الحادث المؤلم يوم أمس في البقاع والذي ذهب ضحيته هؤلاء الشبان وهم في ريعان شبابهم سيمر مرور الكرام لأن هذا الشعب هو الذي يختار موته وهو الذي يختار واقعه
الحادث المؤلم الذي هزّ الرأي العام اللبناني والذي ذهب ضحيته عدد من الشبان وعدد كبير من الجرحى يضاف إلى سجل حوادث السير التي تحصل في لبنان يومياً من أقصاه إلى أقصاه وتحصد المزيد والمزيد من القتلى والجرحى بغياب كامل لمؤسسات الدولة المعنية والتي يقتصر عملها على إحصاء الحوادث اليومية وتسجيل أعداد الضحايا وقد بات هذا الخبر اليومي كأي خبر عادي يتناقله اللبنانيون كمادة إعلامية ويتناقله آخرون على التواصل الإجتماعي الذي ضج يوم أمس بمشاهد مؤلمة ومحزنة عن حادثي ضهر البيدر والبقاع.
إقرأ أيضًا: القوات اللبنانية وحزب الله تحالف أم مصالحة؟!
والدولة بمؤسساتها وأجهزتها المعنية والمسؤولة هي طبعاً غير مسؤولة، خارج صلاحيتها وخارج مسؤولياتها ، هي تنفذ القانون في مكان آخر على بائع الكعك في بيروت الذي يبحث عن رزقه على عربته الصغيرة وعلى عربة الخضار في طرابلس، أما الإستهتار بأرواح الناس على الطرقات فهو أمر ليس للقانون عليه سلطة ويمرّ كأن شيئا لم يكن، دون مساءلة دون تحقيق دون تحديد المسؤوليات في ذهنية الإهمال لشعب بأكمله.
قد يكون الحادث يوم أمس قضاءاً وقدراً ولكن ثمة من هو مسؤول وثمة من هو مخطىء، لأن في قانون السير ما يمكن أن يحدد من خلاله المسؤوليات ولكن في هذه الدولة أصبح قانون السير وسيلة من وسائل جمع المال من خلال محاضر الضبط والمخالفات فيما يفترض أن يكون هناك رقابة ومتابعة وتحقيق في مثل هذه الحوادث الدامية.
وسائل النقل العام بين البقاع وبيروت أو بين الجنوب وبيروت (الفانات تحديداً) أصبحت عبارة عن مافيات تحت سلطة النافذين في العائلات أو الأحزاب وبالتالي أصبحت خارج المساءلة مع دولة فقدت كامل صلاحياتها ومسؤولياتها لحساب هذه المافيات التي باتت بسلطتها فوق المحاسبة والقانون.
والحال هذه فإن الحادث المؤلم يوم أمس في البقاع والذي ذهب ضحيته هؤلاء الشبان وهم في ريعان شبابهم سيمر مرور الكرام لأن هذا الشعب هو الذي يختار موته وهو الذي يختار واقعه لانه شعب خارج إرادته في الحياة والحرية لأنه بصمته أختار أن تكون دولته ومؤسساته الرسمية خارج الخدمة والصلاحيات.
إنه لمن المؤسف أن يبقى الشعب ضحية الإهمال بكل أشكاله، أن يبقى الدم اللبناني رخيصاً إلى هذا الحد، أن هذه الدولة خارج إنسانيتها وأخلاقياتها وصلاحياتها.