لم يجد غانم ضيفاً يليق ببرنامجه الصاعد أفضل من هذا المُعلّق، والذي راح يوزّع شهادات بالوطنية
من إبداعات الفضائيات التلفزيونية اللبنانية خلال العقدين الماضيين فتح الفضاء لصحافيّين وإعلاميّين و"مُحلّلين استراتيجيّين" امتهنوا السّباب والقدح والذم واختلاق المثالب والافتراءات والتّجنّيات، ورغم نفور الجمهور وامتعاضه المتواصل،لم تتورّع هذه القنوات عن استقبالهم بشكلٍ دوري بحيث لا تغيب وجوههم البهيّة عن أعين المشاهدين، مع القيام بما يلزم من "تلميع" صورهم وإبراز "مواهبهم"، حتى أصبح إعلاميٌّ مغمور كسالم زهران نجماً تلفزيونيّاً يُضاهي كبار الممثلين والمبدعين، وبات مهرّجٌ يُتقن فنون الألاعيب السياسية البهلوانية وإطلاق التّهم الشنيعة جُزافاً كوئام وهّاب ضيفاً دائماً على شاشات الفتن والسخافة، والقائمة طويلة تربو على عشرات المُتسكّعين على أبواب المقاومة والممانعة، وأسماء فرسانها باتوا على كلّ شفةٍ ولسان، وآخر من التحقق بهذا النادي الصحافي حسن علّيق الكاتب في جريدة "الأخبار"، والذي كان ضيف مارسال غانم هذا الأسبوع على شاشة الMTV في برنامج "صار الوقت".
لم يجد غانم ضيفاً يليق ببرنامجه الصاعد أفضل من هذا "المُعلّق"، والذي راح يوزّع شهادات بالوطنية، وأخرى بالعمالة، حتى بلغ من السخافة والغباء وصف الرئيس الراحل بشير الجميل بالقتيل العميل، وهو غارقٌ في جهله وصلفه عن مجريات ومنعطفات والتباسات الحرب الأهلية- الإقليمية التي عانى لبنان ويلاتها لأكثر من خمسة عشر عاماً، ينبش عليق أحقاداً دفينة يسعى "مُشغّلوه" في الأخبار إخراجها للعلن، وسموماً قاتلة يُفضّلون إعادة حقنها في عقول اللبنانيّين الذين لم يُعايشوا ويلات الحرب الأهلية ومُعاناة مآسيها، وطنٌ بأكمله وقع في أتون الصراعات المسلّحة عام 1975: السلاح الفلسطيني المنفلت من عقاله، الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، الوجود السوري بآلته العسكرية واحتلالٍ مُقنّع للبلد، الميليشيات المحلّية والإقليمية، ويأتي اليوم عميلٌ صغير لينال من بعض رجالات تلك المرحلة بالقدح والذم والاستهتار بعقول من يعرفون تعقيدات الحروب الأهلية المتنقلة، والتي انتقلت بفضل من يُغدقون الأموال على صحيفة "عليق" لأكثر من بلدٍ عربي، والمأساة ما زالت فصولها تجري يومياً تحت أنظارنا، وشاهدها الخراب والقتل والتدمير والتهجير.
كان يحي بنُ خالد يقول: ثلاثة أشياء تدُلُّ على عقول أربابها: الكتاب يدُلّ على مقدار عقل كاتبه، والرسول على مقدار عقل مُرسله، والهديّة على مقدار مُهديها.