كانت مناسبة مناقشة مجلس الأمن الدولي لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حول تنفيذ القرار ١٧٠١، الأسبوع الماضي، لمراجعة الوضع اللبناني في كافة تفاصيله، من الوضع الحكومي، وصولاً إلى الوضع في الجنوب والسلاح غير الشرعي، وبسط سلطة الدولة على كافة اراضيها حتى حدودها المعترف بها دولياً.
الجو الدولي خلال المناقشة، وفقاً لمصادر ديبلوماسية دولية، كان هادئاً ومريحاً. فالأميركيون ومعهم الدول الأخرى الأعضاء في مجلس الأمن، اكدوا على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة، لكي لا يؤثر إنعدام التشكيل طوال هذه المدة على الإستقرار السياسي الذي يتميز به لبنان.
وتعتبر هذه الدول أنها تريد تشكيل الحكومة وعدم التأخير، لأنه كلما طالت الأمور على هذا النحو، كلما انعكس ذلك سلباً على الوضع الإقتصادي وعلى التزامات لبنان لا سيما ما يتعلق بمؤتمر "سيدر". ثم أن لبنان، في رأي الدول، وفي مقدمها الولايات المتحدة، لا يستطيع أن يتحمل المزيد من الوقت الضائع، خصوصاً في ظل هشاشة الوضع في المنطقة. وتريد الدول أن يكون هناك جدية لبنانية رسمية في التعامل مع موضوع السلاح غير الشرعي، وان تكون الحكومة الجديدة ملتزمة الإستراتيجية الدفاعية، والنأي بالنفس عن أزمات المنطقة. والمطلوب من لبنان جدية أكثر في مسألة الحفاظ على الإستقرار، مع تشديد الدول على أن الوضع الذي كان سائداً في حماية لبنان سيستمر، وهي تريد الحفاظ على كل عوامل الإستقرار من جانب لبنان.
وفي ما خصّ السلاح، سُجّل تشدد من دول، فيما دول أخرى لم تكن متشددة، لكنها طالبت بضرورة تطبيق القرار ١٧٠١. والاميركيون تحديدا طالبوا بتشكيل الحكومة في أسرع وقت، وهذا المطلب كان موضع إجماع دولي، إنطلاقاً من أن التأخير ليس لمصلحة لبنان ويؤثر سلباً عليه. وبالتالي يجب عدم خلق ثغرات في الوضع اللبناني من أجل الحفاظ على الإستقرار.
أما الروس فلم يكونوا خارج هذا السياق، لأن ما يهمهم هو الإستقرار. وتفيد أوساط ديبلوماسية في موسكو، أن روسيا لم يكن لديها اية مبادرة بالنسبة إلى الوضع اللبناني وتشكيل الحكومة تحديداً. إلا أن موسكو تسعى دائماً لدعم لبنان ومساعدته، وموقفها داعم لإستقرار لبنان وسيادته وتشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن، وهي مثل كل الدول التي يهمها لبنان، قلقة من إستمرار الأزمة السياسية، وهي تحثّ اللبنانيين على تجاوز خلافاتهم في أسرع ما يمكن، لأن إستمرار الأزمة ينعكس على الأمن والإقتصاد. وأكثر ما يقلق روسيا هو الخوف من أن يتأثر البلد على المستوى الأمني.
مع الإشارة، إلى أن روسيا لا تخاف من حصول أمر محدد، لكن مسألة الأمن والإستقرار أكثر ما تهمها. وبالتالي إن تشكيل حكومة جديدة يُريح الروس، لا سيما وأن موسكو تعتبر، بحسب المصادر الديبلوماسية، أن مرحلة التشكيل استهلكت الوقت اللازم، وهي فاقت حالياً الأشهر الستة، وأنه حان الوقت للإتفاق على تشكيل الحكومة.
وأوضحت المصادر، أن علاقة روسيا متوازنة مع كل الأفرقاء اللبنانيين وهي استقبلت سياسيين من كافة الأفرقاء في الآونة الأخيرة وستستقبل المزيد منهم طبعاً.
تُحجم الدول عن تدخل فعلي أو إطلاق مبادرة بالنسبة إلى وضع حدّ لما يعانيه لبنان من وضع سياسي مأزوم. لكنها لا تدع فرصة تمرّ، إلا وتعيد التأكيد على الإستقرار وعلى كل العوامل التي تؤدي إليه بدءا من تشكيل الحكومة. في حين تستبعد المصادر، أن يكون الوضع اللبناني محور بحث على جدول أعمال القمة الأميركية - الروسية التي ستنعقد هذا الأسبوع على هامش قمة العشرين في الأرجنتين.
وتعتقد الدول أن أمام لبنان إستحقاقات كبيرة، يجب مواجهتها ووجود حكومة قوية وقادرة هو السبيل الوحيد لتحمل هذه المسؤولية.