واحد من كل 50 الف رياضي في العالم يتعرض الى توقّف القلب الفجائي الذي يعتبر المسبّب الأول للوفيات لدى الرياضيين الشباب الذين تراوح أعمارهم ما بين 12 و35 عاماً، بحسب ما اثبتته الدراسات.
وفي هدف نشر التوعية بين المعنيين والرياضيين وأهلهم على هذا الموضوع والالتزام بالخطوات الطبية المناسبة التي تحدّ من الموت الفجائي، حاورت «الجمهورية» الاختصاصية في طب العائلة الدكتور مايا طوق التي قالت: « للاسف، غالباً ما تكون العوارض الاولى لهذه الحالة هي الموت. ورغم أنّ صحة الرياضي، تكون جيدّة وقد لا يشعر بأيّ انزعاج من أيّ عوارض قبل التمارين الرياضية او حتى خلالها، ليتعرّض فجأة للموت بسبب مشكلة في القلب الذي يصبح غيرَ قادر على ضخّ الدم بشكل صحيح».
في هذا الاطار، تشير الدراسات الى أنه يوجد عوامل يمكنها ان تجعل من الرياضة عاملاً مؤثراً في الموت، منها وجود مشكلات صحية في الأصل، منها الشوائب في تكوين القلب (العضلة، الصمام أو مشكلة خلقية في شرايين القلب).
كما أنّ من أكثر هذه الأمراض شيوعاً مرض اعتلال عضلة القلب الضخامي (Hypertrophic Cardiomyopathy)، والتي تعدّ المسبّب الأول للوفيات لدى الرياضيين الشباب، أو مشكلات في كهرباء القلب مثل مرض خلل التنسج البطيني الأيمن (Arrythmogenic Right Ventricular Dysplasia) ومتلازمة كيو تي الطويلة (Long QT Syndrome) ومتلازمة ولف باركينسون هوايت (Wollf Parkinson White)، وهي قائمة من الأمراض الوراثية.
وقد يحصل توقف القلب الفجائي كذلك نتيجة التهاب في عضلة القلب (myocarditis)، أو عقب تلقي ضربة قوية على الصدر أو ما يُعرف طبياً بـCommotio Cordis.
إنتبهوا الى هذه المؤشرات
لا يخفى على أحد أنّ الرياضة تعدّ من أساسيات الحياة الصحية عند الجميع، ما يفسر نصائح الاطباء المستمرة في ممارستها للوقاية من عدد من الأمراض، وخصوصاً أمراض القلب والشرايين. فكيف يمكن أن تصبح الرياضة مصدرَ قلق مَن يمارسها؟
بحسب د. طوق «الموت الفجائي لا يحدث بسبب التأثير المباشر للرياضة، وإنما لإمكانية وجود أمراض في القلب غير مشخّصة. ورغم أنّ توقف القلب الفجائي قد يكون العارض الأول لوجود مرض في القلب لدى الرياضيين، توجد بعض المؤشرات التي تشير إلى احتمال الإصابة وتشمل ألماً أو ضيقاً في الصدر، فقدان الوعي أو الإحساس بالإغماء خلال أو بعد ممارسة الرياضة، دقات قلب سريعة أو غير منتظمة.
هذه العوارض يجب أن تكون كافية للإسراع لاستشارة الاختصاصيين، وبحسب نوع المشكلة يقرر الطبيب تزامناً مع العلاج اذا كان يمكن للمصاب متابعة ممارسة أنواع محددة من الرياضة لاحقاً، أو لا».
الكشف المبكر ضرورة
للكشف المبكر اهمية كبرى لا سيما عند الرياضيين الذين تراوح اعمارهم بين 12 و 35، ويمكن أن تمتد حتّى الـ45 من العمر. وكانت وزارة الصحة العامة قد اطلقت بالتعاون مع جمعية «CHAMPS Fund» في الجامعة الاميركية في بيروت، الحملة الوطنية للتوعية على موت القلب المفاجئ لدى الشباب تحت عنوان «لتبقى قلوبكم تنبض بالحياة»، والتي ستمتد من شهر شباط الحالي لغاية آخر كانون الاول المقبل، وسيتم تنظيم بالتعاون مع عدد من مراكز الرعاية الصحية الأوّلية (35 مركزاً) في الأقضية اللبنانية كافة، محاضرات توعية وإجراء الكشف المبكر للقلب من خلال الفحص الطبي وتخطيط للقلب مجاناً للشباب من عمر 12 الى 35 سنة، إضافةً إلى إقامة جلسات تدريب على الانعاش القلبي.
وتهدف الحملة إلى الحدّ من حوادث توقف القلب المفاجئ التي تؤدي سنوياً إلى خسارة عدد من الشباب، والتوعية على استخدام آلة إزالة الرجفان القلبي وإجراء الإنعاش القلبي في حال حصول حوادث.
واختتمت د. طوق حديثها مشدّدةً على أنّ «هذه المسؤولية لا تقتصر فقط على الرياضيين أنفسهم أو على اهل الطلاب الرياضيين فحسب، بل هي من واجب المجتمع ككل بما فيه الدولة واصحاب الاندية الرياضية والمدارس وكل التجمعات الشبابية التي تقوم بالرياضة، فيجب عليهم القيام بالكشف المبكر لكل المنتمين أو المنتسبين، كذلك وجب على الاهل أن يسألوا عن هذا الكشف المبكر عند طبيب العائلة، وأن ينتبهوا بدورهم الى اولادهم في المدارس والأندية الرياضية».