ما قاله الرئيس المكلف سعد الحريري، لدى استقباله وفداً من غطاسي البحر، سلمه رسالة الاستقلال عن انه يأمل «بالتوصل إلى حل لأزمة تشكيل الحكومة»، مضيفاً انه «في نهاية المطاف أنا متأكد اننا سنصل إلى حل».. شكل المادة الأولى على طاولة الاهتمام لدى الأطراف المعنية بالخروج من أزمة التأليف التي الآخذة بالتحول إلى مأزق يُهدّد الاستقرار، ويفتح الطريق أمام الانهيار، وفقاً لتحذيرات النائب السابق وليد جنبلاط، عبر «التويتر».. والتي استكملها بقبوله بتوزير نائب سني من سنة المحور أو سنة المملوك (اللواء السوري علي المملوك).
وتوقفت المصادر المعنية عند عبارة على «الجميع أن يعي ان الدستور الذي هو يجمعنا»، واعتبرت ان الرئيس المكلف فتح الباب لاستمرار الأخذ والرد حول حلّ عقدة تمثيل شخصية سنية من لقاء النواب الستة السنة.. أو على الأقل، لم تغلق الحوار..
واستدركت المصادر رداً على سؤال حول ما إذا كان الرئيس الحريري في وارد تحديد موعد لأحد نواب اللقاء التشاوري، أو لاعضائه، ان لا مواعيد، على هذا الصعيد اليوم.
وإذ اعتبر مصدر قريب من 8 آذار ان الرئيس المكلف يعمل على شراء الوقت، ورد مصدر في المستقبل ان «حزب الله» ماضٍ بالتعطيل، متلطياً وراء النواب الستة من السنة، علمت «اللواء» من مصدر دبلوماسي شرقي ان الاتصالات، عبر وسطاء محليين ودوليين قائمة على قدم وساق، لتنظيم موعد لسنة 8 آذار، عبر شخص أحد النواب، للبحث في الإمكانات المتاحة للحل.
إلى ذلك، كشفت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان الاسبوع الحالي سيشهد تحركا اكثر فعالية في الملف الحكومي خصوصا ان هناك قناعة لدى الجميع انه لا بمكن للبلد الاستمرار من دون حكومة.
واشارت المصادر الى ان موقف الرئيس ميشال عون الاخير وكذلك قول الرئيس المكلف عن الدستور يؤشر الى وجود تصميم لدى الرئيسين المعنيين بتشكيل الحكومة من اجل قيام خطوة او مبادرة لكنها لم تتبلور بعد.
ورأت المصادر نفسها ان استعادة الرئيس عون لمثل سليمان الحكيم في موقفه اول من امس هو للدلالة على الحاجة الى اللجوء الى الحكمة لإيجاد الحل لان البلد لا يمكن له البقاء من دون حكومة مع العلم ان هذه الحاجة ضرورية بفعل تشبث كل فريق بموقفه ودعت الى انتظار ما قد تحمله الأيام المقبلة والمواقف التي ستعلن.
«أم الصبي»
في غضون ذلك، تضاربت المعلومات حول استمرار المسعى الذي يقوم به رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، بين قائل ان المسعى توقف أو انه ما زال مستمراً، خصوصاً بعد اعتراف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان «ازمة تأليف الحكومة لم تعد أزمة صغيرة لأنها كبرت».
