لم يظهر في الأفق، خلال عطلة نهاية الاسبوع، ايّ مؤشّر الى حل للعقدة السنّية التي تعوق ولادة الحكومة، فلا رئيس الجمهورية بكلامه عن «أم الصبي» لَمّح الى إمكان توفير هذا الحل من ضمن «حصته» الوزارية، ولا الحريري استجابَ طلب النواب السنّة الستة المُنضوين في «اللقاء التشاوري» للاجتماع به والبحث معهم في مطلب تمثيلهم في الحكومة، ولا هؤلاء النواب أنفسهم تراجعوا عن مطلبهم. ولذلك، تدخل البلاد أسبوعاً جديداً لا تلوح في أفقه ايّ مؤشرات على حلحلة قريبة.

لكنّ مصادر معينة بالشأن الحكومي قالت لـ»الجمهورية» انّ المواقف السائدة تشير الى انّ حل العقدة السنية التي تعوق الولادة الحكومية هي في عهدة رئيس الجمهورية او الرئيس المكلف، أو في عهدتهما بـ»التكافل والتضامن»:

ـ في عهدة عون إذا قرر توزير أحد النواب السنّة الستة من ضمن حصته، التي تتضمن وزيراً سنياً بادَلَه بوزير مسيحي مع الحريري.

ـ في عهدة الحريري اذا ألغى المبادلة مع عون، او اذا أبقى عليها وتخلى عن وزير آخر من حصته لمصلحة أحد نواب «اللقاء التشاوري». ولكن لم يظهر أي مؤشّر لمصلحة أيّ من هذين الخيارين لا من القصر الجمهوري ولا من «بيت الوسط»، بل انّ كل المؤشرات كانت ولا تزال تدل الى انّ عون والحريري ليسا في وارد تقديم اي تنازل لمصلحة النواب السنّة المستقلين الذين يدعمهم «حزب الله» وحلفاؤه حتى النهاية.

وقال أحد هؤلاء النواب لـ«الجمهورية» أمس ان «لا جديد طرأ في قضيتهم، وانّ القديم ما زال على قدمه بالنسبة الى مطلبهم وردّ المعنيين عليه. وأضاف انه وزملاؤه يمهلون الحريري 48 ساعة ليحدد موعداً للقاء معهم، واذا لم يحصل فلن يكون هناك من معنى لأيّ لقاء بعد هذه المهلة.

موقف «التيار»

وفي ظل التفسيرات المتعدّدة التي أعطيَت لكلام عون بشأن استعارته لكلام «سليمان الحكيم» وإمكانية أن يكون فتحاً لباب الحلّ، ربما على حسابه، قالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ»الجمهورية» إنّ «كلام عون حَمّال وجوه، ويجب ألّا يفسّر على أنه مدخل الى تسوية يمكن أن تحصل على حساب فريق واحد فقط».

وأضافت: «لقد حصل «قتال» فعلي على حصة رئيس الجمهورية، وتحديداً مع «القوات اللبنانية»، وما لم يتمّ التفريط به مع «القوات» لن نفعله مع أي أحد آخر. وبالتالي، لا مجال للتنازل عن الصلاحيات والحصة الرئاسية في أي وقت»، لافتة الى أنه «لا يمكن لرئيس الجمهورية أن يكون وحده الشريك في الحلّ، وعلى جميع «أطراف النزاع» أن يكونوا شركاء أيضاً ويقدّموا تنازلات».

وأشارت المصادر نفسها الى أنه «بين كلام عون، وكلام الرئيس المكلّف سعد الحريري عن أنه «في نهاية المطاف سنصل الى حلّ»، وقبله كلام الوزير جبران باسيل الرافض لمنطق «الاستئثار» الذي يعني به الحريري و»الفَرض» الذي يعني به «حزب الله»، يجب أن يأتي الحلّ جامعاً لكل هذه المواقف والثوابت».

وشدّدت المصادر على أنّ «موقفنا من عدم استقبال الحريري للنواب السنّة المستقلين يُختصر بموقف باسيل بضرورة الابتعاد عن الاستئثار، وفي الوقت نفسه الابتعاد عن الفَرض»، قائلة: «ليست آخر الدنيا إذا استقبل الحريري نوّاباً منتخبين من الشعب ولديهم حيثيتهم السياسية والشعبية حتى لو كان لديه اعتراض على «الشكل»، فهو أحد أطراف العقدة، ولا نضغط عليه لتغيير موقفه، لكن من الممكن أن يقول لهم موقفه مباشرة ما يُساهم في كسر جليد المسافات وربما يقرّب الحلّ».

