أقفل المجلس الدستوري الأسبوع الماضي باب الترشّح لعضوية المجلس المقبل، تمهيداً لتعيين مجلسِ جديد ينتظر تشكيل الحكومة العتيدة، على اعتبار أن أعضاء المجلس العشرة يتم تعيينهم مناصفةً بين مجلسَي النواب والوزراء، مع مراعاة الكوته الطائفية.انتهت ولاية المجلس الدستوري الحالي منذ العام 2015، إلا أنه يستمر بممارسة مهامه وفقاً للنظام الداخلي، ريثما يتم تعيين مجلس جديد.
لا يرى رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر في تأخّر تعيين مجلس جديد أي مشكلة، بل على العكس، ففي السنوات الثلاث الأخيرة، أي بعد انتهاء ولاية المجلس برئيسه وكامل أعضائه، "أثبت الدستوري أنه (شبعان من حليب إمو) عبر القرارات التي اتخذها فيما يخص سلسلة الرتب والرواتب والموازنة، أنه تحرّر من المحسوبية وتمتّع بالاستقلالية عمّن عيّنوه قبل سنوات، فليس بالإمكان التجديد لهم أو إعادة انتخابهم وبالتالي لا شيء يجبرهم على مسايرة الطبقة السياسية".
يعوّل القاضي صادر في حديثه لموقع "السياسة" على أن يُنجز المجلس الحالي النظر في الطعون الانتخابية المقدمة لديه، "فلا يجوز تعيين مجلس جديد اليوم، وكلنا يعلم كيف تكون التعيينات، قبل النظر بالطعون الانتخابية، لأن تعيين مجلس جديد قبل إتمام هذه المهمة سيُفسر في السياسة وسيُتهم بأنه مجلس تم تعيينه على مقاس النظر بالطعون الانتخابية". ويصف ذلك بالفضيحة الكبرى في حال حصل.وعن الأسماء المطروحة لعضوية المجلس الدستوري الجديد، والتي يتم تداولها في الكواليس السياسية، يؤكد مرجع دستوري لـ"السياسة" أن المجلس هو عبارة عن هيئة دستورية تُعيّن من السلطة السياسية، وتعتمد الأخيرة عل انتقاء "المطيع" بين هذه الأسماء لا الأكثر كفاءة.
يتحدث أستاذ القانون في جامعة بيروت العربية علي مراد عن الثغرات التي تقيّد المجلس الدستوري، أو تضع العصيّ في دواليب قراراته. ويأتي في مقدمتها أنه ليس لدى المجلس فريق عمل كافٍ للنظر بالمهام الملقاة على عاتقه، كالنظر في الطعون الانتخابية، الأمر الذي يحتاج لجهد إضافي في ظلّ قانون انتخابات جديد يفرض آليات حسابية معينة، ومراجعة محاضر وغيرها.ويطرح المرجع ملاحظاته على الأسماء المتداولة، ويقول "معظم الأسماء المطروحة حتى الآن ليس لديها الخبرة الكاملة بالقانون الدستوري، فكل زعيم يحاول زج أسماء أزلامه في عضوية المجلس"، متمنياً "أن يبرز بين أزلام هؤلاء من يفهم بالدستور ولديه الخبرة الكافية ليتحمل مسؤولية دستورية ووطنية بهذا الحجم".
ومن الثغرات أيضاً، يعدّد مراد في حديثه لـ"السياسة" تقديم الطعون، والنظر بها. فبعد مرور شهر على وضع تقرير أولي من المجلس على القانون موضوع الطعن، يُعتبر القانون دستوري في حال عدم التوّصل لنتيجة. كما أن من الثغرات التي تعيق عمل المجلس الدستوري، اعتماد 8 أعضاء من أصل 10 نصاباً لعقد الجلسة، ما يسمح لثلاثة من أعضاء المجلس في حال كانوا محسوبين على جهة سياسية معينة تعطيل النصاب، ريثما يصبح القانون نافذاً بعد شهر من صدور التقرير الأولي.
ويشدد مراد على ضرورة إيجاد آلية تسمح للمواطن بتقديم الطعون، إذ يحصر القانون تقديم الطعون أمام المجلس الدستوري بعشرة نواب أو الرؤساء الثلاثة ورؤساء الطوائف، علماً أن المهلة المحددة للطعن بقانونٍ ما يجب تعديلها لأن هناك قوانين تحتاج لتعديل لا يمكن الطعن بها لأنه مرّ على صدورها بالجريدة الرسمية أعواماً وليس فقط 15 يوماً.
وضرورة إعادة إعطاء المجلس الدستوري الحق الذي منحه إياه الطائف وسحبته منه التعديلات الدستورية في العام 1990، وهي صلاحية تفسير الدستور، التي تجنبنا مشاكل عديدة، في بعض المواد غير الواضحة، والتي باتت بغياب صلاحية المجلس الدستوري هذه خاضعة لأهواء السياسيين، بحسب مراد.
إذاً، إصلاحات عديدة ليست في أولويات مجلس النواب اليوم، بالرغم من ضرورتها، ولعلّ أهمها تحرير رقبة المجلس الدستوري من مشنقة التعيين التي تقيّد قراراته لست سنوات، يعتقها بصدفةِ القانون تسيير الأعمال.