وفيما لوحظ انه لم يبرز لباسيل أي تحرك مؤخراً، وهو أمضى اليومين الماضيين بين البترون حيث رعى مشروع ترميم طريق عام هناك، ومحمية أرز الشوف، من دون ان يكون له أي موقف سياسي، باستثناء الإعراب عن الأمل بأن تبصر الحكومة النور، وشكر رئيس «الحزب الاشتراكي» وليد جنبلاط لاهتمامه بالبيئة في الشوف، لفت انتباه المتابعين للأزمة استحضار الرئيس عون لرمزية «أم الصبي» في حديثه عن الأزمة الحكومية، متسائلاً بأنه «يريد ان يعرف من هي أم لبنان لكي نعطيها اياه؟»، إذ توقعت مصادر متابعة ان لا ينتظر الرئيس عون طويلاً وسيحدد موقفاً إذا طال الانتظار أكثر، لا سيما بعدما اعترف بأن الأزمة «لم تعد صغيرة»، وانه قد يكون «أم الصبي» لجهة إمكانية تقديم حلاً من حصته، فيما استغربت مصادر القصر الجمهوري الكلام عن مهل طويلة لتشكيل الحكومة، تارة إلى نهاية العام وطوراً إلى الربيع المقبل، معتبرة بأن كل هذه المواعيد كلام بكلام ولا أحد يعرف متى يتم الاتفاق.
ولم تستبعد مصادر أخرى ان يتم لقاء بين الرئيسين عون والحريري، خلال اليومين المقبلين لتقييم مسار التأليف الحكومي، في محاولة لاحداث نافذة في الجدار المسدود عند نقطة توزير النواب السنة الستة، والذين يرفض الحريري استقبالهم ككتلة، طالما ان استشارات التكليف جاء كل منهم في كتلته، في وقت طرأ تطوّر على الصعيد السني، تمثل بإعلان الوزير السابق اللواء اشرف ريفي تأييده سياسة الحريري ودعمه له بشكل كامل في مواجهة حزب الله وشروطه، وهو أمر من شأنه ان يُعيد ترتيب البيت السني ويُعزّز موقف الحريري تجاه من يقف وراء النواب السنة.
وفي السياق ذاته، اعتبر الرئيس السابق ميشال سليمان في حديث لـ«اللواء» ان استحضار الرئيس عون لرمزية «ام الصبي» موشر لولادة حكومية قريبة، لا سيما بعدما أكّد الرئيس المكلف الحريري انه «متأكد من الوصول إلى حل في نهاية المطاف».
وقال انه «يستشعر من خلال الحراك الراهن بوجود حل لتوزير أحد النواب السنة الستة أو من خارجهم، وهذه التسوية تتطلب موافقة الرئيس المكلف، مرجحاً ان يكون هذا الأمر من الوزراء الذين سيعينهم رئيس الجمهورية وليس الرئيس الحريري». (راجع نص الحديث ص 2)
«رسالة من تحت الماء»
وكان الرئيس الحريري، ألمح للمرة الأولى، منذ اندلاع أزمة توزير النواب السنة من خارج تيّار «المستقبل» إلى إمكانية وجود حل لهذه الأزمة، وان كان رفض الحديث كثيراً عن مسألة تعطيل ولادة الحكومة. وقال خلال تسلمه رسالة الاستقلال من غطاسين جاؤوا بها من تحت الماء: «أنا متأكد اننا في نهاية المطاف سنصل إلى حل»، مشدداً على «وجوب الوصول إلى هذا الحل»، داعياً الجميع إلى وعي ان الدستور اللبناني هو الذي يجمعنا، ويجب التركيز على ما يجمع، لافتاً إلى ان كل عمله في المرحلة السابقة انصب على الأمور التي تجمع.
وبغض النظر عمّا إذا كان هذا الحل الذي تحدث عنه الرئيس الحريري أو الرئيس سليمان موجود، أو لا بدّ من استحضاره، فإن مصادر مطلعة تعتقد ان عودة الحريري إلى التمسك بالتفاؤل ومحاولته بث جرعات منه، ليس إلا مجرّد ردّ على المنحى التصعيدي الذي بدا «حزب الله» ينتهجه مؤخراً، من خلال تحميل الرئيس المكلف تشكيل الحكومة شخصياً مسؤولية حل عقدة توزير نواب سنة 8 آذار، إلى حدّ التلويح بأن البديل عنه جاهز، بحسب ما ورد في «اللواء» يوم السبت الماضي.
