة بالأعياد اللبنانية لتوفير الحد الأقصى من الهدوء في مرحلة تنطلق فيها فعاليات عيدي الميلاد ورأس السنة على كل الأراضي اللبنانية بدءاً من مطلع الشهر المقبل.
حرب المولدات
وعلى صعيد المواجهة المفتوحة بين الدولة وأصحاب المولدات، سُجّل امس بدء مرحلة جديدة من خلال مصادرة أول مولّد في منطقة الحدث، خالف صاحبه القرارات ولم يلتزم تركيب العدادات.
وكشف وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري لـ»الجمهورية» انّ الوزارة «انتقلت اليوم الى المرحلة الثالثة المتمثلة بمصادرة المولدات، بعد أن تخطّينا المرحلة الأولى، وهي تسطير محاضر بلغ عددها 1500 محضر، والمرحلة الثانية التي وقّع فيها أصحاب المولدات تعهدات بتركيب العدادات ضمن مهلة محدّدة تحت طائلة المصادرة والملاحقة القانونية».
وأعلن خوري، أنّه ضمن المرحلة الرابعة، سيُفتح ملف البلديات «وسيكون لنا حديث آخر معها»، مشدداً على أنّه سيلاحق «البلديات المتقاعسة عن القيام بواجباتها، لأنها المعنيّة الأولى بتطبيق قرارات الدولة. وفي حال غضّت أيُّ بلدية النظر أو تواطأت ودعمت أصحابَ المولدات في رفض تركيب العدادات، سأبادر شخصياً الى تقديم دعوى قضائية على كلّ بلدية غير متعاونة، وهناك هيئة معيّنة في وزارة الداخلية لمحاسبة البلديات، وقد يصل بها الأمر الى حلّ مجلس إدارتها».