الحريري

وكان الحريري تمنّى في تصريح مقتضَب له في «بيت الوسط»، أمس، «أن يتمّ التوصّل الى حلّ لأزمة تشكيل الحكومة»، موضحاً أنه «في نهاية المطاف أنا متأكد أننا سنصل الى حلّ، ويجب أن نصل الى حلّ، وعلى الجميع أن يَعي أنّ الدستور اللبناني هو الذي يجمعنا».

وأضاف: «بالنسبة الى مسألة التعطيل فلن أتحدّث عنها كثيراً، لعلّنا نتمكن مع الأيام من أن نجد حلّاً لها من بين الغيوم الموجودة فوق لبنان».

مصادر كنسيّة

من جهته، رأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بعد عودته من روما، أنه «لا يجوز لأحد مهما كانت الاسباب أن يعطّل تشكيل الحكومة لمطلب شخصي أو فئوي». وشدّد على «ضرورة فصل الشأن السياسي عن ملف عودة النازحين السوريين الى ديارهم».

وقالت مصادر كنسيّة لـ«الجمهورية» انّ «الفاتيكان متفَهّم عمق الأزمات التي يعيشها لبنان، وأبرزها الأزمة السياسية المتجلية حالياً بعدم القدرة على تأليف الحكومة، إضافة الى الأزمة الاقتصادية، وصولاً الى الأزمة الخطرة وهي وجود أكثر من مليون ونصف مليون نازح ولاجئ على أراضيه».

وأوضحت المصادر أنّ «الكرسي الرسولي مهتمّ بمساعدة لبنان للخروج من أزمته، لكنّ الأساس يبقى أن يساعد اللبنانيون أنفسهم في ملفات عدّة، في حين أنه سيفعل ما في وسعه لدعمه في المحافل الدولية».

مناورات إسرائيلية

من جهة ثانية، بدأت وحدات من الجيش الإسرائيلي أمس مناورات عسكرية قرب الحدود الشمالية لإسرائيل، تُحاكي سيناريوهات عدة في مواجهة أيّ هجوم، يلاحظ خلالها حركة نَشطة للمركبات العسكرية والطيران.

وقال الناطق بإسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في بيان، «انّ هذا التمرين يستمر خلال أيام الأسبوع». وأضاف: «خلال التمرين ستلاحظ حركة ناشطة للمركبات العسكرية والطيران»، لافتاً إلى أنه «قد تمّ التخطيط للتمرين مُسبقاً، في إطار خطة التدريبات السنوية للعام 2018، وهو يهدف للحفاظ على جاهزية القوات واستعدادها».

تأتي المناورات على الحدود الشمالية، فيما يواصل لواء الكوماندوس في الجيش الإسرائيلي مناورات واسعة تحاكي القتال على جبهتين مختلفتين، ضد قطاع غزة في الجنوب، و»حزب الله» في الشمال.

وكان أدرعي قد قال في بيان مساء السبت الماضي: «في هذه الأيام يواصل لواء الكوماندوس تمرينه في مناطق متفرقة من البلاد وبمشاركة وحداته الخاصة (مغلان إيغوز) و(دوفدفان)».

وأضاف: «تحاكي القوات سيناريوهات متنوعة، من بينها القتال في جبهتين قتاليتين مختلفتين في قطاع غزة في مواجهة «حماس» وفي الشمال ضد «حزب الله».

وقال انّ «التمرين يجسّد قدرات متقدمة، والتكامل بين قدرات خاصة في سيناريوهات متغيرة ومعقدة. ويهدف إلى تحسين جاهزية قوات الكوماندوس واستعدادها للقتال بنحو أفضل».

وتفقّد رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي ايزنكوت، مجريات التمرين، وتحدث مع قادة الوحدات والمقاتلين المشاركين فيه حول التحولات التي مرّ بها اللواء منذ تأسيسه قبل 3 سنوات، وعن التعاون النوعي بين الوحدات وجاهزيتها للحرب المقبلة.

وقال قائد لواء الكوماندوس العميد كوبي هيلير: «نحن في ذروة تمرين كبير بمشاركة كافة قادة الكوماندوس ومقاتليه. إنّ اللواء الذي تأسس قبل 3 سنوات، يعتبر آلية جديدة لدى جيش الدفاع توفّر حلولاً متنوعة لمختلف السيناريوهات والتهديدات».

أضاف: «القادة والمقاتلون أتمّوا المهمات، وأثبتوا مستوى مهنياً عالياً. التمرين يثبت استعداد قوّاتنا وجاهزيتها لكل سيناريو، ولمواجهة كل التحديات وجميع الأعداء».