وتعتقد هذه المصادر، ان الأمور لا تزال ضمن معركة «شد حبال» عبر ممارسة الضغوط المتبادلة، وبالتالي بقاء الحريري رئيساً مكلفاً، لكنه غير قادر على التأليف، وتؤكد مصادر مطلعة على موقف «حزب الله» ان الحزب لا يزال يسلم بأن لا بديل بالنسبة إليه عن الحريري في رئاسة الحكومة، لكنه في الوقت نفسه يتمسك بتمثيل حلفائه السنة.
وتقول هذه المصادر ان «التسوية التي توصل إليها الأطراف عام 2016 وادت إلى انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة بعلم ورضا حزب الله، ومن ثم اجراء الانتخابات النيابية، لا تزال قائمة ومعمول بها، والكلام عن بديل للحريري غير مطروح إطلاقاً، وكل ما يتم تداوله حول هذا الموضوع محاولات ضغط وتصعيد لتطويع الحريري وفرض شروط عليه، علماً ان الجميع يُدرك، بمن فيهم الحزب، انه في حال اعتذر الحريري فلن يكون من السهل إيجاد البديل أو تشكيل حكومة.
اما أوساط تيّار «المستقبل» فترد على تصعيد الحزب بقولها: «اذا كان لديهم البديل فليأتوا به»، وتضيف: «ان الحريري لن ينصاع للضغوط وهو متمسك بصلاحياته في تأليف الحكومة، ومن هنا كان تأكيده على الدستور الذي يجمع ولا يفرق، وبموقفه الرافض لتمثيل سنة 8 آذار، وهي العقدة - الورقة التي لعبوها بعدما كانت الحكومة قاب قوسين من التشكيل».
وكان نواب «حزب الله» واصلوا أمس العزف على تحميل الحريري مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة، وقال النائب حسن فضل الله، «ان المشكلة عند الرئيس المكلف فإذا كان لا يريد حلها فليتحمل المسؤولية، ولكن في نهاية المطاف ستشكل الحكومة، وتضييع الوقت الحاصل هو تضييع الوقت على اللبنانيين، ولا يأتي أحد ليرمي مسؤولياته على الآخرين».
وأكد فضل الله أننا «لن نقبل بأن تلغى نتائج الانتخابات في تشكيل الحكومة، ولن نقبل بأن نتخلى عن حلفائنا الذين كانوا معنا في الأيام الصعبة، فهم يعاقبون لأنهم كانوا معنا، لا سيما وأن حجة عدم توزيرهم هي أن هؤلاء النواب هم سنة 8 آذار أو سنة حزب الله»، متسائلا «هل تريدون أن نتخلى عنهم لأنهم معنا؟».
وقال: «إن أي تواصل أو تفاوض مع النواب السنة المستقلين يجب أن يتم باحترام، فلا يحق لأحد أن يتعامل معهم خلافا للأصول».
جنبلاط: اختلال موازين القوى
وفيما نقل عن الرئيس نبيه برّي بأنه «يفضل الصمت حيال موضوع تأليف الحكومة، مؤكداً انه ليس لديه من جديد في ما يخص هذا الموضوع، كانت لافتة للانتباه، دعوة رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ضرورة الذهاب إلى التسوية ايا كانت مرارتها «تفادياً للانهيار»، بحسب ما قال في تغريده عبر «تويتر»، والتي ارفقها بصورة لاحجار «دومينو» تحمل صوراً لشخصيات عالمية وهي تتداعى.
ولاحقاً، أوضح جنبلاط دعوته هذه بقوله لموقع «المدن» الالكتروني: «الأمور بحاجة إلى تسوية، فليتم تعيين وزير منهم (يقصد سنة 8 آذار) وتنتهي القصة، طالما ان موازين القوى لصالحهم»، مشيراً إلى انه «كان يصفهم «بسنة علي المملوك»، ولكن المعادلة السورية - الإيرانية هي التي تتحكم بالبلد، وبالتالي كلما تمّ الاستعجال في إنهاء هذه المشكلة كلما كان أفضل، لأجل الحد من الانهيار».
