أنظار اللبنانيين تتجه إلى قصر بعبدا لأن مفتاح حل الأزمة الحكومية أصبح في يد رئيس الجمهورية إلا إذا كان وراء عقد تمثيل سُنّة 8 آذار أبعاد تتعدّى حدود لبنان حتى إذا حلت هذه العقدة، برزت عقدة جديدة، تماماً كما حصل بعدما أنجز الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، ورفعها بصيغتها النهائية إلى رئيس الجمهورية لإصدار مرسوم تأليفها وفق الآليات التي ينص عليها الدستور.
وعندما نقول أن مفتاح الحل في يد رئيس الجمهورية لا نقصد بذلك إحراجه بل ننطلق من مقولته انه «أم الصبي» الذي عليه التضحية لإنقاذ البلد من المخاطر الكثيرة المحدقة، نتيجة الاستمرار في تعطيل المؤسسات الدستورية وفي الفراغ في السلطة التنفيذية، ومن هذه الاعتبارات الجد مهمة والجد مؤثرة لماذا مثلاً لا يتنازل رئيس الجمهورية عن الوزير السنّي الذي يعتبره من حصته لمصلحة الحل الذي يريده حزب الله ويصر على الأخذ به مهما كانت العواقب من هذا الإصرار تكون سلبية على الجميع، بدلاً من أن يحيل الأمر إلى رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل لكي يزيد من تعقيد الأزمة بتحويله الأزمة المطروحة إلى أزمة وطنية، في حين أنه يُدرك جيداً أن ما يطالب به حزب الله خارج عن المألوف بالنسبة إلى الواقع اللبناني بكل الموازين، ويهدف إلى قلب المعادلة التي أرساها اتفاق الطائف ووثيقة الوفاق الوطني وحتى كل الأعراف القديمة والجديدة وصولاً إلى انتزاع صلاحيات رئيس الحكومة التي تنص صراحة على أنه هو من يُشكّل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية.
فهل يوافق رئيس الجمهورية على مقولة الوزير باسيل بأن عقدة تمثيل سُنة 8 آذار تتعدّى عقدة وزير بالزائد أو وزير بالناقص إلى أزمة يتوقف عليها مصير الوطن كلّه، وإذا لم يكن يقصد بكلامه ذلك، فلماذا ما زال رئيس الجمهورية ينتظر الحلول الآتية من وراء البحار ولا يقدم على حل هذه العقدة التي تؤخّر تشكيل حكومته الأولى التي يعلق عليها أوسع الآمال في إنقاذ عهده من الفشل على حدّ تعبير رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ويطلق عجلة الإصلاح السياسي والإداري والاقتصادي والاجتماعي التي وعد اللبنانيين باطلاقها بعد الانتخابات النيابية وتشكيل الحكومة.
الرئيس المكلف ردّ بصراحة على الذين يطالبونه بإيجاد حل لعقدة توزير أحد نواب سُنة 8 آذار بأن الحل ليس عنده وهذا صحيح تماماً لأنه - الرئيس المكلف- قام بما يمليه عليه الدستور واتفاق الطائف، ووضع تشكيلته الحكومية ورفعها إلى رئيس الجمهورية وهو الآن ينتظر من رئيس البلاد أن يمارس حقه الدستوري ويعقد مرسوم التأليف، أو أن يقدم التنازلات التي تُفضي إلى حلّ هذه العقدة السنية المفتعلة من حصته وليس على حساب الرئيس المكلف الذي قدم الكثير من التنازلات.