قرارات الرئيس ترامب غالباً ما هي قرارات مفاجئة وغير مدروسة وأقل ما يمكن القول أنها بعيدة كل البعد عن السياسة
العلاقات الإيرانية الأوروبية تمر بمرحلة دقيقة جداً من تاريخها في الفترة الراهنة ويبدو أن إدارة الرئيس دونالد ترامب ليس لديها تقدير واضح لتداعيات السياسة الخارجية الأميركية تجاه إيران على العلاقات بين أوروبا وإيران.
ففريق الرئيس ترامب أظهر عجزه عن تطوير رؤى صائبة وذات مصداقية على المدى القريب أو المتوسط فكيف عن المدى البعيد.
إن قرارات الرئيس ترامب غالباً ما هي قرارات مفاجئة وغير مدروسة وأقل ما يمكن القول أنها بعيدة كل البعد عن السياسة. فإن السياسة هي اتخاذ قرار بين عدد من الخيارات الممكنة بعد دراسة تداعياته والإستعداد لها وهذا قبل كل شيئ بحاجة إلى مخيال سياسي يفتقد إليه ترامب وفريقه والدليل الواضح على هذا الافتقاد هو انسحاب ترامب عن حظر جميع البلدان من بيع النفط الإيراني بعد اقراره والإعلان عنه وتحذير جميع زبائن إيران من شراء نفطها.
إقرأ أيضًا: لماذا يجب على ترامب أن يشكر إيران ؟
وهناك أدلة أخرى ومنها دفع إيران باتجاه الشرق بفعل إعادة العقوبات عليها.
فإن إحدى التداعيات المهمة لفرض تلك العقوبات هو خلق التقارب بين إيران وبين روسيا والصين أي أهم منافسي الولايات المتحدة في العالم. وفي حين يحكم العقل الإستراتيجي الأميركي بتشجيع الفصل بين إيران والروس والصين إلا أن ترامب قدّم إيران في طبق من الذهب إلى الروس والصين وطعن حليفته الأوروبية في الظهر إذ أربك العلاقات الإقتصادية بين الشركات الأوروبية وإيران وألحق خسائر هائلة لتلك الشركات التي تركت مشاريعها في إيران للشركات الصينية والروسية مخافة تلقي العقوبات الأميركية.
ويقدر حجم خسائر الشركات الأوروبية جراء انسحابهن عن مشاريعها الصناعية خاصة في مجالات النفط والغاز والسيارات والطائرات بأكثر من 200 مليار دولار.
من يملأ الفراغ الأميركي والأوروبي في إيران؟ بكل تأكيد هي الشركات الصينية والروسية.
إن العلاقات الاقتصادية لن تبنى بين عشية وضحاها والفرص تمرّ مرّ السحاب ولن تعود كثير من الفرص التي ضيّعها الرئيس ترامب.
هذا وإن حكومة الرئيس روحاني حاولت التقرب من أوروبا وحتى الولايات المتحدة بعد الحصول على الإتفاق النووي ولم تستجب لعروض الصين والروس الإقتصادية والإستثمارية المغرية وأدارت ظهرها لهما وتركزت على الغرب وعقدت صفقات كبيرة وكثيرة مع أميركا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا.
ولكن اليوم وبعد انسحاب الشركات الغربية لم يعدْ لدى إيران خيار إلا الإلتجاء إلى الشرق: الصين وروسيا والهند.