وإذ أبدى جنبلاط الذي لا يراهن على العقوبات على إيران و«حزب الله» باعتبار انها «أوهام»، عتبه على اعتماد مقاييس جديدة في كيفية تشكيل الوزارة، سواء بتحديد أربعة نواب لكل وزير أو تقسيم الحقائب إلى سيادية وخدماتية وغيرها، لأنها تنسف ما تبقى من اتفاق الطائف، قال: «نحن ذاهبون إلى وضع أسوأ، ولا بدّ من وقف الانهيار الاقتصادي، لأنه إذا ما انهار الاقتصاد سيسهل على المتربصين السيطرة اكثر».
وأكّد انه «ليس هناك من عيب في القبول بالتسوية وباعتراف المرء بأن المقاييس ليست لصالحه، وهذا يفرض عليه تقديم التنازل في سبيل البلد، وبالتالي لا عيب بالاقرار بانعدام موازين القوى».
وعلى الصعيد الحكومي ايضاً، اعتبر عضو التكتل الوطني النائب طوني فرنجية أن الحكومة ستبصر النور في حال حل العقدة السنية، مشيراً إلى أن التنازل الأكبر من المفترض أن يكون من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
ورداً على سؤال حول تحرك وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل لمعالجة العقدة السنية، شدد فرنجية على أن المطلوب هو تنازل لا تحرك».
واعتبر فرنجية في مقابلة مع الإعلامي جورج صليبي ضمن برنامج «وهلق شو» على قناة «الجديد»، «أن ليس هناك من يعرقل العهد إلا العهد نفسه، كما كان يعرقل عهد الرئيس السابق ميشال سليمان وعرقل رئاسة الجمهورية لمدة عامين، مشيراً إلى أننا «كنا نأمل أن يضمن وصول ميشال عون إلى سدة الرئاسة انتقال لبنان من شبه الدولة باتجاه الدولة القوية والمتماسكة وإصلاح المؤسسات».
ورأى أن المصالحة بين تيار «المرده» وحزب «القوات اللبنانية» هي أكثر محطة إيجابية حصلت في الفترة الأخيرة، معتبراً أن من ضحّى أكثر هو سليمان فرنجية بالمسامحة والمصالحة.
وأوضح فرنجية أن الحل، من وجهة نظره، يكمن بتشكيل حكومة تكنوقراط أو حكومة أقطاب، لكن أمام التحديات الموجودة يجب أن تكون حكومة وحدة وطنية.
مناورات معادية
على صعيد آخر، بدأت وحدات من الجيش الإسرائيلي، أمس، مناورات عسكرية بالقرب من الحدود الشمالية لإسرائيل تحاكي عدة سيناريوهات في مواجهة أي اعتداء، يلاحظ خلالها حركة نشطة للمركبات العسكرية والطيران.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في بيان «يبدأ ظهر اليوم(أمس) تمرين عسكري في شمال البلاد يستمر خلال أيام الأسبوع».
وأضاف أدرعي «خلال التمرين ستلاحظ حركة ناشطة للمركبات العسكرية والطيران»، لافتا إلى أنه «قد تم التخطيط للتمرين مسبقا في إطار خطة التدريبات السنوية للعام 2018 ويهدف للحفاظ على جاهزية واستعداد القوات».
تأتي المناورات على الحدود الشمالية فيما يواصل لواء الكوماندوز في الجيش الإسرائيلي مناورات واسعكةتحاكي القتال على جبهتين مختلفتين، ضد قطاع غزة في الجنوب، وحزب الله اللبناني في الشمال.
وقال قائد لواء الكوماندوز العميد كوبي هيلير أن»القادة والمقاتلون أتموا المهام وأثبتوا مستوى مهني عالي. التمرين يثبت استعدادها وجاهزيتها لكل سيناريو ولمواجهة كل التحديات وجميع الأعداء».